الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

الاتحاد الأوروبي أقر "خطة مارشال" لإنقاذ اقتصاده

الاتحاد الأوروبي أقر "خطة مارشال" لإنقاذ اقتصاده
الاتحاد الأوروبي أقر "خطة مارشال" لإنقاذ اقتصاده
A+ A-

في ختام قمة ماراتونية استمرت أربعة أيام وسادها توتر شديد، توصل الزعماء الأوروبيون الـ27 أمس إلى خطة تاريخية لدعم اقتصادات دولهم المتضررة جراء وباء كوفيد-19، تمول للمرة الأولى بواسطة دين مشترك.

تم الاتفاق على الحزمة البالغة قيمتها الإجمالية 750 مليار أورو بعد مفاوضات مكثفة وشاقة لوّح خلالها رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان بفرض "الفيتو"، وقاومت لاهاي وفيينا بعناد خطة بالغة السخاء في نظرهما، فيما رفع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون النبرة غاضباً.

وصرح ماكرون خلال مؤتمر صحافي مع المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل: "تم تخطي مرحلة مهمة"، فيما رأت ميركل التي تتولى بلادها حالياً الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي، أن الاتفاق "رد على أكبر أزمة يواجهها الاتحاد الأوروبي منذ إنشائه".

كما أشاد رئيس الوزراء الإسباني بدرو سانشيز خلال مؤتمر صحافي منفصل بـ"خطة عظيمة لأوروبا" واصفاً إيّاها بأنها "خطة مارشال حقيقية".

وقال رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال، الذي أشرف على القمة إن المفاوضات كانت "صعبة، في لحظة بالغة الصعوبة لجميع الأوروبيين".

واستمرت القمة أكثر من 90 ساعة، وكادت تتخطى الرقم القياسي التاريخي الذي سجلته قمة نيس عام 2000 التي خصصت للبحث في إصلاح المؤسسات الأوروبية واستمرت نحو 92 ساعة.

ولكن برزت انتقادات لحجم التنازلات المقدمة للتوصل إلى الخطة، خصوصاً من الناشطة الشابة المدافعة عن البيئة غريتا تونبرغ التي عبرت في تغريدة عن الخيبة. وكتبت: "كما كان متوقعاً، أنتجت قمة مجلس الاتحاد الاوروبي بعض الكلمات الجميلة وبعض الاهداف البعيدة المبهمة الناقصة، التي من شبه المستحيل تتبعها، ونكران تام للطوارئ المناخية".

ودعماً للاقتصاد الأوروبي الذي يعاني ركوداً تاريخياً، تنص الخطة على حزمة مقدارها 750 مليار أورو يمكن المفوضية الأوروبية اقتراضها في الأسواق. ويتوزع هذا المبلغ بين 390 مليار أورو من المساعدات و360 مليار أورو من القروض.

وتمنح المساعدات للدول الأكثر تضرراً جراء وباء كوفيد-19، وهي تمثل ديناً مشتركاً يتعين على الدول الـ27 سداده بصورة جماعية. أما القروض، فيتعين على الدول المستفيدة منها سدادها. وتضاف الخطة إلى موازنة الاتحاد الأوروبي البعيدة المدى لفترة 2021-2027 والبالغة قيمتها 1074 مليار أورو توزع إلى 154 مليار أورو سنوياً. والدين المشترك هو أول إجراء من نوعه يقره الاتحاد، ويقوم على اقتراح فرنسي - ألماني اصطدم بمعارضة شديدة من الدول "المقتصدة"، وهي هولندا والنمسا والدانمارك وأسوج، وانضمت إليها فنلندا. ورأى رئيس الوزراء الهولندي مارك روتي، الذي يتزعم الدول المقتصدة، في ختام القمة أن هذا القرض المشترك لا يشكل بداية "اتحاد نقل" للثروات بصفة دائمة من الشمال إلى الجنوب، وهو تحديداً ما حذر منه قبل المفاوضات. وصرح للصحافيين: "إنها عملية موضعية تظهر ضرورتها بشكل جلي في ضوء الوضع الحالي". وهددت الدول "المقتصدة" طويلاً بإحباط خطة النهوض الاقتصادي التي تستفيد منها بصورة خاصة دول الجنوب مثل إيطاليا وإسبانيا، وهي الدول الأكثر تضرراً جراء وباء كوفيد-19، غير أن شركاءها الشماليين يعتبرونها شديدة التساهل على الصعيد المالي. وللتغلب على هذه التحفظات، اضطر شارل ميشال إلى مراجعة اقتراحه الأساسي وتقديم ضمانات لها.

فبعدما كانت برلين وباريس تدعوان إلى تخصيص 500 مليار أورو من المساعدات، تم خفض هذا المبلغ إلى 390 ملياراً.

ورحبت مديرة المصرف المركزي الأوروبي كريستين لاغارد بالخطة، معتبرة أنها "تظهر أنه عند الضرورة الماسة، يتدخل الاتحاد الأوروبي ويتكاتف لمساعدة الناس في أوروبا". كما أُقرت خفوضات كبيرة في مساهمات الدول المقتصدة التي ترى أن حصتها الصافية في موازنة الاتحاد الأوروبي غير متناسبة.

ولاحظ شارل ميشال أنه "للمرة الأولى في التاريخ الأوروبي، تربط الموازنة بالأهداف المتعلقة بالمناخ، للمرة الأولى يصير احترام دولة القانون شرطاً لمنح الأموال".

وتم ربط تقديم المساعدات باحترام دولة القانون بموجب اقتراح قدمته المفوضية الأوروبية، ينص على "اتخاذ تدابير بالغالبية المحددة في حال حصول انتهاكات"، على ما أوضحت رئيسة المفوضية أورسولا فون - در لاين.

وكان هذا الشرط يصطدم بمعارضة قوية من بولونيا والمجر، الدولتين اللتين تواجهان آلية باشرتها المفوضية الأوروبية في حقهما لاتهامهما بتقويض المعايير القضائية الأوروبية والقيم الديموقراطية للاتحاد. وطالب رئيس الوزراء المجري الذي لوح باستخدام حق النقض في القمة، بوضع حد لهذه الآلية المعروفة بـ"المادة 7" في حق بلاده والتي يمكن نظرياً أن تفضي إلى عقوبات.

وتتطلب الخطة الآن مزيداً من المفاوضات التقنية بين الدول الأعضاء، إلى إقرارها في البرلمان الأوروبي الذي يبدأ مناقشاته المتعلقة بها الخميس.

ديون المصارف

في غضون ذلك، خلص تقريران بحثيان إلى أن الانهيار الاقتصادي الناجم عن تفشي فيروس كورونا سيسبب زيادة كبيرة في خسائر القروض للمصارف الأوروبية، إذ تقدر الخسائر في السنوات الثلاث المقبلة بأكثر من 400 مليار أورو (458 مليار دولار).

وأفاد تقرير من خدمات المستثمرين في وكالة موديز للتصنيف الائتماني، أن القروض للشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم والقروض الاستهلاكية غير المؤمنة في أوروبا، التي زادت أكثر من 20 في المئة بين نهاية 2014 وحزيران 2019، هي الأكثر تهديداً.

بينما جاء في تقرير من أوليفر وايمان أن الخسائر الائتمانية في المصارف الأوروبية قد تصل إلى 800 مليار أورو إذا اضطرت المنطقة لفرض إجراءات حجر شاملة للمرة الثانية للحد من انتشار الفيروس. وقالت شركة الاستشارات المالية إن هذه الخسائر الائتمانية تعادل أزمة منطقة الأورو بين عامي 2012 و2014، لكنها تقل بنسبة 40 في المئة عن الخسائر التي شهدتها الأزمة المالية العالمية بين 2008 و2010.

وقال كريستيان إدلمان الرئيس المشارك للخدمات المالية لمنطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا لدى أوليفر وايمان :"لن تقوض الجائحة القطاع المصرفي الأوروبي على الأرجح، لكن الكثير من المصارف ستتجه نحو ‭'‬وضع معقد‭'‬ مع ضعف الواردات بشدة".

وأورد تقرير موديز الذي استند إلى بيانات جمعتها هيئة المصارف الأوروبية، أن 14 من الانظمة المصرفية الأوروبية الكبيرة منكشفة على الشركات الصغيرة والمتوسطة والقروض الاستهلاكية غير المؤمنة.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم