الرحلة إلى نانت شلّالٌ ومسرح و... سرير فوق نهر المدينة

تتواصل في مدينة نانت الفرنسية تظاهرة فنية بعنوان "الرحلة الى نانت" وهي حدث سنوي يتيح للفنانين أن يحضروا من خلال تجهيزاتهم داخل المدينة وفي أحيائها القديمة والحديثة.

مدينة نانت كبعض المدن الأوروبية اليوم، تسعى الى ابتكار فضاءات ووسائل جديدة تُكسب المكان جاذبية وجمالا ليس فقط لاستقطاب السياح والمهتمين بل أيضا وأولا لإبهاج أهل المدينة أنفسهم.

هنا لا يعود الفنان هامشا أو رديفا لمكوّنات المدينة وإنما يصبح جزءا أساسيا منها. من أبرز الأعمال المعروضة اليوم شلال ماء متدفق يشكل ستارة لواجهة مسرح المدينة العريق في ساحتها التاريخية. هذا ما يكسب المكان قيمة استثنائية تجعل الجالسين في المقاهي حوله يتمتعون بهذا المشهد ويتحسسون نداوته في فصل الصيف وينظرون إليه بمتعة كما لو أنه مسرحية حية تقدم أمام أعينهم في الهواء الطلق. هذا العمل الفني المائي المبتكر يحمل توقيع الفنان ستيفان تيدي وهو الذي قال لنا "إن الاعتماد على الماء المتدفق كأداة فنية يحيي الحجارة حوله ويمنح المدينة شيئا من الحيوية والطاقة". هذا العمل هو بالفعل كذلك طالما أنه يغطي واجهة المسرح التي يتجاوز طولها 12 مترا وعرضها 14 مترا، بالإضافة الى قدرته على استقطاب سكان المدينة والآتين لزيارتها رغم أزمة وباء #كورونا.

في هذا السياق تطالعنا في المدينة أعمال كثيرة أخرى تنطلق من الهاجس نفسه، منها على سبيل المثل سرير صممه الفنان فنسان أوليني يطفو كقصة خرافية على نهر المدينة محاطا بأزهار النيلوفر ومغطى بستائر زرقاء ووردية وبيضاء كأنها تتوج السرير في رحلته المائية.

هذه التظاهرة الفنية السنوية تترك أثرها على اقتصاد المدينة من خلال استقطاب المزيد من السياح الفرنسيين والأوروبيين ومنهم بالأخص الإنكليز والاسبان. لكن هاجس التظاهرة الأساسي هو التفكير في التوفيق بين الجانب الاقتصادي والجانب الإنساني حتى لا تفقد المدينة روحها ولا تصبح صدفة خاوية، كما تحولت في العقود الأخيرة بعض المدن السياحية العريقة كالبندقية وبراغ وبرشلونة.

ما يتيح لهذا الهاجس أن يتحقّق، هو التنوّع الفنّي وتعدّد الأساليب والرؤى التي لا تعود معها المدينة فقط صروحاً ومباني أثرية، بل أيضاً أعمالاً فنية متحركة قادرة على جذب الانتباه وتحويل المكان عيداً للعين.