الخميس - 18 نيسان 2024

إعلان

ذكريات عدة اضمحلّت بعد انفجار مرفأ بيروت

ربيع الحسامي
ذكريات عدة اضمحلّت بعد انفجار مرفأ بيروت
ذكريات عدة اضمحلّت بعد انفجار مرفأ بيروت
A+ A-

يوم مشؤوم في تاريخ لبنان، والصوت الذي ما زال حتى اليوم بعد أسبوعين من الانفجار يتردد صداه في مخيّلة كل لبنان، جدران المباني لم تقوَ حتى الساعة من النهوض، وكأنه كتب عليها الحزن كما حال البلاد. أصبحنا اليوم بحاجة إلى معالج نفسي يساعدنا في الخروج من هذه المأساة التي ترافقنا، وكأننا كل يوم نستيقظ في 4 آب، يرفض هذا التاريخ أن يمحى من ذاكرتنا وكأنه ينبهنا من خطر الموت أو فقدان الأحبة.

بعد الكم الهائل من الشهداء الذين سقطوا ضحية هذا الانفجار في المناطق القريبة من المرفأ، مؤسسات أغلقت ابوابها ومتاجر تهدّمت، ومبانٍ سكانية تحوّلت ركاماً وغباراً. فغير فقدان الأحبة والأصدقاء هناك خسارة مماثلة للبعض وهي فقدان الذكريات.

شارع الجميزة المتضرر الأكبر من هذا الانفجار، أصبح سكانه مشردين، يبحثون بين الركام عن روزنامة لتمزيق تاريخ 4 آب، ليعودوا إلى منازلهم "المكنكنة"، يبحثون بين الركام على بصيص أمل يعيد لهم هذا البيت، صورة ربما من عرس الأولاد، أو حتى قطعة من التلفاز، فهذه من رائحة منزل عاشوا فيه عقوداً من الزمن. 

فلا حياة في الأحياء المنكوبة، السكان فقدوا جيرانهم، هذه الأحياء الصغيرة، حيث المبنى قرب المبنى، حيث يمكنك أن تجلس في العصرونية على شرفتك مع جارك الذي يجلس على شرفته وكأنكم في البيت نفسه، فاليوم لا ضجّة ولا عصرونيات، اليوم نكبة وسكون.


أهل الحي فقدوا الشتلات على جدران المباني، هذه الجدران التي شهدت حفلات صاخبة في ليالي الحجر، فسهر أهل المنطقة سوياً على الشرفات، اليوم أصبحوا بلا حفلات وبلا مأوى، حتى الذكريات بقيت بين ركام المباني.

استذكر الممثل والكاتب المسرحي زياد عيتاني بعد ايام من الإنفجار أموراً قد يعتبرها البعض بسيطة، لكن مثل هذه الذكريات قد تبقى مع أصحابها للأبد، لأنها الوحيدة التي ستبقى تنبض.

تتجلى صعوبة الوقف أكبر وأكثر كلما فقدت رائحة من حياةٍ سابقة قرروا أن يقتلوها بنيترات أمونيوم اشبه بإنفجار نووي، العجوز التي عادت أدراجها إلى الأحياء الضيقة لتبحث عن حذاء ابنها الذي هاجر سابقاً، والعجوز الذي يبحث عن زجاجة عطر ابنته التي فقدت بالانفجار، والشاب الذي يتصبب عرقاً وهو ينزع الركام ليتمكن من استخراج صورته مع والده المفقود تحت الركام.

ذكريات ستبقى في مخيّلة كل اللبنانيين، 4 آب يوم مشؤوم قضى على ذكريات جميلة، وخلّف وراءه ذكرى أليمة.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم