شهيدة الكهرباء"... هل حقّاً توفيت ميرنا اختناقاً بسبب انقطاع التيار؟

انتظرت ميرنا غمراوي سنين طويلة لتحقيق حلمها بالأمومة، لم تعد الدنيا تتسع لفرحتها عندما سمعت بنجاح حملها وفي أحشائها توأمان تنتظرهما بفارغ الصبر. 7 أشهر تواكب نموّهما شيئاً فشيئاً، كانت سعادتها تُضاهي الحياة برمتها، وفجأة اختفى كل شيء وتحوّلت الفرحة إلى مأساة. خبر رحيلها حمل تساؤلات كثيرة، البعض ألقى اللوم على الدولة وتقصيرها الفاضح في تأمين الكهرباء الذي تسبب بوفاتها اختناقاً، فما الذي جرى معها وهل حقاً انقطاع الكهرباء وغياب المكيف أدّيا إلى وفاة ابنة الـ 32 عاماً مع توأميها؟

من تغريدة لإحدى صديقاتها وصولاً إلى أفراد عائلتها، رحلة تقصّي لمعرفة ما جرى مع ميرنا. خبر رحيلها شكّل صدمة للجميع. أثارت قصتها تعاطفاً كبيراً عند الرأي العام. تغريدات ومنشورات تناقلها كثيرون في مواقع التواصل الاجتماعي تحمّل الدولة مسؤولية هذه الكارثة.

"ميرنا لم تمت من حادث سير أو من كورونا، ميرنا ماتت من الشوب ومن عدم توافر التهوئة وهي حامل في شهرها الثامن...". كيف يمكن حدوث ذلك؟ البعض أطلق عليها لقب "شهيدة الكهرباء" في تويتر، وتغريدات تصف فشل الدولة والمافيات. كتب أحدهم: "عندما يأمن الموظف من العقاب سيقع في الفساد ويسوم الفقراء سوء العذاب... الله يرحم ميرنا غمراوي"، في حين غرّد آخر: "شهيدة كهرباء لبنان: ميرنا غمراوي فقدت حياتها وهي حامل بتوأم... انقطع نفسها!". 


أما ريم حمدان فكتبت: "انتقلت الى رحمته تعالى ميرنا غمراوي. ميرنا ماتت من الشوب ومن عدم توافر التهوئة يلي هي بحاجتها لأنها حامل بتوأمين بالشهر الثامن، لأنو مقطوعة الكهربا! ميرنا اختنقت لأن ما في هوا تتنفسو ومع وصول الصليب الاحمر كانت فارقت الحياة #شهيدة_كهرباء_لبنان". كثيرة هي التغريدات التي حملت اسم ميرنا غمراوي أو شهيدة الكهرباء، الناس تفاعلت معها وعاشت قصتها والظلم اللاحق بالمواطن، ولكن الالتباس ممنوع ومن واجبنا قول الحقيقة وشرح تفاصيل ما جرى مع ميرنا بحذافيرها. 


صحيح أننا نعيش في ظروف صعبة، في ظل التقنين القاسي لتأمين الكهرباء وعدم توافر المولد لساعات طويلة. نحن نغرق في العتمة والذل وعدم توافر أدنى مقومات الحياة في ظل الغلاء والبطالة والوباء.

ولأن ميرنا كانت تعرف جيداً أن الظروف صعبة اتخذت كل احتياطاتها لتمرّ مرحلة الحمل على خير، بحسب ما أكد لنا أحد أفراد عائلتها المقربة، تقول: "انتظرت ميرنا سنين طويلة قبل أن تتحقق أمومتها، سعادتها لا توصف، وأخيراً هي حامل بتوأمين. وخوفاً من الظروف الصعبة التي نمر بها جميعنا، لم تعتمد على خدمة الدولة فقط في تأمين الكهرباء، فكان لديها اشتراك مولد 10 أمبير بالإضافة إلى شرائها UPS لضمان توافر الكهرباء في منزلها. كانت تفكر بكل شيء، ولا تريد سوى أن يمر الشهران الأخيران على خير وتحمل طفليها بين يديها.

لكن الموت غافلها على غرّة، إذ شعرت ميرنا بضيق في التنفس قبل أن تفارق الحياة. فارقتنا قبل أن تصل إلى المستشفى. لذلك كلمة الحق تقال، ميرنا لم تمت بسبب الكهرباء، كانت الكهرباء موجودة عندما عانت من ضيق التنفس نتيجة الحمل. وكأي امرأة حامل، كانت تعاني ميرنا من ضيق في التنفس، إلا أنها لم تكن تعاني من أي مشكلة صحية ولا من ربو أدى إلى اختناقها كما تناقل البعض".

ويشدد أحد أفراد عائلتها على أن "الجميع يمر بفترة عصيبة نتيجة الظروف الحالية، وميرنا واحدة منهم، كانت تقول: "حرمونا النفَس والهوا. ولكنها لم تمت بسبب انقطاع الكهرباء، وماتت قبل أخذها إلى المستشفى. ولأن الغالي راح، لا أتهم أحداً ولا أريد أن يتم تحريف او تشويه الحقائق، صحيح أن الدولة مقصّرة بحق شعبها في تأمين مقومات الحياة ولكن ميرنا ماتت نتيجة ضيق التنفس الناتج من الحمل".

خاتماً: "لم تكتمل فرحتها، رحلت مع توأميها تاركة الجميع في صدمة. كانت سعيدة جداً للقائهما، اشترت لهما أغراضاً كثيرة، كانت تنتظرهما بفارغ الصبر قبل أن تحل هذه المأساة علينا، يصعب تصديق ما جرى".

رحلت ميرنا تاركة وراءها حب الناس، الجميع يتحدث عن طيبة قلبها ونبل أخلاقها، كانت إنسانة خلوقة ومحبة للجميع. هكذا يصفونها، هي التي كانت مدرِّسة في مهنية دير عمار، هي الزوجة والابنة والصديقة، رحلت وخلّفت وراءها حزناً لا يُضاهيه حزن. رحلت مع توأميها اللذين لم يريا النور، وكما يقول أحد أقربائها: "هي اليوم في مكان أجمل من هذا البلد الذي نعيش فيه".