الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

الروح الحيادية العميقة في تاريخ لبنان الانحيازي

جهاد الزين
جهاد الزين
Bookmark
الروح الحيادية العميقة في تاريخ لبنان الانحيازي
الروح الحيادية العميقة في تاريخ لبنان الانحيازي
A+ A-
مع أن لبنان في تاريخه المئوي قد انحاز و تورّط في خيارات الذروة الصراعية في المنطقة مراتٍ عدة، سلمياً ثم "حربْ أهلويّاً" ضد حلف بغداد في الخمسينات وعسكريا ضد إسرائيل في الستينات والسبعينات الفلسطينية في القرن العشرين والآن في سنواتنا الإيرانية المستعارة والمستعِرة سياسيا... مع أن تاريخه انحيازيٌ فإن روحاً عميقة من الحياد تنبعث من تكوين هذا البلد المنقسم دائما...ما الذي يجعل إذن "الوطنية اللبنانية" فئويةً إلى هذا الحد بينما تكوينه يبعث دائما بموجات حيادية غير منظورة كتلك التي تنبعث من جسم معدني مدفون ؟لا تأتي موجات الحياد من "نفاياتنا" الثقافية، أو من خرافاتنا الساذجة عن أصولنا بل من أعلى وأرقى ما فينا الذي لا يُقال وغالباً لا يُكتب، تأتي من تكوين حصيلتنا الحياتية، من نمط حياتنا الذي صنعه كيانٌ لم يتوقّع مؤسِّسوه الفرنسيون أنه سيصدر عنه كل هذه الإشعاعات الخطرة الوطنية والانشقاقية والإرهابية والإبداعية والتحديثية والدينية والتفتيتية والتوحيدية والتخلّفية والتقدمية...ومع أن لبنانَنا هذا بلدٌ روحُهُ حياديّةٌ فهو لم يعثر بعد على حياده الضائع. كأن كل تاريخه، أعني المائة عام، يشبه مولودا يبحث عن أبيه الضائع وأحياناً عن أمه وأبيه معاً. لكن لبنان ليس لقيطاً بل هو الحائر الذي لم يعثر على نفسه..المسألة العويصة التي تواجهها الروح الحيادية اللبنانية في العقد الثالث البادئ من القرن الحادي والعشرين هي التبدلات، أحيانا الفوضوية ولكن الجدية جدا في النظام الإقليمي العربي كما كان الأمر دائما في التأثير باتجاه واحد على هذا الصعيد: من المنطقة إلى لبنان وليس العكس.. وسأقول هنا كلاما ربما اعتبره البعض متسرّعا هو أن النفوذ الإيراني الحالي هو نفوذ عابر حتى لو أن كلفة الخروج منه ستكون مكْلفةً جدا. فليس لهذا النفوذ مشروع ثقافي حتى لو كان له مشروع أيديولوجي. الفارق كبير. المشروع المستقبلي للقوى الشبابية والنسائية الحية في المجتمع الإيراني هو مشروع غربي ثقافيا وينتظر كل مناسبة لإمكان صلح إيراني أميركي للتعبير عن نفسه حتى لو أجهضَتْه ردود الفعل المتطرفة في واشنطن أو طهران. المفارقة هنا أن الخيار...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم