الخميس - 18 نيسان 2024

إعلان

إدارة التنوّع في التراث الإنسانيّ اللبنانيّ

المصدر: "النهار"
Bookmark
تراثنا الإنسانيّ.
تراثنا الإنسانيّ.
A+ A-
من بعد أن هوى الضميرُ الإنسانيّ في زلزال بيروت وسقط النظامُ السياسيّ اللبنانيّ الفاسد سقوطًا مروِّعًا، اتّضح للجميع أنّ نعمة التنوّع الثقافيّ تحوّلت في الاجتماع اللبنانيّ إلى لعنة أثيمة بغيضة. من الثابت أنّ الغنى التراثيّ اللبنانيّ هو ثمرةُ التنوّع في البنيان الإنسانيّ اللبنانيّ، في جميع أبعاده الثقافيّة والفكريّة والاجتماعيّة والأنتروبولوجيّة. من حقائق هذا الاجتماع أنّه مؤلَّفٌ في أصله من جماعات دينيّة التأمت على أرضه التئام الصدفة التاريخيّة، فاجتهدت لكي تحيا حياة المعايشة التفاعليّة المغنية. غير أنّ ثلاثة ضروب من الخلل أصابت اختبار المعايشة في المئويّة اللبنانيّة الأولى. الخلل الأوّل أتانا من الاضطراب الإقليميّ الجسيم ومن الصراع العربيّ-الإسرائيليّ. والخلل الثاني نشأ من صعوبة بناء الدولة العربيّة الحديثة وممّا اقترن بهذه الصعوبة من فسادٍ أخلاقيّ مُرعب في ممارسة الحكم في قرائن النظام السياسيّ اللبنانيّ. أمّا الخلل الثالث، فانبثق من التنازع الإيديولوجيّ المرير في فهم مقام الفرد الإنسانيّ وإدراك ارتباطات الشأن السياسيّ بالشأن الدِّينيّ في المجتمعات العربيّة المعاصرة. لكلّ خللٍ آثاره الجسيمة على الوطن اللبنانيّ. فالاضطراب الإقليميّ جعل اللبنانيّين ينساقون إلى الإيديولوجيات التي تناسب وعيهم الثقافيّ الجماعيّ، ويُعرضون عن تعزيز الحسّ الوطنيّ اللبنانيّ الصرف. وتعثّرُ الدولة العربيّة الحديثة أفضى بهم إلى بناء مزرعة لبنانيّة يستبيحون أرضها استباحةً فاجرة. والتباسُ مقام الفرد الحرّ في الوعي العربيّ اضطرّهم إلى التصرّف تصرّف القطعان الغنميّة التي تأتمر بإمرة السلطان الدِّينيّ والسياسيّ المؤدلج. حين تتواطأ جميع الضروب المهلكة هذه على الوطن الصغير الهشّ، لا عجب من أن تفسد الأخلاق، وتنهار القيم، وتضطرب العلاقات. ولكنّ أدهى المصائب التي أعاينها في مسلك اللبنانيّين هو التباسُ المفاهيم الثقافيّة...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم