الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

إقتلاع المسامير الصدئة من الأرزة؟

المصدر: النهار
راجح خوري
راجح خوري
ماكرون عند فيروز
ماكرون عند فيروز
A+ A-

هل هي بداية النهاية لهذه الطبقة السياسية المهترئة كلها، وهل تتساقط حجارة عمارة الفساد السياسي، الذي نهب لبنان وافقره ودمره، كما تساقطت ابنية المرفأ وعنابره ومنازل المواطنين في نصف العاصمة؟ هل كان من الضروري الا ينتهي هذا التاريخ المتوحش من الفساد والسمسرات والنهب وتقاسم القطط السياسية للجبنة اللبنانية، إلا بعد ذلك الزالزال البركاني الذي هزّ وجدان العالم وفي مقدمهم الدولة الفرنسية طبعاً، بحيث بات واضحاً الآن بعد زيارتي الرئيس الفرنسي، ان كل ما نشر عن تنسيق أجراه مع الرئيس دونالد ترمب وزعماء الدول الأوروبية والعربية، لفرض عملية الإنقاذ وانتشال لبنان من قاع الإنهيار، انما سيكون خوف البعض من العقوبات على الأرصدة في الخارج ؟!
كان المشهد مثيراً تماماً في الساعات الماضية، ايمانويل ماكرون الرئيس الشاب الديناميكي، يقفز من الطائرة الى بيت فيروز او الى "الحلم بوطن جميل"، ثم الى جاج زارعاً أرزة بيديه، لمناسبة مئوية دولة لبنان الكبير، ثم نازلاً تكراراً الى المرفأ متفقداً عملية البدء بإعادة البناء، سائراًعلى قدميه وسط الركام والغبار والرافعات، بينما الرؤساء عندنا والمسؤولون في لبنان يجلسون وراء أجهزة التلفزيون يتفرجون وربما يتصببون عرقاً، يضاهي تعرّق ماكرون السائر تحت شمس حارقة. 
كل مواطن لبناني كان يحترق إحراجاً، لمجرد متابعته ماكرون يجول وحيداً وليس معه رئيس او واحد من الزعماء، ولعل ما ضاعف وجع الصورة ان الناس الذين تعودوا ان يراقبوا الطائرات تحمل ابناءهم الفارين هرباً من لبنان، وقفوا أمس ودمعت عيونهم وهم يشاهدون المقاتلات الفرنسية تحلق  راسمة صورة العلم اللبناني، الذي طالما كان هناك في هذه الدولة وغيرها، من دأب على حرقه وتكسيره على رؤوس المتظاهرين! لقد شاهدت الدموع في عيون الكثيرين، ينظرون الى فوق الى علم وطنهم يجاور السماء، والى تحت حيث يقوم رئيس شاب وحيداً وشهماً ونبيلاً بزرع أرزة في جاج، والدولة تقريباً في حال من الإختناق.
ها هو العالم يقف بشخص ماكرون مع الشعب وشباب لبنان الثائر والمطالب بالإصلاح والتغيير، وها هم السياسيون الذي دمروا لبنان يضربون اخماساً بأسداس، بعدما كل ما نشر في صحيفة "الفيغارو" وغيرها، عن اتفاق كبير لإخضاع المسؤولين اللبنانيين وفرض خطة ساخنة للإصلاح عليهم، يفترض ان تفتح الباب للتغيير الحقيقي، تحت طائلة التلويح بالعقوبات طبقاً للوائح اسمية جاهزة. لوائح العقوبات الإسمية جاهزة وتتجاوز حدود النهب والفساد الى حدود قانون ماغنيتسكي، المتصل بتبييض الأموال وممارسة العنف المنهجي ضد المواطنين، وليس سراً ان هذه العقوبات اثارت الذعر فإتصل نواب منهم بباريس مستوضحاً قبل عودة ماكرون، فقيل له إما التعاون للتغيير او البدء بالخنق.
امس سمعوا الكلام مباشرة من ماكرون ومن على متن البارجة الفرنسية " لن اتساهل مع هذه الطبقة السياسية في لبنان، لا أطرح نفسي بديلاً منها، هناك انتخابات وعلى الشعب ان يفرز واقعاً سياسياً جديداً " وليس قليلاً ان يضيف "سأغيّر مساري، الشهور الثلاثة ستكون حاسمة في ما يتعلق بالتغيير في لبنان، واذا لم يحدث هذا فقد يترتب فرض إجراءآت عقابية على الطبقة الحاكمة". لهذا تركوه يتعرّق وحيداً بين الناس وجلسوا وراء أجهزة التلفزيون "يتمرمرون"، والسؤال: هل من السهل ووسط الصراعات الإقليمية وما تمليه من تحالفات ومذهبيات وطائفيات، ان يتم إقتلاع المسامير الصدئة من جذروع الأرزة اللبنانية ؟

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم