الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

الانتخابات البلدية الفرنسية تقود 60 لبنانياً ولبنانية إلى مواقع القرار

المصدر: "النهار"
كابي لطيف - باريس
الانتخابات البلدية الفرنسية تقود 60 لبنانياً ولبنانية إلى مواقع القرار
الانتخابات البلدية الفرنسية تقود 60 لبنانياً ولبنانية إلى مواقع القرار
A+ A-

برغم جائحة كورونا، توجَّه الفرنسيون إلى الاقتراع في الانتخابات البلدية التي تجري كل ست سنوات. أسقطوا أوراقهم وخياراتهم في صناديق الاقتراع، ففاز ستون لبنانيًّا ولبنانية في بلديات باريس وضواحيها، وحصد ستة لبنانيين مواقع متقدمة في الريف الفرنسي. خصوصية الانتخابات البلدية أنها تتفاعل مع العمل المحلي وتستقطب الناشطين في المجتمع المدني، وتعزز دورهم في الجمعيات بمعزل عن انتمائهم إلى الأحزاب. فالعمل البلدي شعارُه المصلحة العامة لا العقيدة السياسية، وهذا يتيح الفرص لغير الحزبيين أن يمارسوا العمل الميداني بخدمات لمجتمعاتهم. واللبنانيون برعوا في تأسيس جمعيات ناشطة أثبتت فعاليتها في جميع المناطق الفرنسية، وهذه خصيصةٌ من ثقافة الشعب اللبناني أن يتفاعل مع محيطه أينما وجد، وقد تكون هذه من خصوصية لبنانيي العالم.



توقفت عند تجربة ثلاثة من الفائزين حول الدور الذي يؤدونه، ونظرتهم إلى وطنهم الأول. جيروم حجار، رئيس جمعية المجلس اللبناني الفرنسي "كوليف" Colif، فاز في"رينجيس" Rungis (المقاطعة 94)، وهو من بلدة قيتولي مواليد عين الرمانة سنة 1971 وغادر إلى فرنسا سنة 1990، أجاب: "نحن أرزٌ جذورُه في لبنان، وجذعُه وفروعُه في فرنسا. نحب بلدنا بالانتساب بقدر ما نحب أرضنا الأم. غالباً ما يطلق علينا إسم الفرنسيين-اللبنانيين وهذا خطأ. فنحن لبنانيون 100 في المئة وفرنسيون 100 في المئة". وعما أعطته اياه فرنسا وزوّده به لبنان وكيف يتعاطى مع بلده الأم في هذه المرحلة، أجاب حجار: "عرفنا لبنان في الحرب بلد الآباء والأجداد وتعلمنا الوفاء له. هدفنا أن نوحد الكلمة للدفاع عن وجودنا في فرنسا كما في لبنان. فرنسا منحتْني الفرصة كي أدرس وأحصل على منحة تعليمية". عن نجاح اللبناني في فرنسا، يؤكد: "وسائل النجاح كانت متوفرة أمامنا، وكذلك الفرص المتاحة لنا في المجتمع الفرنسي كي ننطلق إلى النجاح. واللبناني-الفرنسي يشعر بواجب رد الجميل إلى هذا البلد الذي احتضنه وبلسم جراحه. دور اللبناني كبير لمساعدة أهله في لبنان للصمود ضد الجوع والفقر والهجرة. ولدى Colif أنشطة عدّة: حفلات خيرية، مبادرات في إطار الاحتفال بمئوية لبنان الكبير، مبادرة لبنان في الدائرة الخامسة لصالح رجال الإطفاء اللبنانيين، معرض PHOTO EXPO عن لبنان الذي نعمل على تنظيمه في جميع البلديات في فرنسا. ونقوم أيضًا بالمساعدة الإنسانية، فبعد وباء كوفيد-19 وزّعنا حصصًا غذائية طيلة 3 أشهر على أكثر من 2500 عائلة في جميع مناطق لبنان. ومؤخراً أقمنا لقاءً تكريمياً للمنتخبين في انتخابات فرنسا البلدية ودعوات لمتابعة التبرع لمساعدة أهلنا في لبنان. وإذا كان لبنانيو فرنسا قادرين على التميّز وتبوُّؤ المراكز الحساسة في المجتمع الفرنسي، فإن ذلك يعود إلى قدرتهم على الاندماج وتقديم الخدمات والمدافعة عن حقوق المواطنين".

هذا في فرنسا. أما في لبنان فالمجتمع المدني مكبّل، ولم يتمكن من لعب دوره في الشأن العام رغم الطاقات الموجودة. فهل يعود ذلك إلى أن العمل البلدي في لبنان مرتبط غالبًا بالأحزاب والبلديات خاضعة لأحزاب عقائدية توظفها لمكاسب سياسية؟ المجتمعات المتقدمة، ومنها فرنسا، تفسح المجال للطاقات الشابة أن تؤدي دورها، فتتيح لغير الحزبيين ممارسة العمل الميداني عبر المجتمع المدني وجمعيات دخلت الشأن العام وتشارك في الحياة العامة دون مرورها بقنوات الأحزاب. فالعمل البلدي مصلحة عامة وليس عملاً عقائدياً.

موسى غانم، الفائز في مدينة "بوتو" Puteaux (ضاحية باريسية) ومسؤول العلاقات مع الفائزين الفرنسيين من أصول لبنانية في الجامعة الثقافية اللبنانية - فرع فرنسا.

هو من قرية جورة بدران ومن سكان مدينة غزير في فتوح كسروان، مواليد عام 1962 غادر لبنان عام 1989 بعدما عاش ويلات الحرب. عن انخراطه بالعمل المجتمعي يقول: "منذ البداية لاحظت نقصاً في التعاطي بين اللبنانيين فأنشأت مع مجموعة أصدقاء أول جمعية في ضاحية 92 الباريسية حملت اسم Cèdres sur Seine ("أرز على نهر السين")، وأنشأت أكثر من عشر جمعيات في فرنسا. ومؤخراً اتحدت 23 جمعية فرنسية-لبنانية لمساعدة لبنان". بلده الذي علمه حب الأرض والبحر والهواء هو أرض الأجداد والإرث الذي لا كيان له إلا في أرضه. عن لبنان اليوم يقول: "لبنان يمر بمرحلة صعبة جدًّا. نتعاطف مع كل ما يجري لشعبه. نحن كمنتخبين بصدد تنفيذ مشاريع كثيرة للإضاءة على ما يحدث بعيدًا عن الطوائف والأحزاب. دورنا إظهار الوضع الإنساني في لبنان للرأي العام الفرنسي. فرنسا أعطتني ما كان ينقصني في بلدي: حقوقي كمواطن، والديمقراطية، وحالة هدوء لم أجدها في بلدي".



الفائز الأصغر سناً في بلدية مدينة "سورين" Surennes في الضاحية الباريسية أنطوان كرم، المولود في فرنسا سنة 1995، يقول عن انتخابه: "فرنسا أتاحت لي بيئة حياتية غنية جدًّا. نشأتُ فيها وأتاح لي التعليم المدرسي تحقيق وتطوير مشاريعي الشخصية والمهنية المختلفة". وعن مشاريعه لمدينته بعد فوزه يقول: "يركز مشروعي لـ Surennes على الرياضة. وهي مهمة كلَّفني بها رئيس البلدية لتطوير وتنويع الأنشطة الرياضية حفاظًا على أجسام وعقول شبابنا". أما لبنان، الذي يزوره كل صيف لتمضية العطلة السنوية، فينظر إليه من بعيد، و"لن أزوره هذا الصيف ولن أرى أهلي في بلدتي بسكنتا. غير أن لبنان سمح لي، بكنوزه المتعددة الثقافات، أن يكون لي عقل منفتح على العالم من حولنا ونهج أفضل أعتمده في أفعالي اليومية". وعن إمكان مساعدة لبنان في هذه المرحلة يقول: "لا رؤية لديّ على المدى القصير لأنني أفتقر إلى الخبرة والمعرفة بالسياسة الاقتصادية اللبنانية".

استوقفني هذا الجواب الذي يشي بالكثير. وفعلًا: مَن هو القادر على المعرفة بالسياسة الاقتصادية في لبنان والمشروع الذي تدافع عنه الدولة اللبنانية؟ أليس كل شيء مبهمًا غير واضح ولا يرتكز على أي أساس؟ كل هذه الفوضى والضوضاء تثير الابتعاد والانتظار لدى لبنانيي الخارج. غير أنني أستعيد عبارة جيروم حجار "نحن أرزٌ جذورُه في لبنان، وجذعُه وفروعُه في فرنسا"، وأرى وجه لبنان بجناحيه وفروعه الممتدة إلى أقاصي الأرض. فلِلُبنان مَن يمثّله خير تمثيل خارج حدوده، وأبناؤه طاقة لبنانية فاعلة ومؤثّرة في خدمة المجتمع الفرنسي. أما في الداخل، فالأمر مختلف، ويبدو أنه... بعيد المنال!

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم