الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

صناعة تاريخ "النهار": بين تأريخ الأحداث وتجسيد حداثة الأزمنة

مجد بو مجاهد
مجد بو مجاهد
صناعة تاريخ "النهار": بين تأريخ الأحداث وتجسيد حداثة الأزمنة
صناعة تاريخ "النهار": بين تأريخ الأحداث وتجسيد حداثة الأزمنة
A+ A-

لتصفّح موقع "النهار العربي" اضغط هنا.

مفارقة أنّه على عتبة الرابع من آب في كلّ سنة يكون الحدث مع من جسّد الأحداث وصنع لها تاريخاً وسيرةً منذ ثمان وثمانين عاماً. الحروف تتحدّث وتكتب عن الورقة، لا العكس. وعندما يتحوّل الحبر الى ورقة والورقة الى حبر، حين يكون أمام القارئ أن يلمس صفحات الجريدة بيديه ويقلّب أوراقها ويشم رائحتها ويتأمّل شكل الأحرف المكتوبة لا معانيها ويلقي نظرة على الديك الأزرق ثمّ يلاحظ عبارة مكتوبة من كلمتين على مقربة منه: النهار 88 سنة. وعندها يكون قد شارك في الاحتفالية وعايد صديقته في عيدها. ويمكن له أن يفاجئها فيتصل بها على عنوانها الالكترونيّ ويلاقيها من شباك زجاجيّ ويلتمس حروفها، ويمكن له أن يكتب أيضاً بزرّ إعجاب أو قلب أو ضحكة أو قبلة في عصر مواقع التواصل الاجتماعي. هكذا تبلورت الاستمرارية بين كتابة شريط الأحداث بأزمنتها وتحديث الشريط بما تطلبّته الأزمنة. وقد كان التطوير والبحث عن جديد سمة من العناصر التي ارتبطت بتاريخ "النهار"، يحكي عنها كلّ من واكبها. ولعلّ العامل الأوّل الذي يثبت مدى الارتباط بين "النهار" ومفهوم مواكبة العصر، هو فترة انطلاقتها في زمن المؤسس جبران تويني، في وقت شكّل مبنى الجريدة في سوق الطويلة حينذاك أحد معالم السوق الرئيسيّة رغم تواضعه. ولا تزال سيرة مبنى "النهار" في سوق الطويلة حتى يومنا، محلّ اهتمام المؤرخين، كلّما عادوا إلى استحضار زمن السوق. ويشير تقليب صفحات مسيرة "النهار" إلى أن صعود السلم كان مسألة متخاوية مع مراحل التطور التي كان يشهدها العالم. وتفيد المعطيات التاريخية بأن سنة 1950 كانت خير مثال على سبل التطوير التي شهدتها المؤسسة مع إعلان صدور "النهار" في كلّ صباح بعدما كانت الجريدة تصدر في الظهيرة. هذا كان نتاج تصوّر الأستاذ غسان تويني العائد من هارفرد.

وتوالت مراحل السباق مع الزمن، فإذ بالجريدة تفرد جناحي ديكها على مساحة ثماني صفحات في تشرين الأول 1956 في مرحلة عرفت سيلاً من الابتكار في العناوين والأحرف. ولعلّ الدليل الأبرز الذي توثّقه المعطيات التاريخية والتي طبعت مسيرة غسان تويني مع مواكبة كلّ جديد والدخول بحزم إلى ميدانه، كان ما حصل سنة 1958 عندما واكب انطلاقة عالم التلفزيون ودخلها من خلال تأسيس أول شركة علاقات عامة في لبنان ضمنت اعلانات التلفزيون. وقد بوشر إصدار المجلة التي تقدم برامج التلفزيون بغرض الترويج لها خصوصاً أن مفهوم وسيلة الإعلام المرئية هذه كان جديداً على الناس في تلك الفترة. وكان للمجلة أن صدرت أسبوعيا بثلاث لغات متضمنة شرحا مفصلا عن البرامج ومقابلات مع مدير البرامج والممثلين والمذيعين. ويذكر أن المجلة استمرت في الصدور 3 سنوات. وما لبث أن خطا غسان تويني درجة جديدة في صعود سلم النجاح ومواكبة التطور مع انشائه التعاونية الصحافية وشراء قطعة الأرض في شارع الحمراء شيّد عليها مبنى "النهار" وأنشأ شركة مساهمة وساهم في ولادة شركات للطباعة والتوزيع والاعلان والخدمات الصحافيّة. واذ به ينتقل وقتذاك من الصحافة الحرفية الى الجريدة المصوّرة وفق تقنية الأوفسيت، التي كانت الأولى من نوعها في المشرق العربي.

تشير العودة إلى الشهادات الموثقة في أرشيف "النهار" الى مدى التحديات التي واجهت المؤسسة، خصوصا في مرحلة الحرب الأهلية، حيث حتمت الاستمرارية البحث عن أفكار جديدة تبلورت من خلال تأسيس مجلة ترافق الجريدة من باريس، أتت باكورة مشاورات ثلاثية ضمت الاستاذ غسان تويني والنائب مروان حماده والصحافي الياس الديري، انتقل على أثرها حماده والديري وبعض الصحافيين إلى باريس. هكذا تأسست مجلة "النهار العربي والدولي". وتكلّل النجاح مع الدور الذي اضطلع به الشهيد جبران تويني بعدما قاد المشروع وطوّر المجلة واضعاً ذاته وأفكاره التي باتت تشكل قضية وسلاحاً في وجه الحرب في سبيل إنقاذ لبنان. واستمرت الرحلة مع تحقيق جبران تويني مشروعا كان بمثابة حلم: "نهار الشباب".

التجانس مع التطور تجسد أيضا مع مواكبة عصر الانترنت. توافرت جريدة "النهار" منذ العام 1998 عبر الانترنت، حينها كان في إمكان القارئ الاطلاع على محتوى الصحيفة الورقية، على الانترنت أيضاً، إلى حين اطلاق الموقع الإلكتروني في العام 2012، الذي بات ينشر مئات المقالات والمواضيع يومياً. جبهات عدة اتخذتها على عاتقها رئيسة تحرير "النهار" نايلة تويني. الصحيفة من جهة والموقع من جهة أخرى فضلا عن انطلاق مشروع Annahar TV الذي واكب الحداثة والتطور التكنولوجي. بنت تويني فكرة الموقع على أسس تواكب اهتمامات الأجيال المتنوعة اذ أصبح من خلاله بامكان القراء تصفح الصحيفة المكتوبة إلكترونياً كما باستطاعتهم قراءة الأخبار السياسية المحلية والعربية والدولية، وتصفح صفحات الموقع المتنوعة كالصحة، الطبخ، الاقتصاد، الرياضة... الى ذلك، أطلقت "النهار" حساباتها على مواقع التواصل قبل العام 2012، مع تطوير استراتيجية، ساهمت في رفع عدد القراء بنسبة كبيرة من خلال حسابات مواقع "فايسبوك"، "تويتر"، "انستغرام"، "سناب تشات"... ووصولا إلى إطلاق صفحات خاصة بالصحة والاقتصاد والمنوعات وولادة "صيحات" الموقع الذي يحاكي نظرة الشباب بطريقة عصرية.

حصاد المشاريع كان مع فوز "النهار" بجائزة أفضل استراتيجيا للمحتوى المدفوع في مؤتمر الاتحاد العالمي للصحف وناشري الأنباء في الشرق الأوسط الذي انعقد في دبي في 7 آذار 2019. ويذكر أن الاتحاد العالمي للصحف وناشري الأنباء (WAN-IFRA) بالاشتراك مع مبادرة Google News Initiative، يقدم جوائز الإعلام الرقمي في الشرق الأوسط تكريماً للناشرين الذين اعتمدوا استراتيجيات في مجالَي الإعلام الرقمي والتطبيقات عبر الهواتف الخلوية في إطار المنتَج المتكامل الذي يُقدّمونه للمستخدمين، وذلك مواكبةً للتغييرات التي طرأت على الطريقة التي يستهلك بها المستخدمون الأخبار والمعلومات في الزمن الحاضر.

في 13 آذار 2019، تسلمت رئيسة تحرير "النهار" نايلة تويني ثلاث جوائز كبرى حصدتها حملة "الصفحة البيضاء" الى جانب الشركاء الابداعيين في شركة Impact BBDO، بعدما وصلت حملة "الصفحة البيضاء" التي شكلت صرخة صريحة في وجه المراوحة التي شهدتها البلاد والعجز عن تشكيل حكومة وقتذاك، إلى مهرجان "دبي _ لينكس" الابداعي العالمي. نالت "النهار" 3 جوائز، هي توالياً: الجائزة الكبرى في الطباعة والنشر، والجائزة الكبرى في العلاقات العامة، والجائزة الكبرى في الابداع التكاملي (أفضل حملة عبر استخدام منصات اعلامية متعددة).

وفي 17 حزيران 2019، بلغت طبعة "الصفحة البيضاء" من "النهار" ذروة النجاح العالمي بحصدها الجائزة الكبرى للطباعة والنشر في مهرجان كانّ ليونز الدولي للإبداع. وتعتبر الجائزة بمثابة "أوسكار" الاعلانات وتنافست عليها عشرات الشركات العالمية العملاقة الذائعة الصيت.

اليوم بداية جديدة مع مشروع جديد لا حدود لآفاقه في سائر البلاد العربية: "النهار العربي".

[email protected]

"النهار" السنة 88

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم