الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

كيف يُفسّر العلم زيادة عدد حالات الاستشفاء بكورونا في لبنان؟

المصدر: "النهار"
ليلي جرجس
ليلي جرجس
كيف يُفسّر العلم زيادة عدد حالات الاستشفاء بكورونا في لبنان؟
كيف يُفسّر العلم زيادة عدد حالات الاستشفاء بكورونا في لبنان؟
A+ A-

عاد هاجس #كورونا إلى الواجهة بعد أن تناسى الناس وجوده وعادوا إلى حياتهم مُسقطين أدنى إجراءات الوقاية. هل حقاً دخلنا مرحلة خطيرة وفقدنا السيطرة على الفيروس محلياً أم بإمكاننا إعادة احتوائه والسيطرة على المجموعات الوبائية المتوزعة؟ ارتفاع حالات الاستشفاء مؤشر مقلق في ظل الأزمات الاقتصادية والصحية التي يرزح تحتها البلد، ما لا يعرفه كثيرون أننا لا نملك القدرات الاستشفائية الكافية في هذه المرحلة خصوصاً أن المستشفيات تئنّ من نقصها الفاضح، فهل يتخطى لبنان هذه الأزمة دون تسجيل كارثة صحية؟

لا يُخفي الباحث في علم الفيروسات والأمراض الوبائية الدكتور حسن زراقط قلقه من "ارتفاع عدد الإصابات في الآونة الأخيرة والتي تُعتبر مؤشراً مقلقاً وخطيراً، وتعود الزيادة في عدد حالات الاستشفاء والعناية الفائقة إلى زيادة عدد الإصابات الذي سُجل في الأسبوعين الماضيين، وستبقى هذه الأعداد مرتفعة نتيجة ارتفاع الأرقام أقله في الأسبوعين المقبلين أيضاً. نشهد اليوم منحى تصاعدياً في الحالات، فنحن حالياً في منطقة رمادية بين المرحلة الثالثة والرابعة من الفيروس خصوصاً أن البؤر الوبائية باتت متوزعة في مختلف المناطق اللبنانية وليست محصورة في بقعة جغرافية محددة. 

هل فقدنا السيطرة على الفيروس في لبنان؟ 

برأي زراقط "لم نفقد السيطرة بعد على الفيروس، وما زال بإمكاننا العودة إلى المرحلة الثالثة واحتواء الوباء شرط الالتزام بالإجراءات الوقاية كارتداء الكمامة والتباعد الاجتماعي وتفادي الأماكن المزدحمة. على كل شخص، قبل الخروج من منزله، أن يضع المخاطر  واحتمال التقاط العدوى التي قد يتعرض لها، وعليه يتقرر ضرورة الذهاب من عدمه. علينا جميعنا تحمل المسؤولية، سواء على الصعيد الفردي أو الجماعي. 

صرختنا اليوم ليست من باب التهويل، ولكن على اللبنانيين أن يعرفوا أن النظام الصحي مهترئ نتيجة الأزمات المالية واللوجستية والاقتصادية، ولا قدرة له على استيعاب الأعداد الكبيرة للاستشفاء. 

صحيح أن الفيروس يشهد تحورات وطفرات جينية بشكل دائم ولكن لا دليل على أنّ هناك سلالة جديدة أكثر فتكاً. الفيروس ما زال ينتشر، وسبب ارتفاع نسبة الإصابات وحتى الوفيات والحالات الحرجة تعود إلى زيادة أعداد المصابين وليس إلى حدّة الفيروس وتغيّره الجيني. حالياً، ما نراه من لبنان بعد فتح البلد والمطار وعودة الحياة والاكتظاظ في المطاعم والمناسبات والشواطئ دون الالتزام بالتوصيات، ستنعكس بطبيعة الحال ارتفاعاً في الإصابات والأعداد بطريقة متسارعة. هذا الفيروس سينتشر وسيؤثر على الفئات الأكثر عرضة للمرض والفيروسات، وهذا ما نلاحظه تدريجياً.

حتى الساعة صدرت دراسة واحدة فقط تظهر أن الفيروس لديه قدرة أكبر على التكاثر، ولكن نحن نتحدث في المختبر. وهذا التحوّل في الفترة الثانية من الجائحة أصبح منتشراً أكثر من الفيروس الأساسي. واستناداً إلى الأبحاث، نسبة الإماتة بالفيروس 0.65% والتي تعتبر أكثر من الانفلونزا الموسمية، وهذه القدرة على الإماتة ليست كافية لاضمحلال الفيروس لوحده. وبالتالي ما زال الفيروس ينتشر بشكل طبيعي، وينتقل بين بعض الأشخاص بطريقة صامتة فيُسهّلون انتقاله بطريقة أكبر". 

مشيراً إلى "أننا في مرحلة خطيرة، وعلينا تطبيق الإجراءات بصورة صارمة، وعلينا تضييق حركتنا الاجتماعية. وعلينا أن نعرف أنه بمجرد الخروج نحن نُعرض أنفسنا لمخاطر. ويبقى أن نعرف أنّ حالات الاستشفاء ستزيد نسبياً في الأسبوعين المقبلين نتيجة ارتفاع عدد الإصابات، ولكن إن شهدنا فجأة ارتفاعاً غير طبيعي في حالات الاستشفاء فهذا يعني وجود بؤر وبائية لا نعرف بها".

كيف يُفسّر الطب حدّة الفيروس بين شخص وآخر حتى عند الشباب؟

يشدد زراقط على أن "كل جسم يتفاعل مع الفيروس بطريقة مختلفة. بعض الأشخاص لا يحتاجون حتى للرعاية الصحية نتيجة عدم ظهور أي عارض صحي، في حين يحتاج قسم آخر إلى الدخول إلى المستشفى وتلقي العلاج. وهناك مؤشرات تُنذر بوجود الفيروس، وعلى الشخص عدم إهمالها لأن أي تأخير في تلقي العلاج من شأنه أن يزيد مخاطر المضاعفات وتدهور حالته الصحية. 

العناية الطبية في المستشفيات ما زالت تعتمد على العناية الروتينية كإعطاء المريض أدوية مضادة للالتهابات في حال معاناته من التهابات، أو الأوكسجين إذا كان يعاني من ضيق في التنفس. وكما بات معروفاً، كان لبنان يعتمد بداية على علاج الكلوروكين، ولكن بعد إثبات عدم فعاليته على المرضى، وبعد توقف منظمة الصحة العالمية عن استخدامه، علّق لبنان هذا العلاج. 

كذلك الأمر بالنسبة إلى علاج ريتونافير وهو أساساً يُعطى لمرضى HIV، إلا أنه لم يعطِ أيضاً نتائج إيجابية وأثبت عدم فعاليته وتمّ توقيفه من منظمة الصحة العالمية. 

وبالتالي لدى لبنان خياران: 

* دواء ريمديسيفير (Remdesivir) الذي أثبت فعاليته في تقليل نسبة الوفيات ولكنه ليس متوافراً بشكل واسع في العالم وكلفته عالية. كما أنه مفيد جداً في أول مراحل الفيروس قبل تطور الحالة الصحية للمريض.

* دواء Dexamethasone : عكس دواء ريمديسيفير، أثبتت الدراسات أنه فعاّل عند الحالات المتقدمة ونجح في التقليل من نسبة الوفيات وشفاء المريض بوقت أسرع. ويعمل هذا الدواء على ردات الفعل المناعية نتيجة الفيروس وليس على الفيروس بحدّ ذاته. 

شاهد أيضاً : هل فقد لبنان السيطرة على وباء كورونا؟... تابعونا عبر "يوتيوب النهار" مع الدكتور حسن زراقط

هل يصبح الشخص المصاب مُحصناً بعد إصابته؟ 

برأي زراقط، أن "مناعة القطيع تعني وجود عدد كاف من الأشخاص في المجتمع أُصيبوا بالفيروس وأصبح لديهم ردة فعل مناعية تحميهم من العدوى مرة أخرى. حسب التقديرات والترجيحات السابقة يجب إصابة 60-70% من السكان حتى يخفّ انتشار الفيروس. إلا أن الخبراء اليوم يُعيدون النظر في هذه الأرقام، وقد لا نحتاج إلى أكثر من 40-50% خصوصاً أن الأطفال ليسوا عرضة للفيروس مقارنة بفئات عمرية أخرى، وما زالت هذه النظرية قيد الدراسة.

أما بالنسبة إلى مناعة الشخص، وحسب الدراسات المنشورة، تبين أن كل الأشخاص الذين أصيبوا بالفيروس لديهم اليوم أجسام مضادة للفيروس، والنقاش يتمحور حول مدة بقاء هذه الأجسام وفي حال انخفض عددها هل يصبح الشخص معرضاً للإصابة مرة أخرى؟ أظهرت الدراسات أنه بعد مرور أشهر على الإصابة بالعدوى، نلحظ انخفاضاً لهذه الأجسام المضادة في الجسم ولكن هناك مناعة ناتجة من الخلايا المناعية التي تتذكر العدوى. وبالتالي في حال حدوث عدوى، ستكون أقل وطأة وحدّية من الأولى. ومع ذلك، ليس هناك دراسة محكمة تكشف إصابة الأشخاص مرة أخرى بعد أشهر من شفائهم، وفي حال حدوث ذلك فهو ليس بالأمر الشائع". 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم