من رحم بيروت تولد الثورة!

كارن البستاني

من أين أبدأ مقالتي اليوم بعد أمسٍ مشؤوم؟ من أين أبدأ؟ من التعازي الحارة لعائلات الشهداء أم بالتمنيات لشفاء عاجل للجرحى الذين أصبح عددهم حتى الآن أكثر من 4000؟ وكأن الشعب اللبناني يستطيع أن يتحمل كوارث جديدة فوق التي يعيشها يومياً؟! إنه يعيش منذ بضعة أشهر مأساة على كل الأصعدة ويتكيف بما يستطيع بغياب تام لدولة هدمت ما تبقى من هذا الوطن المحتضر! انتهى الكلام لتبدأ المحاسبة! هذا الانفجار الذي هز لبنان هز أيضاً كيان الشعب اللبناني وأيقظ منهم من كان لا يزال نائماً!

ما حصل هو جريمة بحق الإنسانية وباسم الإهمال واللامبالاة! وهو الانفجار الأعنف في التاريخ المعاصر بعد انفجار هيروشيما! ونريد لجنة تحقيق دولية بإشراف أممي للتحقيق به! كفى الاستهتار بعقولنا! وجود 2750 طناً من الأمونيوم في المرفأ تسبب خطراً مميتاً على أهالي بيروت منذ 2015 أمراً غير مقبول أبداً! ولا أحد يسأل عن الموضوع!! ما الفرق إن كان الانفجار لمواد كيمائية أو لأسلحة؟ فالموت واحد والنتيجة واحدة: امّحت معالم بيروت العظيمة التاريخية بثوانٍ!

كفى فساداً وكذباً وألاعيب! إنكم جبناء تختبئون في قصوركم المزيفة وتأمرون رجال الأمن بقمع المتظاهرين وباستعمال العنف ضد النساء أيضاً! ألا تستحون؟!

تظنون أنكم أسود أقوياء، ولكن في الحقيقة أنتم لستم إلا أسوداً مدربة تلعبون دوراً تافهاً موقتاً في تمثيلية الوطن!

‏وإن كنتم أسوداً فنحن ذئاب!

أين ضمائركم وخوفكم من الله؟! قبلنا بكم مسؤولين، انتفضنا عليكم فاسدين، واليوم سوف نحاسبكم أيها المجرمون! كفى ذلاً وفقراً وبؤساً وإجراماً! كم من المواطنين اليوم المنهمكين تحت وطأة الكوارث المعيشية اليومية والوباء الذي يتفشى بطريقة مرعبة وتقنين الكهرباء والمازوت أصبحوا تحت الركام، ينامون إلى الأبد تحت تراب بيروت الغالية عندما تنامون أنتم على فراشكم البارد الذي تفوح منه رائحة الشر! هذا الانفجار ومهما كان سببه قد أحرق إهراءات مخزون القمح لـ 6 أشهر ودمر

مستودعات الأدوية للأمراض المستعصية في الكرنتينا. ودمر مرفأ بيروت بالكامل وسيبقى مقفلاً لعدة شهور!

كما دمر أيضاً شركة الكهرباء وأصلاً لا كهرباء!

ومئات الأبنية تضررت أو دمرت بالكامل والعائلات تهجرت.

و قريباً جداً النظام الصحي سينهار لعدم قدرته على استيعاب الجرحى. هذا الانفجار الكارثي تسبب بآلاف الجرحى وعشرات القتلى وخسائر مالية بمئات ملايين الدولارات...

باختصار بيروت منكوبة.

ولهذه الساعة،

لا مسؤول عن كل هذا،

لا مداهمة لمسؤول صغير أو لموظف! ولا إشارة قضائية بتوقيف أحد...

ولم يزر أي مسؤول أمني أو رسمي المكان ليتفقد الأضرار!!! في غضون بضعة أشهر تحوّل لبنان من بلد حضاري عمره 6000 سنة من التاريخ العريق إلى بقعة أرض معزولة منكوبة مدمرة مهشمة!

كل ما توصلتم اليه هو إعلان بيروت مدينة منكوبة والاستغاثة بالدول للمساعدات خاصة الطبية أنكم تحسنون فقط فن التوسل! وأناشد مرة أخرى الشعب اللبناني الجبار الذي أيضاً يقوم بمساعدة العائلات المتضررة والذين لا مأوى لهم. وتحية للأطباء والممرضين الذين يعالجون المصابين على ضوء الشمعة! نحن أبطال لن نستسلم ولن نموت! أما أنتم فسوف تُلعنون في الجحيم!

‏انفجرت بيروت والشعب الموجوع ينتظر نهار القيامة بعد الليل المكتوب، لبنان الرسالة أصبح لبنان المنكوب!

‏لا لإبادة شعب ووطن! لا لإجرام بحق الانسانية! باسم بيروت التي دمرتموها سنحاسبكم!

بيروت التي تقوم بتسديد فواتير الجميع، وتدفع ثمن جمالها نيابةً عن كل الجميلات... سنأخذ بثأرها!

إن الثورة تولد من رحم الأحزان... وهل هناك أكثر من هذا الحزن؟؟؟ قومي يا بيروت قومي...

فمن رحم الثورة ستولد بيروت من جديد!

*كاتبة وإعلامية