قبلان: بيروت أقرب من واشنطن وباريس والدوحة وطهران وأقرب من الطائف

دعا المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان اللبنانيين جميعاً إلى "الجلوس معا لنصنع لبناننا الجديد، فكفانا انقسامات ورهانات على عواصم العالم، ولتكن بيروت أقرب لنا جميعاً من بقية عواصم العالم، فبيروت في قلوبنا، وما أصابها أصاب كل اللبنانيين، وهي أقرب من واشنطن وأقرب من باريس وأقرب من الدوحة وأقرب من الطائف وأقرب من طهران، مع احترامنا للجميع".

كما دعا إلى "الذهاب فوراً إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية بأولويات وطنية، بعيداً من إشارات أو بيانات القناصل والسفارات، وإلا ضاع وطننا".

كذلك دعا إلى "نظام تكميلي للطائف أو تعديلي لهذا الطائف، الذي قد لا يبقي حجراً على حجر في هذا البلد"، معتبراً أن "ما شهدناه في انفجار المرفأ خير شاهد على فشل هذا النظام الذي يجهل المسؤول والفاعل معاً".

كلام قبلان جاء في رسالة شهر محرم الحرام ورأس السنة الهجرية لهذا العام، والتي ألقاها من مكتبه في دار الإفتاء الجعفري، وهذا بعض مما جاء فيه:

"إن البلد الآن يعيش فراغاً سياسياً مميتاً على أثر استقالة الحكومة، والمطلوب هو إنقاذ لبنان من السقوط المروع، ولا نخفي سراً إذا قلنا أن النقاش في أوزان وأطر ومكونات الحكومة اللبنانية ومشروع عملها الآن هو نقاش دولي إقليمي، والتاريخ المعاصر التجريبي صريح بأن أكثر حكومات لبنان تصنع من خلال تسويات إقليمية ودولية، لأن الداخل اللبناني السياسي للأسف إلى الآن لم يبلغ الحلم، فهو عاجز أو يعجز نفسه. والقوى السياسية غير راشدة، تعجز عن إنتاج حكومة لا شرقية ولا غربية إلا قليلاً، وهذا سبب إضافي لرد وفشل شعار الحياد والنأي بالنفس، لأننا نعيش في عالم صعب، عالم مر، عالم مليء بالذئاب، وإذا لم تكن قوياً أكلتك الذئاب.

من هنا، ومن خلال مناسبة عاشوراء الحق ضد الباطل، عاشوراء التضحية والبذل، ندعو اللبنانيين جميعاً إلى أن يكونوا عقلاء وحكماء، أدعوهم إلى الجلوس معاً لنصنع لبناننا الجديد، لنتفاهم على قضايانا المصيرية، على شراكتنا وشركتنا ومحبتنا، ومشروع دولتنا، دولة المواطنة والإنسان، كفانا انقسامات ورهانات على عواصم العالم، ولتكن بيروت أقرب لنا جميعاً من باقي عواصم العالم، فبيروت في قلوبنا، وما أصابها أصاب كل اللبنانيين، وجرحها جرح عميق وصل للقلب، وهي أقرب من واشنطن وأقرب من باريس وأقرب من الدوحة وأقرب من الطائف وأقرب من طهران، مع احترامنا للجميع. فبلدنا مأزوم، ويعيش زلازل حقيقية، وقد آن الأوان كي نعي جميعا هول الكارثة، وبخاصة من هم في سدة المسؤولية، من رؤساء وزعماء وقادة ومرجعيات، والخلاص لم يعد متاحا، ولا ممكنا، في ظل هذه الانقسامات، وهذه الصراعات، وهذه النزاعات، والحاجة أصبحت ملحة وضرورية لأن نبدأ جميعا وبعقلية جديدة نهجاً وطنياً جديداً، وتعاطياً مسؤولاً أمام مصير بلد بات في مهب الريح، ما يفرض علينا جميعاً العمل معاً من دون مواربة ولا قطب مخفية، وبخلفيات وطنية جامعة موحدة، داعمة لكل جهد يفضي إلى قيام حكومة قادرة على جمع الصفوف ولم الشمل، بعيداً عن الكيدية والتحدي والمزايدة والإسفاف.

ومن هنا نناشد وندعو إلى وقف لعبة الموت وتدمير البلد، والذهاب فوراً إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية بأولويات وطنية، بعيداً عن إشارات أو بيانات القناصل والسفارات وإلا ضاع وطننا، وما أسهل أن يضيع الوطن حين يتحول مقامرة بيد السفارات. إلى أهلنا في العالم العربي والإسلامي، ندعوهم للالتزام بأمر الله ونبيه وكتابه، بأن يخرجوا من لعبة الأمم، فلا يقتل بعضهم بعضاً، ولا يدمروا أوطانهم وإنسانهم، وإلا فإنهم يعادون الله والرسول، ويخالفون القرآن الذي دعاهم إلى أن يكونوا في سبيل الله كالبنيان المرصوص. نعم، في يوم الهجرة النبوية، والملحمة الحسينية، نقول لكل العرب ولكل المسلمين ولكل أحرار العالم لا تضيعوا القدس، واعلموا أن أي تطبيع مع العدو الإسرائيلي هو ضياع للقدس، وعداوة مع الله، ومخالفة لنبيه وقرآنه وانحياز للباطل الذي هو إسرائيل، الكيان الغاصب والهاضم لحقوق الشعب الفلسطيني المظلوم".