بكاء قلم

مرفت السيد أحمد عبد الحميد مصر

انخراطى فى الآونة الأخيرة في بيئة المثقفين والكتَّاب والعلماء، جعلتنى أتساءل طالما نحن نملك هذا الكم الكبير من المتعلمين فى كافة المجالات، فلماذا وصل الحال بنا إلى هذا الحد من الجهل والتجهيل والانحطاط والانحراف والتخلف عن سباق الأمم؟

لماذا صرنا هذا العالم العربي المتخلف، البيئة المريضة الموبوءة التى ينفر منها كل ذي عقل حتى أبناؤها؟

لماذا سقطت الأخلاق فى هوة سحيقة، وبقي العلم وحده مع حيوانية البشر؟

لماذا تجردت منا الحضارة وهربت خائفة كابن يشعر بالعار من آبائه سيئي السمعة؟

ولا أستطيع أن أحصي كمّ الأمراض النفسية والاجتماعية الموجودة في مجتمعنا !!!..

ولا حالات الانتحار، ولا الإلحاد، ولا القتل.

وكنت فى السابق أبرر بأن كل سقطات مجتمعنا سببها نقص العلم.

لكن كيف تفسر حادثة أستاذ الجامعة المتحرش، والكثير من العلماء الذين سخّروا الفتوى لمحاباة أشخاص ضد أشخاص، والطبيب سارق الأعضاء، والمهندس الذى يقتل أرواح لخدمة صاحب العقار، والموظف المرتشي، والسياسي الفاسد، والثائر العميل، وو. . . . ..الخ

فضلاً عن الإعلامي الذى يبث السموم، يعمل بمبدأ اكذب ثم اكذب حتى يصدقك الناس، أمثلة كثيرة جداً جداً.

وكأننا أصبحنا نعيش في مسرح كبير، بل سيرك لا بد لكل منهم تمثيل دوره، وللأسف جلهم يمثلون أدوارهم كالاراجوزات بامتياز.

سيرك كبير وظيفته اللعب بآمال ورغبات الناس وتحريك العالم لمصلحة أصحابه الحقيقيين.

حتى صاحب القلم إلا ما رحم ربي أصبح يدين ويشجب الحكومة نهاراً ويتناول معهم العشاء ليلاً.. ويؤلف كتاباً بيد يدين فيها التحرش والاغتصاب والفساد، وباليد الأخري يساوم من أجل العَيش والمتعة.

عندما فكرت فى هذا كله لم أجد إجابة إلا جملة قالها الكاتب محمود أبو زيد على لسان أحمد ذكى:

" ويل للعالم إذا انحرف المتعلمون وتبهيظ المثقفون ".

تبهيظ بمعنى: ثَقُل المتاع عليهم.

من المسلمات أن صلاح الأمم والشعوب يأتي من صلاح مثقفيها وعلمائها وخصوصاً المتدينين منهم. فماذا لو فقدوا صلاحهم؟

ورحم الله الشيخ الغزالي عندما قال: "إن انتشار الكفر فى العالم يحمل نصف أوزاره متدينون بغضوا الله إلى خلقه بسوء صنيعهم وسوء كلامهم".

فهل حقاً أن المتعلمين فى الوقت الحالى من مصلحتهم التجهيل بأن يظل الناس فى ضلالهم وجهلهم حتى يضمنوا البقاء والسيطرة لأن المواجهة حتما ستهلكهم أم أنها لقمة العيش وشغف الحياة؟