ضحكتها تمسح الوحشة... هل يحقّ لفيروز الانكفاء؟

ليست أنانية مطالبة فيروز بحضور يُخفّف الاحتراق. لأنّه الحبّ، يُطالَب الحبيب بحبيبه. فكيف إن اشتدّت الظلمات وتعب القلب؟ زارها رئيس فرنسا في منزلها المختبئ خلف هدوء المكان وأشجاره. ظلّ الداخل غامضاً مثلها، خارج الضوء، وإن كانت هي في عمقه، في جوهره، في كلّيته. لقاء مغلّف بالأسئلة، ماذا قالت وماذا سمعت؟ كيف هي، أحوالها، أوجاعها، مرارتها الداخلية؟ هل كان الضيف عزاء، أم أنّ ما في القلب لا عزاء له ولا سكينة؟
ظهرت ضاحكة في الصور. ولعلّها ضحكات خاضعة للتأويل، يمكن تفسيرها وفق المُشتهى والانعكاسات. في الخلفية، لوحة وأيقونة. كاملة الحضور، كاملة الرجاء. تخشى الوباء، فتضع قناعاً حامياً. لكنّها تضحك. استطاعت الكاميرا، أو الضيف، أو اللحظة، انتزاع ضحكة من وجه تعوّد الاحتفاظ بما لديه. بدا ماكرون مزهّواً. يعلم أنّه يحظى بما لا يُتاح لغيره. اخترق العزلة وانتزع الضحكة. هذا شيءٌ من صنف الحظّ، والشاب الفرنسيّ تكرَّم بها وإن بدا أنّه مَن كرَّمها بمنحها الوسام وتفضيلها على الجميع.
ذكيّ ماكرون، سياسيّ مُحنّك، يتقن العزف على الوتر. كأنّه في لبنان يقود حملة انتخابية، ويجيد محاكاة الفئات الناخبة. مرّة بالاحتضان ولعبة النزول إلى الشارع، ومرّة بدخول منزل سفيرتهم إلى النجوم، قبل أي محطّة وأي لقاء، فينال منها الضحكات والصور والصحبة لساعة وما يزيد قليلاً. 
الاسم، مع فجر المئوية الثانية، مجد وطن. بدت فيروز احتفاء بالذاكرة والعطاء والغناء ولبنان العنيد. تعلم أنّه مُعذّب، ككيانه وإنسانه في أصقاع الأرض. صمتت، واختارت الانكفاء. هل يحقّ لها؟ لا جواب على معضلة من هذا الشكل. ضحكت لماكرون واستبدلت الكمامة بقناع بلاستيكيّ، فانتشرت الضحكة بين الناس. تلقّوا الصور على أنّها هدية شخصية. لكلٍّ أن يوزّعها وينشرها ويتغنّى بها. لبنان الذي نحبّ، هي فيروز. أملُنا العصيّ على الموت، صدق الشعور خارج المصلحة والنفعية وانتظار المقابل. العالم لا يضحك. ضحكتها تمسح الوحشة.

fatima.abdallah@annahar.com.lb
Twitter: @abdallah_fatima