الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

تفسيرات متباينة حول "سر" سرعة التكليف الفرزلي لـ"النهار": تسوية موقتة تتثبت بعود الحريري

المصدر: النهار
ابراهيم بيرم
ابراهيم بيرم
عون وبري ورئيس الوزراء المكلف مصطفى أديب
عون وبري ورئيس الوزراء المكلف مصطفى أديب
A+ A-

لا ريب أن الآلية السياسية السريعة و"الغامضة" إلى حد بعيد، والتي فرضت خلال أقل من 48 ساعة، اسم شخصية عابرة نسبيا في الفضاء السياسي الأصيل والتقليدي الدكتور مصطفى أديب، رئيسا مكلفا تأليف حكومة جديدة، وما رافقها من تزكية قوى أساسية في البلاد له، تركت فيضا من التساؤلات والتكهنات لدى شريحة واسعة من اللبنانيين للاستفسار عما إذا كان هذا الحدث الذي بدد الى حد بعيد مناخات تشاؤمية سرت في أعقاب استقالة حكومة الرئيس حسان دياب، هو نتاج تسوية أوكل إلى باريس رعايتها والوصاية عليها، واستطرادا حراسة عملية المضي بها؟ أم هو احتمال قوي فتح باب التساؤل عما اذا كان هذا الأمر عابر متحول أم أنه عبارة عن معطى ثابت يمكن التفاؤل به والبناء عليه في قابل الأيام؟
وأبعد من ذلك، كان ثمة سؤال يقفز الى الواجهة بإلحاح عن محل الرضا "الأميركي" واستتباعا السعودي، ولا سيما وأن واشنطن محتجبة عن التعليق، فيما الرياض لم تطلق أي موقف، بل نقل عنها انها لا تجد في حكومة أديب، الا نسخة طبق الأصل عن سالفتها.
ويمتد حبل التساؤلات إلى الأعمق وتحديدا اذا ما كان الاستنتاج الرائج حاليا بأن القوى السياسية قد عجزت عن اجتراح حلول وتسويات، وقبلت بـ"المبادرة" الفرنسية، فما الذي يضمن انها ستسير طائعة في مسيرة "الاصلاح" ولملمة الوضع التي تضعها باريس عبر رئيسها ماكرون هدفا أساسيا الى النهايات المنشودة؟
واستتباعا ما الذي يكفل الا يبرز من يقلب الطاولة ويعوق المسيرة، خصوصا وأن ثمة انطباعا أرسته تصريحات الرئيس ماكرون المتتالية فحواها، أنه لن يرفع عن رأس الرموز السياسية في لبنان سيف العقوبات المالية ما لم تلتزم بموجبات مبادرة الاصلاح التي يضعها في مقام "مفتاح" الحل.
انها مقدمة " محطة تسووية" مثيرة للجدل فرح بها بعض القوى، وبعثت شعورا بالخيبة والمرارة لدى البعض الآخر، ولكنها أصبحت أمرا واقعا يصعب التحلل منه.
 نائب رئيس مجلس النواب ايلي الفرزلي لديه "توصيف" وفلسفة لهذه التسوية وبمقدوره التكهن بحدودها ومآلاتها اذ يقول في تصريح لـ"النهار": ان السقف الذي أراه لهذه التسوية "الهاجمة" علينا، اصلاحات واعمار ما هدمته كارثة انفجار المرفأ في بيروت. ويرى ان مفتاح هذه التسوية هو التعايش مع "حزب الله" ودوره وموقعه في المعادلة. 
ولكن أين حدود الرضا الأميركي على هذه المبادرة وما نجم عنها سياسيا؟ يجيب الفرزلي: ثمة مظلة أميركية ولكنها على ما يبدو تحتاج الى بعض الوقت وبعض الخطوات، لكي تثبت وتصير نهائية، وبمعنى آخر تحتاج الى ان "تركب" التسوية، لتبني الادارة الاميركية على الشيء مقتضاه.
ويضيف: من البديهي القول ان ثمة في الداخل والخارج من سعى لعرقلة هذه التسوية، والحيلولة دون السير بها، خدمة لأهداف متعددة أبرزها ممارسة مزيد من الضغوط على العهد، وفرض مزيد من الحصارات حوله، فضلا عن ممارسة المزيد من عمليات ما يعتقدون أنه "خنق" لـ"حزب الله" وبيئته.
ويفترض الفرزلي ان عمر هذه "التسوية" يتراوح بين الـ4 أشهر و5 أشهر، بانتظار أن تسلك الطريق أمام عودة الرئيس سعد الحريري الى الرئاسة الثالثة، وعندها اذا صح ذلك، سنكون حكما أمام معادلة سياسية جديدة أكثر ثباتا وديمومة.
وعليه يمكن القول انها تسوية من طبيعة موقته خاضعة لاختبارات وتجارب وحسابات. 
وعن رأيه بما يقال وعما يشاع من ان ضعف النخبة السياسية الحاكمة وعجزها على اجتراح الحلول هو ما مهد الطريق لهذه المبادرة الفرنسية على هذا النحو؟
أجاب الفرزلي: هذا الاستنتاج لا يشكل عنصر مفاجأة أو انه امر جديد يستدعي الدهشة، ثمة اقرار ضمني وعلني بواقع الحال المؤسف هذا. وأنا افترض ان المشكلة هي بغياب العقول السياسية الوازنة عن الساحة، اذ كان بمقدورها في العقود الخوالي ان تدور الزوايا وترأب التصدعات وتجترح الحلول للأزمات، فلا تصل الأمور الى حد الاستعصاء، فيحضر تاليا شبح الانزلاق نحو الاحتمالات السوداء والأسوأ.
ويجدد القول بأن المطلوب بإلحاح هو اتفاق الجميع بلا استثناء على "معيار شرعي" يلتزم الجميع اللجوء والاحتكام إليه، لحل التعارضات والتباينات. هذا المعيار كان يطلق عليه في السابق "كتاب"، ثم لاحقا سمي دستورا، في حين ان البعض يذهب إلى أبعد من ذلك، عندما يتحدث عن "عقد سياسي".
ويتوقف الرئيس الفرزلي عند الذكرى المئوية الأولى للكيان ويقول: يفترض أن يكون التطور السياسي الأخير حدا بين المئوية الاولى التي انتهت لتوها والمئوية المقبلة، بما يمكن ان تنطوي عليه من وعود بوطن لا يحمله لأبنائه مشاكل واضطرابات كل عقد أو أقل من السنين.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم