الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

بالصور: "ويك أند" في فقرا -كفرذبيان... وجهة جبلية يقصدها الزوّار والمستثمرون

المصدر: "النهار"
فرح نصور
بالصور: "ويك أند" في فقرا -كفرذبيان... وجهة جبلية يقصدها الزوّار والمستثمرون
بالصور: "ويك أند" في فقرا -كفرذبيان... وجهة جبلية يقصدها الزوّار والمستثمرون
A+ A-

مشهد سبت، 25 تموز، لا يشبه أيام السبت في الأسابيع القليلة الماضية في كفرذبيان، وبخاصة في فقرا، التي عجت بالزائرين، ووصلت أصداؤها إلى جميع المناطق اللبنانية. كورونا كان السبب. مع الارتفاع الصادم بأعداد الإصابات بالفيروس، تمنّع كثيرون من الاختلاط والخروج، وخفّ مشهد الاكتظاظ الذي شهدته المنطقة في الأسابيع الماضية. انتشار الفيروس وعدم قدرة اللبنانيين على السفر للسياحة في الخارج بسببه، دفع بهم إلى خيار السياحة الداخلية، والتوجه نحو المناطق الجبلية بالتحديد حيث الأماكن مفتوحة والهواء نظيف والتباعد الاجتماعي سهل التطبيق. توجُّه دفع بالعديد من أصحاب المطاعم ومقاهي بيروت وغيرها من المحال التجارية، إلى اللجوء إلى فقرا - كفرذبيان. المنطقة شكّلت بقعة أملٍ وعامل جذبٍ لأشخاص لم يستسلموا للأحوال الاقتصادية المريرة التي تمرّ بها البلاد. وضعوا المواجهة نصب أعينهم كي يستمروا ولا يغلقوا محالّهم، "لأنّ الخسائر وقعت على الجميع لا محال". كان لـ "النهار" جولة في منطقة فقرا- كفرذبيان، لمعرفة سبب إقبال المستثمرين إلى هذه المنطقة، وكيف تنشط الحركة الاقتصادية فيها.

 

 

 

المحطة الأولى في "Faqra Club"، المنتجع الأبرز في المنطقة. الإقبال على الفندق مقبول، والحجوزات تتكثّف في نهاية الأسبوع وذلك حتّى الشهر المقبل. أغلبية الزائرين هم من اللبنانيين المغتربين، ومَن يزور النادي يعود مرة أخرى لأنّ أسعاره معقولة جداً وبالليرة اللبنانية، مما شكّل عامل جذب للزوار، وفق ليليان رحمه، مالكة نادي فقرا. تنشط الحركة عند حوض السباحة، فالدخول إليه ليس محصوراً بنزلاء الفندق أو سكان المنازل في النادي. أسعار حجز الغرف ودخولية المسبح بقيت كما كانت، أمّا الطعام فاضطرت الإدارة إلى رفع ثمنه قليلاً بسبب تعاملهم مع مورّدين. "البلد تعبان لكن دائماً هناك أمل، يجب ألا نيأس، وعلينا إيجاد الضوء في العتمة للاستمرار".

ويلتزم النادي إجراءات الوقاية التي فرضتها وزارة الصحة والسياحة من كمامات وتعقيم وغيرها، مع اعتماد التباعد الاجتماعي بين كلّ عائلة أو مجموعة أصدقاء، و"هذه مصاريف إضافية على النادي لكن لا بدّ من تطبيقها".

خلَقَ نادي فقرا حركة اقتصادية في المنطقة عبر إفساحه المجال، للمرّة الأولى، لأصحاب محالّ تجارية ومطاعم ومقاهٍ لها فروع في بيروت، أن تفتح عنده ولو كأكشاك. على شكل سوقٍ مفتوحة تتألّف من أكشاك خشبية، اصطفت المحالّ التجارية من ألبسة لجميع الأعمار، ولوازم كهربائية، ومونة، وأكسسوارات، وأحذية وغيرها من المحالّ إلى اليمين واليسار. بدأت الفكرة بعد طلب أصحاب محالّ تجارية في بيروت من إدارة النادي أن يعرضوا بضاعتهم في المسبح لتصريفها بسبب عدم القدرة على بيعها في العاصمة، وإغلاق محالّهم. وانهمرت الطلبات من المحالّ الأخرى، التي تكبّد أيضاً أصحابها خسائر جمّة، إذ وجدوا في هذا المكان فسحة أمل ولو لفترة بسيطة.

واستُغلّت مساحة جبلية في النادي هذا الموسم لتحويلها إلى تجمّع مطاعم معروفة في بيروت، اضطرّ جزء منها إلى غلق أبوابه بسب الأزمة الاقتصادية، ومنها من يحاول الصمود واستغلّ هذه المنطقة ونزوح الناس إليها، كنوع من الاستمرارية لتفادي الخسائر الإضافية أو الإغلاق. وفي هذا الإطار، فتحت هذه الفكرة فرص عملٍ أمام كثيرٍ من شباب المنطقة وجوارها من نادلين وشباب valet parking، وحراس أمن ومحاسبين وبائعين، إضافة إلى الموظفين الذين قدموا من بيروت.

شركة "Afkar holding" التي فتحت مطعم "بابل" في النادي، قصدته "لأنّ الناس جميعها نزحت إلى هذه المنطقة الجبلية، لحقنا زبائننا، والخسائر موجودة لدى جميع الشركات. فتحنا هنا لمساعدة نفسنا كشركة لخلق فرص عمل اختفت في بيروت، والعمل انخفض كثيراً عمّا كان عليه قبل كورونا وقبل الأزمة الاقتصادية، ففتحنا فرعاً هنا لنحافظ على وظائف شبابنا، ونحارب كي لا نغلق أبوابنا، والتحدي كبير جداً"، يشرح المدير العام للشركة، جاد منذر.

الأسعار ارتفعت قليلاً في المطعم، ومع ارتفاع أعداد كورونا تكثّفت أكثر إجراءات الوقاية، ووفّرت الشركة منامة لموظفيها في مكان محدد لضمان عدم اختلاطهم. "الإقبال على المطعم ليس سيئاً، لكنّ موجة كورونا حالياً أثّرت على إقبال الناس أيضاً. وأغلبية الزبائن هنا هم زبائننا في بيروت".

"نحن في فترة صعبة، واللبناني لا يستسلم. المساحة التي وفّرناها للمطاعم وللأكشاك هنا هي نوع من المقاومة الفردية، لأنّ لا دولة تقف إلى جانب المواطن، وليس هناك مَن يحقّق أرباحاً حالياً هنا، إنّما هو صمود بوجه العاصفة بهدف الاستمرارية، وهذه المساحات مفتوحة لأي شخص يرغب بالمجيء لتمضية نهار للترفيه"، بحسب رحمة.

 

وتوجّه أيضاً بعض أصحاب النشاطات الرياضية والفنية ليفتحوا في النادي، كما فعل فادي الخطيب، مؤسس نادي "Champs" الرياضي في بيروت. قرّر أن يفتح نشاطاتٍ رياضية وصيفية للأولاد واختار نادي فقرا لأنّه الأبرز في المنطقة حيث هناك حركة زبائن دائمة في الصيف، وهي السنة الأولى التي يفتح فيها هناك. "فتحُ فرع صيفي للنادي هنا هو مغامرة في ظلّ هذه الأوضاع، والنوادي الرياضية في بيروت، ونحن منهم نستقبل نصف قدرتنا الاستيعابية من الزبائن بسبب كورونا، لذا لجأنا إلى منطقة جبلية يقصدها الرواد، والإقبال لدينا، نظراً للحالة الاقتصادية وانتشار كورونا جيّد، وأسعارنا تحت المعدّل ونراعي الأوضاع الراهنة، فالهدف ليس مادياً"، على ما يقول الخطيب.

بالانتقال إلى الفنادق الأخرى، وصلنا إلى فندق "Urban" في فقرا، حيث "الحجوزات جيّدة بسبب عيد السيدة العذراء، وتمتدّ إلى نصف آب تقريباً، فهي تتكثّف أكثر في عطلة نهاية الأسبوع. الناس نزحوا من بيروت إلى المناطق الجبلية بسبب كورونا. أسعار حجوزات الفندق بقيت على حالها، أي على السعر القديم، ولا نستطيع أن نرفعها، وأغلب زبائننا من اللبنانيين المقيمين، ونلتزم الإجراءات الوقائية اللازمة حتى أكثر من وزارة الصحة"، يروي مدير الفندق.

 

أيضاً في فقرا، في فندق "Snow hills"، تسرد مديرته أنّه "بسب كورونا هناك إقبال على منطقتنا وعلى الفندق، فالناس يريدون التوجه إلى الطبيعة، ونلتزم جميع الاجراءات الوقائية بخاصة بعد ارتفاع عدد الإصابات في الآونة الأخيرة، لكن ذلك فعلاً مكلف". الحجوزات في هذا الفندق حتى نهاية الشهر المقبل، وعادةً تنشط المنطقة في هذه الأيام بمناسبة عيد السيدة العذراء، وهذه السنة نشطت أكثر. وأكثر زبائنهم من لبنانيين مقيمين وبعض الأجانب والمغتربين. وأسعارهم بقيت على السعر القديم، "لا يمكننا أن نرفع أسعارنا وإلّا سنضطر إلى إغلاق أبوابنا، لذا نعمل بالحد الأدنى".

المحطة التالية كانت في قبو نبيذ "Massaya" في فقرا. يقصد القبو زبائن من كفرذبيان لكن أغلبية الزبائن يأتون من بيروت. والإقبال على الزيارات لجولات في القبو ولتذوّق النبيذ كثيف، لكن بسبب كورونا، لا يمكن استقبال جميع الزوار، مع التزام إجراءاتٍ مشدّدة وحصر عدد الزوار، بحسب صانع النبيذ، رمزي غصن.

 

في مركز القبو، أربعة مطاعم لم تفتح جميعها بسبب الأزمة الاقتصادية وكورونا. فتح المالكون نصف مطعم فقط، واختصروا لائحة الطعام لعدم تكبّد تكاليف إضافية. أسعار الطعام لم ترتفع لديهم حتى الأسبوع الماضي، وما زالت مقبولة جداً، وأسعار المشروب بقيت على سعرها القديم، و ليس هناك أرباح، نحاول أن يمرّ الموسم للاستمرار، لا نريد أن نحمّل الزبائن أكثر من استطاعتهم، ولا نريد تغيير نوعية منتجاتنا".

 

على سطح القبو، استأجر رمزي حكيم، صاحب حانة في بيروت، المساحة من مالكي القبو منذ أسبوعين. جعله مكاناً يستقطب محبي غروب الشمس ومَن يرغب بتناول العشاء وسماع الموسيقى ليلاً. اختار فقرا لأنّ اللبنانيين يتّجهون إلى المناطق الجبلية لعدم قدرتهم على السفر، وكانت الحصة الأكبر من هذا الاستقطاب في منطقة كفرذبيان لا سيما فقرا. "هنا أردنا أن نلحق الموسم الصيفي، قلّلنا من أرباحنا ولم نرفع الأسعار كثيراً، فهذه هي أفضل طريقة للاستمرار في هذه الظروف. الإقبال ليس سيئاً، فالناس يخافون من الاختلاط بسب كورونا، لذا قلّصنا مساحة المكان كيلا يستوعب أعداداً كبيرة، وحافظنا على التباعد الاجتماعي. وأغلبية زبائننا من اللبنانيين المقيمين"، كما تحدّث حكيم.

المحطة الأخيرة كانت في معرض الحرف الذي يجاور مجمع أكشاك المطاعم "Dstrkt mzaar " في كفرذبيان. هي نشاطات تُنظّم سنوياً في فصل الصيف. عند الوصول، تُفحَص حرارة الزائرين ويُمنع دخول مَن لا يضع الكمامة. الحركة لم تكن كثيفة، فبحسب من شهد الأسابيع الماضية أيام السبت، قال إنّ كثافة الناس كانت تفوق الخيال، لكنّ ارتفاع الإصابات بكورونا خفّف الإقبال كثيراً أمس.

نيكول الواكيم فريحة، مديرة التسويق في شركة "Mzaar ski resort" التي تنظّم معرض الحرف، تخبر "النهار" أنّ المعرض عادةً يُنظَّم في شهر آب، ولكن بسبب الظروف التي يمر فيها لبنان، ارتأت إدارة المعرض أن تمدّد فترته وأن تعطي مجالاً للبنانيين أن يستفيدوا من معرضٍ في الهواء الطلق. انطلق في 16 تموز وسيمتدّ حتى 16 آب في "Jardin de mzaar" في كفرذبيان. يضمّ المعرض تشكيلة من العارضين من حرفيين ومحال تجارية موجودة في بيروت. هدف المعرض ليس ربحياً فقط، وإنّما لاستكمال النشاطات في البلاد لتشجيع التجار والحرفيين على الاستمرارية. الإقبال كثيف جداً هذه السنة سواء من زوّار أو من عارضين، وقد تلقّت الإدارة طلبات كثيرة من عارضين لكنّها لم تقبلها جميعها بسبب كورونا.

تتوسّط عربة قهوة "The slow" المعرض، ويقف وراءها شاب في أواخر العقد الثاني من العمر. كان أول يوم يفتح فيه "نقطته" في المعرض، أمس. يمتلك المحل نفسه في منطقة مار مخايل في بيروت، لكنّه أراد أن يسوّق لنفسه ويلحق الموسم، فاختار كفرذبيان كوجهة صيفية وقد سمع أن المنطقة تضجّ بالزوار فأتى. يبيع القهوة، القمصان، مساحيق العناية بالوجه، جميعها من مواد عضوية.

في مطعم "إم شريف" المشهور في بيروت، الذي فتح أبوابه منذ نحو أسبوعين في منطقة كفرذبيان، كانت الحركة متواضعة. اختار القائمون على المشروع، بحسب مدير العمليات نبيل عبد الرسول، هذه المنطقة لأنّ اللبنانيين يصطافون في المناطق الجبلية في الوقت الراهن ولا يستطيعون السفر، "فلحقنا زبائننا، وثمّة إقبال جيّد في عطلة نهاية الأسبوع، وأغلب الزبائن هم من اللبنانيين المقيمين. رفعنا بشكل بسيط الأسعار إذ لا يمكننا رفعها أكثر من ذلك، ونلتزم إجراءات الوقاية القصوى من كورونا. والآن، ليس ثمّة أرباح، العمل هو لتأمين رواتب الموظفين والمصاريف، فقطاعنا يقوم على المغتربين والأجانب، وهم ليسوا موجودين حالياً"، على قول المدير.

يقصد هاتين المساحتين لبنانيون من مختلف المناطق اللبنانية. امرأة من صيدا قصدت معرض كفرذبيان مع زوجها للتنزّه، فهي سمعت أصداء قوية عن المنطقة وجاءت للترفيه وللاستمتاع بطقس جميل. من عمشيت قدم رجل يتنزه مع ابنته أيضاً، ليزور المعرض، "سمعنا عنه كثيراً". وسيدتان تأكلان البوظة، وتجلسان على المقاعد الخشبية الموزّعة في مجمّع المطاعم، وجاءتا من بيروت للترفيه بعد سماعهما عن الحركة في المنطقة، وبنظرهما أنّ الأسعار ليست باهظة جداً.

 

 

 

 

 

 

 

 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم