الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

الصواريخ الفضائية لماذا نجحت في الأمارات وفشلت في لبنان؟

المصدر: النهار
خالد الحاج
الصواريخ الفضائية لماذا نجحت في الأمارات وفشلت في لبنان؟
الصواريخ الفضائية لماذا نجحت في الأمارات وفشلت في لبنان؟
A+ A-

من الرئيس شارل ديغول رئيس الجمهورية الفرنسية إلى الرئيس فؤاد شهاب رئيس الجمهورية اللبنانية: "لقد أثبتم قدراتكم في المجال العلمي، لا داع لتعريض لبنان للخطر". هذا كان مضمون النصيحة التي قيل إن الرئيس الفرنسي أرسلها الى صديقه اللبناني الرئيس فؤاد شهاب، ليقف معها البرنامج الفضائي اللبناني، ويتحول من مضمونه العملي الى مضمونه النظري، فكك لبنان مكرهًا صواريخه التي حملت آمال وأحلام اللبنانيين معانقة الفضاء واكتشافه.

يقول مانوغ مانوغيان أستاذ الفيزياء بجامعة ساوث فلوريدا الأميركية الأب الروحي ومعلم برنامج لبنان الفضائي: "كان حلمي استكشاف الفضاء، ولبنان كان بوسعه القيام بهذا". هو حلم ابتدأ برهان إثبات تميُّز العقل اللبناني في دولته لينتهي بإثبات أن تميّز اللبناني وإبداعه لا يكونان في لبنان. فلبنان الدولة الصغيرة حدودها تخنق أبناءها. والدليل على ذلك أن جميع أفراد هذا المشروع أكملوا حلمهم غرباً. رحلة لبنان في غزو الفضاء الذي ابتدأ مع 'أرز 1" سنة1961، وهدف بناء صواريخ قادرة على وضع أقمار صناعية على محور الأرض لإجراء دراسات بيولوجية وعلمية، ورحلة التعلم من فشل التجارب إلى نجاح تراكمي وصولاً إلى "أرز 8" في آب العام 1966، واجتياز صاروخ لبنان خط كارمان بارتفاع تجاوز 100 كيلومتر فوق سطح البحر، وصولاً الى الغلاف الجوي للأرض، وتحوله الى صاروخ بالستي، جذب النجاح اللبناني الاستخبارات الخارجية السوفييتية "KGB" ووكالة الأمن القومي الأميركي "CIA" وغيرهما من الوكالات الاستخباراتية. ورفض في الوقت ذاته مانوغيان طلب القوات المسلحة اللبنانية بتحويله إلى سلاح عسكري. 

في الأمس أطلقت الإمارات مسبارها الفضائي لاكتشاف المريخ والمخطط أن يصل إلى المريخ بحلول عام 2021، تزامناً مع ذكرى مرور خمسين عاماً على قيام اتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة. الإمارات العربية التي تثبت يومًا بعد يوم أنها على مسار اليابان لتصبح دولة من كوكب آخر، بالمعنى الإيجابي، دولة عربية تسقط كثيراً من الأفكار التي حاولت حكوماتنا في العالم العربي أن ترسمها لسنين، وفي لبنان خاصة بجملة "ما خلونا نشتغل"، تثبت الإمارات اليوم فكرة أن النجاح في الدول العربية ممكن، والأمر يرتبط برأس الحكم، حلم الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم أن تكون دبي كبيروت يوماً ما، بدأ بفكرة وارتبط بعمل لسنين حتى يصل إلى واقع اليوم بأن "بدنا نحلم أن تكون بيروت كدبي".

المفارقة اليوم أن الإمارات العربيّة التي اتَّحدت عام 1971، فيما أطلق لبنان أول تجاربه لغزو الفضاء سنة1961، تغزوه في ذكرى 50 سنة لتأسيسها، فيما دولتنا في ذكرى 100 سنة على إنشائها تتجه بنا إلى العصر الحجري. أليس عارًا أننا لم نستطع حتى مشاهدة إطلاق مسبار الإمارات، لم نستطع متابعتها عبر التلفاز لأن التيار الكهربائي المقطوع يرزح تحت فساد عظيم يبتلع مليارات الدولارات.

يقول محمد بن راشد إن الحكومة ليست سلطة على الناس، ولكنها سلطة لخدمة الناس، لذلك فإن مقياس نجاح الحكومة هو رضا المتعاملين معها. ودليل على التطبيق الفعلي لأن تكون الحكومة أفعالاً وليست اقوالاً. ومثل حيّ على ذلك هو التغيير الذي قام به الإماراتيون نتيجة جائحة كورونا، حيث قاموا بتغيير سريع ومرن في الحكومة لمحاولة تدارك ثغرات كشفتها الأزمة، فيما يقول رئيس الحكومة في لبنان بعد الفشل الكبير الذي ضرب عملية إداراة الملفات في الدولة داخليًا وخارجيًا، بأنه لن يستقيل لأن البديل لن يكون موجوداً. ويحدثنا في الوقت ذاته عن حكومة "اقوال لا أفعال" عن إنجازات لا نعلمها بلغت 97%. وبالعودة إلى برنامج الفضاء اللبناني، يتبادر سؤال من الجو العام اليوم وهو: "لو وقف لبنان السياسي - العسكري على حياد إيجابي من التجارب العلمية التطبيقية على الصواريخ في ذلك الماضي دون أن تأخذه نشوة استعمال الصواريخ لأغراض عسكرية، هل كنا لنقف اليوم ننظر إلى الدول العربية الشقيقة تغزو الفضاء، أم كنا لنقدم لهم خبرتنا في ذلك المجال؟

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم