لبنان بلد منكوب... ماذا بعد؟

ريتا مقدسي

"بيروت تنزف. لبنان بلد منكوب"... بهذه الكلمات وُصف حال الوطن الذي لم تكفه الأزمة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية الخانقة التي يعاني منها منذ أشهرٍ طويلة في مشهدٍ غير مسبوق، فضلاً عن جائحة كوفيد19 وتداعياتها، إلى أن وقع ما هو الأسوأ والأفظع يوم الثلثاء 4 أغسطس/آب عند الساعة السادسة مساءً: "انفجار مروّع في مرفأ بيروت هزّ العاصمة وضواحيها بأكملها"، أسفر عنه مقتل 135 شخصاً حتى هذه اللحظة، إذ لم يتم العثور بعد على المفقودين منذ تلك الساعة، وأكثر من 4000 جريح موزعين داخل مستشفيات بيروت والضواحي التي نالت نصيبها أيضاً من الأضرار.

مشهدٌ كارثيٌ والدمار كان كاسحاً وشاملاً على مختلف المستويات من جرّاء قوّة الانفجار الناجم عن 2750 طناً من مادة نيترات الأمونيوم، كانت مخزّنة منذ سنواتٍ في أحد مخازن الميناء.

ليس هناك أدنى شك بأن الفساد المتأصّل والإهمال هما من الأسباب الرئيسية لما وصلت إليه البلاد اليوم، إذ إن انفجار بيروت لم يكن وليد اللحظة إنما كان متوقّعاً وكان محل تحذيراتٍ متكررة، والسلطات كانت على دراية تامّة بالمخاطر.

ماذا بعد؟ إن لبنان يفقد يوماً بعد يوم خيرة شبابه أحياء كانوا أم أمواتاً.

يفقد شبابه الأحياء بدوافع الهجرة للبحث عن مستقبلٍ مشرق والعيش بكرامة. أما الأموات هم الذين فضّلوا البقاء في أرضهم وتقديم واجبهم الوطني وسقوط شهداء على أرض الوطن!

كلمات لا يمكن أن تعبّر عن حجم الألم والمأساة التي يعيشها كل منزل لبناني اليوم، ولا تستطيع أن تلطّف الأجواء الحزينة ولا أن تحدّ من قساوتها ووجعها.

أمهات فقدن فلذة أكبادهنّ، أولاد فقدنا عائلاتهم، مبانٍ ومنازل ومحالٍ وأرزاق كلّها دُمّرت. إنّ الحجر يعوّض ولكن لا شيء يعوّض خسارة الإنسان.

قافلة جديدة تنضم لمسيرة الشهداء الذين سقطوا دفاعاً عن أرض الوطن.

رحم الله كل من سقط في انفجار بيروت، والشفاء العاجل لكل مصابٍ، عسى أن يأخذ التحقيق كامل مجراه لكشف الحقيقة كاملة ومحاسبة كل مجرم فضلّ مصالحه الفرديّة والشخصية على حساب مصلحة الوطن!