الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

هل لكل ثقافة قومية أو دينية علم اجتماع خاص بمجتمعها؟

الدكتور أحمد بعلبكي
Bookmark
هل لكل ثقافة قومية أو دينية علم اجتماع خاص بمجتمعها؟
هل لكل ثقافة قومية أو دينية علم اجتماع خاص بمجتمعها؟
A+ A-
إذا ما عرّفنا العلم في شؤون الإجتماع بأنه يقوم على إجراء عملية مُمنهجة لاكتشاف تميُّز التكوُّن والتحوُّل للظواهر والعلاقات الإجتماعية داخل المجتمع، وبأن العلم يقوم على إجراء جهد فكري حول مكونات وظروف الظاهرة الاجتماعية مثلاً منطلقاً من الوصف إلى التحليل لاكتشاف ما تستثيره الظاهرة من ضرورة الفهم المكمّل للفهم الذي سبق ووفرته، بحدود اختصاصاتها مقاربات علوم اجتماعية أخرى، ينتهي التحليل بالضرورة الى صياغة قانون تشكل وتحوُّل الظاهرة المدروسة. وما كان لمثل هذا التدرج لفهم الظواهر والعلاقات الإجتماعية في المجتمعات الأوروبية الغربية بعد القرن الثامن عشر أن يحصل إلاّ مع توسع حركة التنوير (1715 - 1789) ومع تطور الثورة الصناعية وما فرضته من توسع ضرورات عقلنة التفكير الإجتماعي على حساب التفكير الديني. ولهذا كان من الموضوعي تاريخياً أن يتأخر تبلور الحاجة إلى خصائص مقاربات الممنهجة لعلم الإجتماع عن باقي علوم المجتمع والإنسان، ومنها خصوصا الفلسفة والتاريخ حتى منتصف القرن التاسع عشر. وكان أن تكامل تبلور الحاجة إلى خصائص إسهامات ومقاربات هذا العلم الجديد مع أوغست كونت (1797 - 1857)، وأن يتفرع في المجتمعات المتطورة الاوروبية من بعده ليُعمّق مقاربات العلوم الإجتماعية الأخرى وليبقى علماً مستورداً في المجتمعات المتدينة وثقافاتها التقليدية المتوارثة وجامعاتها، علماً يفكك المستور في اجتماعها وحكمها واستقلالها التبعي.غير انه لا بد من التذكير بأن المعالم التأسيسية لهذا العلم قد سبق وظهرت في القرن الرابع عشر لتميز هذا العلم عن علم تاريخ البلدان والتركيز على البحث في خصائص التشكل والتغير للجماعات والمجتمعات، ومنها خصوصا في موضوعات العمران والعصبية في البلدان العربية والإسلامية وكان رائدها المؤرخ والفيلسوف العربي الأندلسي الأصل عبد الرحمن بن خلدون (1332 - 1406). وتطورت هذه الأبحاث التأسيسية في أوروبا في القرن التاسع عشر مع (مونتيسكيو، 1689 - 1755) صاحب كتاب "روح الشرائع". وقد ربط بين مظاهر الحياة الإجتماعية والقانونية والإقتصادية والأخلاقية والدينية متأثراً بالنظام الملكي الدستوري في إنكلترا. وتكامل تميز علم الإجتماع من ثمّ مع مساهمة الفيلسوف الفرنسي أوغست كونت في تأسيسه للمنهجية التجريبية والفلسفة الوضعية، معتبراً أن الروح الإنسانية في حضارة المجتمع، كما في حياة الإنسان الفرد، تمر بالضرورة في 3 مراحل: المرحلة اللاهوتية والمرحلة الماورائية والمرحلة الوضعية. وتفرعت من ثمّ أبحاث علم الإجتماع في دراسة الأوضاع الإجتماعية للجماعات والأفراد وتحولاتها في بيئاتهم. وجاء بعده عالم الإجتماع الفرنسي إميل دوركهايم (1858 - 1917) المتأثر بالفلسفة الوضعية وبأهمية النظرية...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم