الثلاثاء - 23 نيسان 2024

إعلان

غصّةٌ وإحساسٌ بالذنب... مغتربون لبنانيون لـ"النهار" عن انفجار المرفأ: "فيلم مرعب"

المصدر: "النهار"
ترايسي دعيج
غصّةٌ وإحساسٌ بالذنب... مغتربون لبنانيون لـ"النهار" عن انفجار المرفأ: "فيلم مرعب"
غصّةٌ وإحساسٌ بالذنب... مغتربون لبنانيون لـ"النهار" عن انفجار المرفأ: "فيلم مرعب"
A+ A-

أن تكون لبنانياً فهو تحدٍ، والتحدي الأصعب هو أن تكون لبنانياً مغترباً. يتمزّق قلبك عند رؤية عائلةٍ تستجمّ في الحديقة العامة المطلة على شرفة شقتك، وأهلك في لبنان يصارعون الموت. تحترق أكثر عند رؤيتك بيروت عبر الشاشات جريحة، وأنتَ عاجزٌ عن فعل أي شيء.

انقضت مهلة الخمسة أيام التي وعدت فيها الدولة كشف التحقيقات ومعاقبة من كان وراء هذا الانفجار الكارثي. مرّ 12 يوماً على النهار المشؤوم، ولا يزال عمق الجرح كبيراً، وذكريات الحدث أليمة.

تلقى المغتربون اللبنانيون صفعة هذا الزلزال بصدمة المقيمين. ارتعشت قلوبهم، رجفت أجسادهم، بكت عيونهم وانقطعت أنفاسهم.

فهؤلاء البعيدون في الجسد، والقريبون في الروح، يجهلون في هذه اللحظة أين أهلهم، أقرباؤهم، أصدقاؤهم. هل هم في بيروت؟ هل تضرروا؟ ألا يزالوا على قيد الحياة؟ هل أصيبوا بأي مكروه؟

أسئلةٌ عدة، ازدحمت في أذهانهم، كبّلتهم وأوقفت حياتهم لساعات. هؤلاء المغتربون اكتشفوا في تلك اللحظة أنّهم فعلاً لا يزالون يحبون بلدهم الأم بالرغم من ابتعادهم منه. ساد الصمت، واشتعلت نار القلق والخوف. معلومات تضاربت في غضون دقائق، لا يستوعبها العقل. معالم الجريمة غير واضحة، ماذا يحصل؟ هل هذا حريق؟ زلزال؟ تفجير؟ عمل إرهابي؟


تحدثَت مجموعة من الطلاب المقيمين في فنلندا لـ"النهار" عن وَقْع انفجار 4 آب 2020 عليهم، فرافقتهم الغصّة والحرقة في الوقت عينه.

تلقى المغتربون اللبنانيون هذه الصاعقة المفجعة عبر هواتفهم. تضاربت المعطيات وتهافت كلّ منهم لتفقّد أحبائه. انهالت الصور عليهم من كل مكانٍ، وبدأت الاتصالات المكثفة للاطمئنان إلى الأهل والأصحاب. وفي هذا السياق، قالت الطالبة مغالي الأسمر: "اعتقدت للوهلة الأولى أنّ الحرب قد اندلعت، فرحت أبحث عن بطاقة سفر للعودة إلى لبنان". وتضيف: "حرصت على التواصل مع جميع رفاقي الذين يعيشون في بيروت وأهلي للاطمئنان إليهم جسدياً ونفسياً".

شعور بالذنب انتاب هؤلاء الشباب، بسبب عجزهم عن تقديم المساعدة في الإغاثة والتطوّع على الأرض "مش قادرين نعمل شي". وتقول الأسمر: "الحل الوحيد كان من خلال توعية الناس لتقديم المساعدة وحضّهم إلى التبرّع للجمعيات غير الحكومية من خلال وسائل التواصل الاجتماعي". 

استيقظ الشاب جوي عودي على مجموعة من رسائل التعازي الحارّة إلى لبنان من مصادر مختلفة، فراح يسأل نفسه:  "شو عم يصير، شو عم يصير". اتصل بوالديه، وتبيّن أنّهما أصيبا من جراء الانفجار واقتصرت الأضرار على الماديات.

ويقول: "في أول الأمر قلقت جداً، كنت أود معرفة حقيقة ما يحصل، لم أنفعل، فكنت تحت الصدمة، ارتحت بعد تفقّد أهلي وأصدقائي، لكنّني حتى الآن أشعر بحزن كبير، تأكدت أنّه لا عودة بعدها إلى لبنان". 

حرص عودي إلى توجيه نداء عبر "النهار" وتسليط الضوء على المفقود غسان حصروتي التي لا تزال عائلته تبحث عنه حتى هذه الساعة.

"لا أعرف وصف ماذا شعرت"، بهذه الكلمات عبّرت الطالبة سارا أبي خليل عمّا عاشته نهار الانفجار، "أنّبني ضميري وشعرت بالذنب عندما خرجت لتناول الطعام بعد أيام من وقوع الزلزال". وتتابع: لا يمكنني البقاء في لبنان نظراً لاختصاصي ووجود فرص أوسع خارج البلد.

من جهته، قال الطالب المغترب كارل صوما: "لم أستوعب ما أرى على الشاشة، اتصلت بأختي ورأيتها في سيارةٍ تحوطها الدماء، ارتحت عند تأكّدي أنّها وعائلتي على قيد الحياة، لم استوعب ماذا يحصل، هل هذا حقيقي؟ أو أعيش لحظات فيلمٍ مرعبة؟". 

أثبت اللبنانيون المغتربون أنّهم يقفون دائماً إلى جانب اللبنانيين المقيمين، إذ نشهد الآن تجمّعات في الخارج داعمة للمنظمات غير الحكومية، إلى جهود لا مثيل لها لتقديم المساعدات للعائلات المتضرّرة. كلّنا في المركب نفسه، نصارع حتى الرمق الأخير، ولن نُهزَم. 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم