الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

زينب حيدر أول ممرضة شهيدة في المعركة ضد كورونا... "لم تتجاوب مع العلاج"

المصدر: النهار
كارين اليان
كارين اليان
زينب حيدر أول ممرضة شهيدة في المعركة ضد كورونا... "لم تتجاوب مع العلاج"
زينب حيدر أول ممرضة شهيدة في المعركة ضد كورونا... "لم تتجاوب مع العلاج"
A+ A-

خسر اليوم الجسم التمريضي أول ممرضة، شهيدة المعركة في مواجهة كورونا، الذي يحصد المزيد من أرواح الناس عامة، وممن يقف في الصفوف الأمامية في مواجهة هذا العدو الخفي. على الرغم من ملايين الضحايا للفيروس لا يزال كثيرون يستخفون به ويقللون من أهميته، بل إن بعضهم لا يعترف بوجوده أصلاً. هذا، فيما يضحي من تعهّد ببذل ذاته في مهنة عنوانها الإنسانية، غير آبه بالمخاطر التي يواجهها يومياً. رحلت زينب التي لم تخشَ المرض وكان المريض أولوية لها طوال حياتها في مهنة التمريض، كما يشهد زملاؤها في مستشفى الزهراء الجامعي حيث عملت لأكثر من 15 عاماً. اليوم أبى رفاقها أن تنتقل إلى مثواها الأخير في بلدتها الجنوبية مركبا، قبل أن يودعوها للمرة الأخيرة، فنُقل جثمان الفقيدة من مستشفى الحريري الحكومي حيث أمضت زينب الأيام الأخيرة التي تطورت فيها أعراض المرض لديها، إلى مستشفى الزهراء للوداع الأخير.

طوال السنوات 15 التي أمضتها الراحلة الأربعينية في مستشفى الزهراء حيث عملت في قسم العناية الفائقة، عُرفت بحنانها المفرط وهدوئها وتفانيها في العمل، بحسب رئيسة هيئة التمريض في مستشفى الزهراء سمر العرب. "زينب صبورة حتى أقصى الحدود ويشهد كل من عرفها في "هذا العمر" الذي أمضته معنا في المستشفى، لتضحياتها الكثيرة في العمل. دائماً كان المريض وصحته أولوية لها". 

لا يزال زملاء زينب في المستشفى تحت وقع الصدمة بعد أن تبلغوا خبر وفاتها سريعاً. ففي الأيام الأخيرة ساءت حالتها ولم يستطع جسمها أن يقاوم المرض ومضاعفاته أكثر فاستسلمت له تاركةً وراءها زوجاً مفجوعاً وعائلة ورفاقاً يذكرون مزاياها العديدة في كل لحظة. 

أصيبت زينب بعدوى كورونا قبل حوالي أسبوعين أو ثلاثة نتيجة مخالطة أحد المصابين الذي ليس من المرضى إنما من الجسم الطبي في المستشفى. وتؤكد العرب أنه حينها اتُخذت كافة الإجراءات اللازمة في المستشفى وأُجريت الفحوص لكافة المخالطين واتُخذت تدابير الحجر المنزلي لكافة المصابين من الجسم الطبي والتمريضي. عندها لم يكن يعاني أي مصاب أعراضاً خطيرة تستدعي دخول المستشفى ومنهم كثر لم تظهر عليهم أي أعراض. قبل 17 يوماً، بدأت حالة زينب تسوء وتعرضت إلى مضاعفات المرض بشكل غير متوقع، فنقلت إلى مستشفى الحريري لتلقى الرعاية اللازمة. لكن، رغم المساعي والجهود التي بذلت، لم يتمكن جسم زينب من مقاومة المرض. ويوضح الدكتور محمود حسون الذي كان يتابع حالتها في مستشفى الحريري أن حالة زينب كانت متطورة وتعاني مضاعفات المرض من لحظة دخولها إلى المستشفى. "حاولنا جاهدين لكن حالة زينب كانت متطورة. وصلت إلى المستشفى وهي تعاني التهابات رئوية حادة وكان معدل الأوكسيجين لديها منخفضاً جداً. حتى أننا أعطيناها أجساماً ضدية من واهب، لكن وللأسف الشديد لم نجد تجاوباً مع أي علاج متبع فساءت حالتها أكثر  في الأيام الأخيرة".

ما المشاكل الصحية التي كانت تعانيها زينب؟

السؤال الذي يطرح نفسه أولاً، عند حصول حالة وفاة بسبب كورونا، حول ما إذا كان المصاب يعاني مشاكل صحية سابقة ساهمت في تطور حالته ودخوله دائرة الخطر. في الواقع، لم تكن زينب تعاني مشاكل صحية بحسب حسون، بل كانت تعاني زيادة في الوزن مع ما يمكن أن يترافق ذلك من اضطرابات أيضية Metabolic syndrome، وفيما لا يعتبر هذا سبباً مباشراً لحصول مضاعفات، لا ينكر حسون أنه يلعب دوراً في زيادة الحالة سوءاً. وما حصل مع زينب أن حالتها خرجت عن السيطرة ولم تُظهر تجاوباً مع أي علاج إلى أن استسلمت للمرض.

أُعلن عن خبر وفاة زينب التي خسرها القطاع الصحي في لبنان، فكانت شهيدة أضيفت إلى لائحة من هم في الصفوف الأمامية حول العالم وضحوا بحياتهم أثناء قيامهم بواجبهم الإنساني في المواجهة مع فيروس كورونا في الأشهر الأخيرة. بعد إعلان خبر الوفاة نعت جهات رسمية عديدة الراحلة، فتوجه وزير الصحة بالتعازي لعائلتها وأهلها ومحبيها، مؤكداً أنها "أدت رسالتها في مهنة التمريض حتى الشهادة البيضاء فجسدت أسمى معاني الخدمة الإنسانية التي تقتضيها المهنة"، دعياً المراكز الإستشفائية إلى اتخاذ أقصى درجات الحماية لأطقمها الطبية والتمريضية. أيضاً، نعت الفقيدة نقابةُ الممرضين فأصدرت بياناً أشارت فيه إلى أن زينب "شهيدة للواجب من الجسم التمريضي". كما جاء في البيان: "خسر اليوم الجسم التمريضي إحدى المدافعات عن الصحة بوجه وباء كورونا، وانضمت شهيدة الواجب إلى قافلة الشهداء الذين يبذلون حياتهم من أجل حياة الآخرين". 

من جهته، نعى مدير مستشفى الحريري زينب بتغريدة عبر حسابه على "تويتر" جاء فيها: "شهيد آخر يقدّمه الجسم التمريضي والطبي في سبيل الواجب. زينب بطلة، واحدة منا، والآن هي في مكان أفضل. رحمها الله وألهم أهلها الصبر والسلوان، وألهم أهل هذا البلد ومسؤوليه الوعي للخطر المحدق بنا واتّباع إجراءات الوقاية والسلامة".

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم