أخيراً... خبر سار عن كورونا

من بداية ظهور كورونا في أواخر العام الماضي، تتسارع الأخبار السلبية والكئيبة حول الوباء. وفيات وإصابات وفشل علاجات وغيرها من الأخبار التي لا تفسح المجال لبصيص من الأمل. والأسوأ أنه يخيّم حول الوباء غموض مرعب لا يدعو للتفاؤل وكأن العالم يمشي حالياً نحو المجهول. اليوم يبدو أن المعطيات الإيجابية حول كورونا بدأت تظهر أخيراً. عبر "النهار" تنقل الطبيبة الاختصاصية في الأمراض الجرثومية في المركز الطبي للجامعة اللبنانية الأميركية-مستشفى رزق الدكتورة رلى حصني خبراً إيجابياً يزرع الأمل في القلوب ويعد بإمكان تطور الأمور إيجاباً بشكل يمكن أن نرى فيه نهاية محتملة للوباء الذي عجزت كافة المحاولات عن التصدي له.

أي تغيير إيجابي حصل اليوم في فيروس كورونا؟

منذ أن انتشر وباء كورونا تسود الأخبار السلبية المتعلقة به، خصوصاً نتيجة انتشار الفيروس السريع وصعوبة السيطرة عليه وارتفاع عدد الوفيات دون توافر علاج له. التغيير الإيجابي الحاصل اليوم يتعلق بطبيعة الفيروس التي نشهد حالياً اختلافاً فيها. ففي مقابل زيادة معدلات انتشار الفيروس أكثر من السابق بعد وارتفاع أعداد الإصابات ما يعتبر عنصراً سلبياً، نشهد تغييراً في طبيعته لجهة تراجع ملحوظ في معدل الوفيات والحالات الحرجة. فيبدو أن ثمة تغييراً جينياً فيه يجعله أقل خطورة من السابق لا على صعيد لبنان فحسب بل في العالم ككل. ففي الولايات المتحدة الأميركية حيث ارتفعت معدلات الوفيات بشكل مرعب في المرحلة السابقة، يلاحظ اليوم زيادة في انتشار الفيروس يقابله تراجع ملحوظ في معدل الحالات الحرجة والوفيات. أما في لبنان فيبدو هذا واضح أيضاً حيث تراجع معدل الحالات الحرجة أيضاً ويفسّر ذلك بتغيير جيني معين طال طبيعة الفيروس وجعله اقل عدوانية ولو أكثر انتشاراً.

قبل أيام أعلنت منظمة الصحة العالمية عن معطيات جديدة تشير إلى انتقال الفيروس بالهواء، ما الجديد فيها؟

لطالما كان هناك جدل حول كيفية انتقال فيروس كورونا في الهواء والفترة التي يبقى فيها الخطر موجوداً لانتقال العدوى. عادت اليوم منظمة الصحة العالمية وحسمت الجدال بالتأكيد على أن الفيروس يمكن أن ينتقل بالهواء في الأماكن المغلقة. كما أكدت أن الفيروس يمكن أن ينتقل بالعدوى من اشخاص يحملونه ولا تظهر لديهم أية أعراض.

بحسب منظمة الصحة العالمية يمكن أن ينتقل الفيروس بالهواء في الأماكن المكتظة المغلقة، فيما اعتبرت أن طريقة انتقال الفيروس هذه تبقى موضع شك لكن هذا الاحتمال يبقى أكثر خطورة على أفراد الجسم الطبي أثناء القيام بالتدخلات الطبية لمرضى، خصوصاً مع ازدياد المعطيات العلمية التي تشير إلى ذلك.

وفي ما يتعلق بطريقة الانتقال هذه، قد ينتقل الفيروس من خلال الرذاذ والقطيرات الصغيرة إلى درجة أنها يمكن أن تنتقل في الهواء. وقد يكون الانتشار الواسع للفيروس في دول عديدة حصل بسبب وجود هذا الاحتمال وطريقة الانتقال هذه التي تسمح بانتشاره بمعدلات واسعة في حال عدم اتخاذ التدابير الوقائية اللازمة كما قد يحصل في المطاعم وأماكن العمل والنوادي الليلية، حيث يمكن أن يكون هناك مجال للكلام أو الحديث بصوت مرتفع أو الغناء مما يفسح المجال لانتقال الرذاذ الملوث إلى الاشخاص الموجودين في المكان.

لكن تشدد منظمة الصحة العالمية أن طريقة الانتقال هذه تعتبر أكثر أهمية وخطورة لأفراد الجسم الطبي الذين يقدمون علاجات لمرضى كورونا يمكن أن تنتج رذاذاً يتعرضون له ما يزيد خطر التقاطهم العدوى، وإن كانت في الوقت نفسه يمكن أن يعيش الفيروس خلال ساعات في الهواء في الاماكن المغلقة المكتظة عامة ما يزيد خطر انتشاره بهذه الطريقة. ويبقى الخطر الأكبر في التقاط العدوى ناجماً عن عطس المريض أو السعال رغم هذه المعطيات. لمزيد من الحرص يبقى من الأفضل اتخاذ الإجراءات الوقائية في الأماكن العامة وغسل اليدين واستخدام الكمامة. ويُفضَّل تجنب الأماكن المكتظة والمغلقة حيث لا تكون التهوئة الجدية متوافرة. هذا إضافةً إلى أهمية الحرص على التهوئة في المكاتب والمنازل.

وفي الوقت نفسه عادت وأكدت منظمة الصحة العالمية حول موضوع انتقال الفيروس دون أعراض أنه يبقى قابلاً للانتقال بالعدوى من أشخاص لا تظهر لديهم الأعراض بعكس ما جرى التداول فيه قبل أسبوعين، حيث كانت قد أشارت إلى أن انتقال العدوى يحصل نادراً جداً في حال عدم ظهور أعراض.

بحسب حصني ثمة دراسات عديدة أثبتت انتقال الفيروس من خلال الهواء وهذا ما يعتبر منطقياً أصلاً نظراً للانتشار الواسع والسريع للفيروس. فكان من الطبيعي التفكير بانه ينتقل بالهواء. اليوم بعد أن كان ذلك يقتصر على الفرضية، تتجه الدراسات إلى تأكيده فقد تبين أن الفيروس يعيش في الهواء ساعات عديدة، فيما تنخفص معدلاته مع مرور الوقت وفي حال عدم وجود تهوئة. يؤكد ذلك ان الخطر يزيد في الأماكن المغلقة ويمكن أن ينتقل الفيروس من شخص إلى آخر سواء كان الأشخاص على مسافة قريبة أو بعيدة.هل تبقى الحماية ممكنة في مكان مغلق؟

إذا كان الخطر موجوداً هذا لا يعني أن الوقاية غير ممكنة. بل يشير ذلك إلى أن الكمامة ضرورية في هذه الأماكن أكثر من أي مكان آخر، فيما يمكن الاستغناء عنها في الهواء الطلق. وتطبق هذه القاعدة على الناس كافة دون استثناء وتزيد أهميتها في المستشفيات حيث تزيد المسؤولية في العمل على الحد من انتشار الفيروس وانتقاله بين الموجودين فيه ما يبرر وجود قسم خاص لمرضى كورونا منعزل تماماً من كافة النواحي عن باقي أقسام المستشفى مع تهوئة خاصة به.