الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

إطلاق المسح الميداني للأضرار... تابت: أخشى أن تذهب الأبنية التراثية ضحية جشع المستثمرين

المصدر: "الوكالة الوطنية للإعلام"
إطلاق المسح الميداني للأضرار... تابت: أخشى أن تذهب الأبنية التراثية ضحية جشع المستثمرين
إطلاق المسح الميداني للأضرار... تابت: أخشى أن تذهب الأبنية التراثية ضحية جشع المستثمرين
A+ A-

أطلقت نقابة المهندسين في بيروت عملية المسح الميداني المتعلق بالسلامة العامة في المباني المتضررة من جرّاء انفجار المرفأ برعاية محافظ مدينة بيروت القاضي مروان عبود وحضور رئيس اتحاد المهندسين اللبنانيين النقيب المعمار جاد تابت ونقيب المهندسين في الشمال المهندس بسام زيادة ورئيس بلدية بيروت المهندس جمال عيتاني والمدير العام للآثار المهندس سركيس خوري وأعضاء من مجلس نقابة المهندسين ورؤساء الفروع واللجان والروابط وحشد كبير من المهندسين. وأعلنت النقابة أن الخطوة هي "بادرة من اتحاد المهندسين اللبنانيين لوضع إطار تشاركي وطني في سبيل تحقيق مسح أولي لحماية الناس والحرص على توفير عناصر السلامة العامة".

بعد النشيد الوطني، قال المهندس راشد سركيس: "عندما يخالف المسؤول القانون ويقوم بتشريع قانون مخالفات بناء نحصد ما نحن عليه اليوم. فالكارثة التي حصلت تجعل من الواقع منعطفا يجب أن يتعلم الإنسان، كل انسان، أن يعيد تقييم حياته ليتحول الى الأفضل. فنحن لا نستطيع ان ننفصل عن تاريخنا والذي تبصمه محطات تراثية تذخر بها المنطقة التي أصابها الانفجار، فالغنى في لبنان ليس إلا في تراثه ونحن نقدم للمجتمع كمهندسين نموذجا راقيا من الأداء في سبيل تغيير وجهة القلق من النفوس الى أمل مشرق بأن لكل مواطن من يهتم ويعتني به ولو غابت عن واجبها المرجعية الرسمية المسؤولة عن ذلك".

ثم دعا النقيب تابت أولا للوقوف دقيقة صمت "على أرواح الذين سقطوا ضحية هذه الفاجعة الوطنية التي أصابت مدينتنا بيروت ومن بينهم ستة شهداء قدمتهم نقابتنا وأكثر من مئة وستين جريحا يتم معالجتهم المستشفيات".

وقال: "إنه وقت للحداد والغضب تجاه جريمة أتت نتيجة الفساد والإهمال واللامسؤولية والاستهتار بأرواح الناس. لكنه أيضا وقت للعمل. إذ، منذ اللحظات الأولى للفاجعة، وبينما كنا لا نزال نلملم أشلاء موتانا وننقل جرحانا إلى المستشفيات، نزل العديد منا إلى الأرض، أعضاء مجلس النقابة ولجنة السلامة العامة ولجنة الشباب والروابط العلمية ومهندسو بلدية بيروت وعدد غفير من المهندسين تجندوا لمعاينة الأبنية المتصدعة وتشخيص الأضرار التي تشكل تهديدا للسلامة العامة واستجابوا لطلبات المواطنين وتقدموا بالتقارير للأجهزة المختصة في بلدية بيروت من أجل اتخاذ التدابير الضرورية للحفاظ على سلامة السكان والمارة".

أضاف: "والآن، بعد مرور أسبوع على الفاجعة، أتى وقت العمل الممنهج من أجل إجراء مسح عام لكافة المناطق التي تضررت من جراء الانفجار بدءا بالمناطق الأكثر تضررا في الكرنتينا والمسلخ والمدور ومار مخايل والجعيتاوي والروم والحكمة والجميزة ثم النهر وبرج حمود والأشرفية ومار متر وزقاق البلاط والمناطق المحيطة".

وتابع: "لقد عمد محافظ مدينة بيروت إلى تكليف نقابة المهندسين بإجراء مسح ميداني متعلق بالسلامة العامة لكافة هذه المناطق، للكشف على الأضرار التي تطال هيكل الأبنية وأقسامها العامة من غلاف وواجهات وأسطح وثكنات. ونظمت النقابة فرق عمل متخصصة ووزعت المنطقة إلى مجموعة أقسام على أن يتولى كل فريق الكشف على قسم من هذه الأقسام بهدف الانتهاء من المسح الأولي في غضون أسبوعين أو ثلاثة أسابيع على الأكثر لطمأنه المواطنين وتأمين عودتهم السريعة إلى منازلهم. ويجري هذا العمل ضمن إطار تشاركي يشمل نقابة المهندسين وبلدية بيروت ووزارة الأشغال والمديرية العامة للآثار وعمداء الجامعات ويتم التعاون مع الهيئة العليا للإغاثة".

وأردف: "قبل أن أعطي الكلام لزميلي علي حناوي رئيس لجنة السلامة العامة في النقابة، أريد أن أركز على موضوعين أساسيين يرتديان أهمية قصوى في نظري:

الموضوع الأول يتعلق بالأبنية التراثية والنسيج المديني للأحياء إذ أن التجول في المناطق المتضررة يظهر بوضوح أن هذه الأبنية هي الأكثر تضررا من جراء الانفجار، خلافا للأبنية المشادة بهياكل خرسانية التي لم تتأثر كثيرا بشكل عام".

وأعرب عن خشيته "أن تذهب الأبنية التراثية التي تمثل ذاكرة المدينة ضحية جشع المستثمرين الذين يحاولون الاستفادة من الفاجعة لإزالة هذه الأبنية واستبدالها بأبراج كما حصل خلال السنوات الماضية في بعض المناطق المحيطة".

وقال: "لا بد من اتخاذ تدابير فورية لمنع حصول الكارثة، لذلك سأدعو المجلس الأعلى للتنظيم المدني في أول جلسة يعقدها إلى وضع كامل المنطقة تحت الدرس كما أدعو سعادة محافظ مدينة بيروت إلى إصدار قرار يفرض على أي مبنى انهار أو قد ينهار في المستقبل نتيجة الانفجار أن يعاد بناؤه كما كان قبل حصول الفاجعة.

الموضوع الثاني الذي يقلقني والذي ينبغي معالجته في أقرب وقت هو ضرورة الحفاظ على النسيج الاجتماعي للأحياء وتأمين عودة السكان إلى المنازل التي هجروها بسبب الانفجار. إذ سيحاول بعض المستثمرين الاستفادة من الفاجعة لإخلاء الأبنية المتضررة والتخلص من المستأجرين. ويخشى سكان هذه الأحياء الآن أن يتكرر ما حصل في وسط بيروت بعد الحرب وأن يتم تهجيرهم من منازلهم مما يشكل كارثة اجتماعية حقيقية تضاف على الكارثة التي أنتجها الانفجار".

من جهته، قال رئيس لجنة السلامة العامة والابنية الآيلة للسقوط المهندس علي حناوي: "بيروت لا تحرق ولا تغرق، تشرب الصبر وتنهض طائر فينيق. وهذا ما نجسده اليوم هنا باجتماعنا من كل نواحي الوطن جئنا نلبي النداء لبيروت قلب الوطن النابض وشريان حياته".

أضاف: "بيروت سيدتي، لقد أتى العشاق من كل جهات الأرض يلملمون جراحك، ومنهم ابناؤك المحبين المخلصين المحتشدين في هذه القاعة رغم كل الخطر المحدق بهم، فقد أنسانا مصابك مصابنا وطغى حدثك على كل حديث، أبناؤك المهندسات والمهندسون اليوم يحتشدون ليرفعوا عنك ثوبا البسك إياه الحاقدون المتخاذلون، الفاسدون، المهملون لواجباتهم الوطنية والإنسانية، أتى ابناؤك ليستبدلوا ثوبا لم تألفيه زمنا، ويعيدوا اليك الحياة بريقها واضوائها، ويحفظوا تراثك وتاريخك من الضياع في فم التنين العقاري المتلهف والمتربص والحاضر لالتهام كل الإرث التاريخي التي احتضنتيه على ضفاف شوارعك وتحديدا في تلك المنطقة من القلب".

وتابع: "اليوم سنعمل يدا بيد لإعادة الحياة إلى بيروت وتحويل الشعار الذي سنحمله فوق رؤوسنا نكبة بيروت 4 آب 2020 وفي أقرب فرصة والرهان عليكم إلى غبطة بيروت 4 آب 2021 في السنة المقبلة حين تنجز المهمة، فخسارة المال تعوض، والبناء يعاد أفضل مما كان، لكن أولئك الأبناء والامهات والشيوخ والأطفال والمهندسون الذين تفتقدهم هذه القاعة فخسارتهم لا تعوض: نسأل الله ان يحتسبهم من الشهداء ولأرواحهم ألف تحية ووفاء.

وقال: "اليوم ننطلق بعد أيام من التحضير الى ورشة العمل متسلحين بالإيمان وشجاعة وعنفوان أكثر من 600 مهندس متطوع يؤازرهم 500 مهندس من كافة الاختصاصات ينتظرون ايضا فرصة تنظيمهم، ويقتسمون على 50 مجموعة عمل يتناوبون على خدمة أهلهم وتقديم كل الدعم والمشورة لهم واضعين كل خبراتهم بتصرفهم كما بتصرف بلدية بيروت ومحافظها الأمين والهيئات الرسمية".

ولفت إلى "إننا قادمون على إنجاز مهمة تعهدات لجنة السلامة العامة بالاعتماد على خبراتكم بالقيام بها وهي الكشف على كافة الأبنية وتقييم وضعها الانشائي ومعايير السلامة العامة المتعلقة بها بعد الانفجار من خلال غرفة عمليات تعمل على تنظيم تلك المهمة. تعلمون ما عليكم القيام به ومثلما كنتم منذ اليوم الأول بين أهلكم وفي شوارع مدينتكم وقمتم بعمل رائع نسألكم استكمال هذا العمل بالطريقة المنتظمة تحت سقف نقابتكم لنكون جميعا بخدمة عاصمتنا بيروت".

وتحدث عيتاني فقال: "منذ الليلة المشؤومة التي حصلت، اتصلت بعدد من مكاتب الهندسة المعروفة مثل دار الهندسة وخطيب وعلمي ولاسكو وغيرهم، وكان هناك أكثر من 100 مهندس التحقوا بمهندسي بلدية بيروت ليل نهار لوضع جدول وخرائط مسح كل الأبنية والاولوية كانت للأبنية المتصدعة جزئيا أو كليا. وكان الشق الثاني من العمل هو تحديد الأضرار للأبنية وحجزنا مبلغا لتدعيم الأبنية التي سيحددها المهندسون وهي الخطوة الأولى التي سنقوم بها بالتنسيق مع سعادة محافظ مدينة بيروت القاضي مروان عبود ونقيب المهندسين. وسنضع من خلالكم كمهندسين متطوعين تقومون بالمساعدة، التحضيرات الأولية لتلزيم المباني للمقاولين والنظر في ما هو مطلوب اذ ان هناك أكثر من 20 بناية متضررة وهي ترزح تحت الخطر. وهنا أشكر سعادة المحافظ الذي اتخذ قرارا فوريا بمنع المرور بقرب هذه المباني".

وأضاف: "سنوحد مخزون المعلومات التي حصلنا عليها مع نقابة المهندسين لوضع خطط عمل للمرحلة المقبلة. كل شخص لا يستطيع العودة الى بيته وضعت HABITAT UN مبلغا من المال للمساعدة وهناك مساعدات كبيرة آتية من الخارج، مثلا ستقوم غرفة التجارة والصناعة بتغيير كل واجهات المحلات في المنطقة على حسابها. وبإمكان من يرغب في التصليح وعدم الدخول في الروتين الإداري القائم بإمكانه ذلك ويعوض عليه شرط ان يعيده كما كان وسيصار الى الكشف والتحقق من العمل بعد إنجازه".

وتابع: "أما بالنسبة للأبنية الاثرية، فقد وضعنا القاعدة الأساسية بالتعاون مع المحافظة والنقابة للانطلاق بتقييم الأضرار والعمل. وهنا نحتاج الى مهندسي ميكانيك وكهرباء لأن هناك الكثير من المتضررين في هذين المجالين وفي البنى التحتية. من هنا نحتاج الى جهودكم جميعا. كما أننا نحتاج الى مهندسي البيئة بحيث يمكنهم الإشراف على درس الطبيعة والبيئة وتلوث الهواء وتقييمها خلال العمل لعدم التعرض لأضرار جسدية نتيجة لذلك.

كما أشار إلى أنّه "بدأنا بنقل الركام من خلال 10 مقاولين تبرعوا بنقل الركام من خلال 50 آلية لتجميعه في عقار لإعادة فرزه، من هنا دور المهندسين البيئيين. واليوم تدخل الجيش وبدأ بالمساعدة في رفع الركام، المهم ان نصل الى داتا موحدة وخرائط ونبدأ بعدها بمرحلة الإعمار وستعود بيروت كما كانت وأحسن بعون الله".

واستهل خوري كلمته قائلاً: "نحن، بتوجيهات من معالي الوزير كنا على الأرض منذ اليوم الأول. لقد أصبنا بعقر دارنا لأن الأبنية المتضررة بمعظمها أبنية تراثية وليست عملية مبنى أو اثنين انما النسيج العمراني في المنطقة وهو نسيج عمراني واجتماعي وتراث مادي ولا مادي لأنه يشمل الناس بعاداتهم وتقاليدهم وجميع البنى التحتية التابعة للمنطقة. مهمتنا بالدرجة الأولى كمديرية عامة للآثار ان نعيد الوضع الى ما كان عليه، مع عودة جميع الأهالي. ملفنا ملف اجتماعي قبل التراثي. ونؤكد على الخروج من هذه المحنة لأن حضارة لبنان مبنية على الأزمات لأنه مقاوم يستطيع أن يخرج من الصعاب، ولا يجوز أن نكتف الأيدي بل العمل كمجموعة وفي التعاون قوة وعملنا ليس منفردا. نحن منضوون تحت سقف النقابة ومجموعة تقنية، ولدينا جامعة يتخرج منها مهندسون في الآثار بالتعاون مع قدامى الجامعة اللبنانية التي تهتم بالأبنية التراثية واليونيسكو والايكوموس والايكروم. وتواصل معنا عدد كبير من الجمعيات وكان لنا مؤتمر عن بعد لإطلاق حملة لتمويل الأبنية التراثية، بمجهودنا ومجهود الجميع لأن تراثنا ليس ملكنا بل ملك كل العالم لأن ذلك حق للإنسانية.

مستعدون كمديرية عامة للآثار للتعاون مع الجميع ونطلب من الجميع التنسيق معنا بكل تفاصيل العمل ليكون العمل متناسقا ومجهوده منتجا. ونحن مجموعة نعمل على الأرض ومؤتمنون ليكون العمل على أكمل وجه بالمفاهيم القائمة. ولن نسمح أن يقوم أي تاجر باستغلال هذا الموضوع عن طريق التسعير بالدولار. قيمة الخسائر للأبنية التراثية تتخطى 400 مليون دولار أميركي وهو رقم نتج عن الدراسة التي وضعتها المديرية".

أما عبود، فقدم التحية للشهداء وتمنى الشفاء للجرحى. وأمل أن يكون ما حصل "محطة فداء لإعادة بناء لبنان لأن البلد لن يستطيع ان يكمل كما كان". وقال: "يجب ان نعمل لبناء لبنان الجديد الذي يجب ان يبني أنقاض بيروت".

وأضاف: "منذ الدقيقة الأولى سميتها النكبة التي قد تكون فرصة لبناء لبنان الجديد من خلال إدارة إنسانية خارج الإدارة الخشبية التي تقوم على نصوص متوارثة منذ العصر العثماني. أمام هذا الواقع، نريد أن ندعم البيوت الأثرية فيقال لنا أن لا نص قانونيا يسمح لنا بذلك، ورأينا ما فعل بنا التجاذب القانوني في موضوع كيماويات المرفأ والتخبط الذي حصل وتقاذف التهم وحصدنا النتيجة التي حصلت بالانفجار المهول".

وتابع: "نحن لن نتقاذف المسؤولية ولن نقول هذا اختصاص من. علينا ان نقتحم ونسد الفراغ وإلا لن ننجح. نحن سندعم البيوت الأثرية بنص قانوني أو من دونه ومن لم يعجبه فليبلط البحر. وسنساعد الأهالي على العودة الى بيوتهم. سنساعدهم من منطلق هوية بيروت وليس ملكية العقار. ويجب ان ننظم عملية إعادة الإعمار لأن الفراغ سيولد من يريد أن يفترس بيروت من خلال هدم بيوت الآثار. بغياب الإدارة السياسية في البلد، نحن كمجتمع وكأبناء بيروت سنقوم بواجبنا على أكمل وجه لأننا في مرحلة مصيرية لأن لا فرق بين مسؤول ومواطن".

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم