الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

ماكرون، أردوغان الفرنسي؟

المصدر: النهار
سيلينا بريدي
ماكرون، أردوغان الفرنسي؟
ماكرون، أردوغان الفرنسي؟
A+ A-

فرنسا، الأمبراطوريّة الكاثوليكيّة العظمى المدعومة من بابا روما. الأمبراطوريّة التي لم تنهزم بالرّغم من سقوط أوّل سلالة ملكيّة فرنسيّة Les Valois على يد سلاسة Les Bourbons، سلاسة ملك الشمس لويس الرابع عشر. هذه الأمبراطوريّة الفرنسيّة استطاعت أن تبسط سيطرتها خارج حدودها وتصبح وسط العالم من خلال قصر فيرساي. وحتّى بعد سقوط النظام الملكي الفرنسي على يد ثوّار فرنسا خلال الثّورة الفرنسيّة عام 1789، امتدّت قوّة ونفوذ فرنسا وصولًا إلى الشرق الأوسط بقيادة الجنرال نابليون الأوّل أو المعروف بنابليون بونابارت. ومع مرور السنين وتزامنًا مع الحربين العالميّتين الأولى والثّانية، انتقلت قوّة وقدرات فرنسا العسكريّة ومعها قوّة أوروبا كلّها إلى يد الولايات المتّحدة الأميركيّة. ليدخل بعد ذلك الاتّحاد السوفياتي واليوم روسيا إلى السباق ومن ثمّ الصين. فهل يشهد العالم اليوم عمومًا ومنطقة الشرق الأوسط خصوصًا محاولة فرنسا لاسترجاع نفوذها وموقعها التي خسرتهما؟

بالتّزامن، نلاخظ محاولة أوروبيّة وبالتّحديد فرنسيّة للمشاركة في القرارات الإقليميّة، أي المتعّلقة بالشّرق الأوسط ، وفرض كلمتها وقراراتها ومواقفها فيما خصّ القضايا والمواقف الدّوليّة.

أوّلًا، تمثّلت زيارة وزير خارجيّة فرنسا جان إيف لو دريان إلى لبنان كأوّل زيارة أوروبيّة بعد توليّ الرّئيس حسان دياب منصب رئاسة الحكومة. وتأتي هذه الزيارة في وقت حسّاس جدًّا اقتصاديًّا وماليًّا وتزامنًاً مع المفاوضات مع صندوق النّقد الدّولي. فرنسا الداعمة للبنان ومموّلة مشروع سيدر أتت إلى لبنان ووجّهت رسالة من خلال رئيس خارجيّتها وهي أنّ لا مساعدات دوليّة عمومًا وفرنسيّة خصوصًا في غياب الإصلاحات. فظهرت فرنسا في موقع الطّرف المفاوض ومركز القرار. أمّا ماكرون فظهر بموقع القائض الذي يحمل المساعدات الماليّة في جيبه وبإمكان لبنان الخروج من أزمته بمساعدة فرنسيّة.

ثانيًا، يحاول الرّئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بدعم من المستشارة الألمانيّة أنجلا ميركل إخراج أوروبا من الأضرار التي سبّبها فيروس كورونا على مختلف القطاعات العامّة والخاصّة بالإضافة إلى الشركات الأوروبيّة. وبالفعل، اجتمع رؤساء دول الأعضاء بالاتّحاد الأوروبي تلبية لدعوة ماكرون وميركل لإقرار خطّة نهوض للاقتصاد الأوروبي. وقد أُقرّت هذه الخطّة بعد أن رفضتها بعض الدول الأوروبية على سبيل المثال النمسا. ولكن كان لماكرون بالدرجة الاولى تصاريح عدّة أمام الإعلام وعبر صفحته الخاصّة على انستغرام يعبّر فيها عن تمسّكه بإقرار خطّة الدّعم هذه. ومن هنا يمكن القول إنّ الرئيس الفرنسي يرغب بإرسال رسالة إلى العالم كلّه بأنّ فرنسا والدّول الأوروبيّة تستطيع ايجاد الحلول لمشاكلها باستقلاليّة تامّة عن القوى العظمي ومتفرّدة بقراراتها.

ثالثًا، ومنذ تولّيه منصب الرّئاسة الفرنسيّة، لم تخلُ مواقف وتصريحات ماكرون من القضايا المتعلّقة بالشرق الأوسط. وترافق مع ذلك تطبيقات ملموسة على الأرض من قبله على خلاف أسلافه. بالفعل، يحاول ماكرون أن تكون فرنسا طرفًا أساسيًا في الحوارات التي تُقام وأن تقدّم مبادرات وأفكاراً للتوصّل إلى حلول. فيلعب ماكرون صلة الوصل بين مختلف أطراف النزاع السوري والنزاع الّليبيّ والنزاع الخليجيّ كما يحاول التمسّك بموقف موضوعيّ ومستقلّ متعلّق بالقضيّة الفلسطينيّة في المنطقة. أضف على ذلك الاتّفاقات الاقتصادّية والتّجاريّة بين فرنسا ودول من الشّرق الأوسط، إنشاء جيش أوروبيّ للقضاء على الإرهاب.

في الختام، الرئيس الفرنسي يمشي اليوم على خطى الرئيس التّركي رجب طيّب أردوغان الذي يريد إعادة إحياء الامبرتطوريّة العثمانيّة. فهل سينجح ماكرون في إعادة توسيع النفوذ الفرنسي في الشرق الأوسط ؟ وهل سيستطيع الاستمرار بمفرده أم سيلجأ إلى مساعدة أميركية أو روسيّة؟



الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم