الثلاثاء - 16 نيسان 2024

إعلان

الحملة على الشركات المستوردة للنفط: حين يُعرف السبب يبطل العجب!

المصدر: "النهار"
الحملة على الشركات المستوردة للنفط: حين يُعرف السبب يبطل العجب!
الحملة على الشركات المستوردة للنفط: حين يُعرف السبب يبطل العجب!
A+ A-

منذ فترة غير بعيدة والشركات المستوردة للديزل والبنزين تتعرض لحملة مشبوهة وممنهجة لضرب سمعتها وذلك باتهامها بتهريب مادتي الديزل والبنزين الى خارج الحدود اللبنانية. ويبدو واضحا ان الهدف من هذه الحملة هو وضع هذه الشركات، التي لا تزال تقوم بعملها في ظل الظروف الاستثنائية التي يمر بها البلد، تحت مجهر العقوبات الدولية وتوقيف أعمالها لضرب الاقتصاد اللبناني وشلّه، خصوصا أن تجمّع الشركات المستوردة للنفط يضمّ 13 شركة خاصة تستورد مادتي البنزين والديزل لبيعها في السوق اللبنانية. وهذه الشركات لها منشآتها ومصباتها الخاصة على طول الشاطئ اللبناني.

في سياق تحقيق خاص قامت به "النهار"، تبين ان هذه الحملة "المشبوهة" في توقيتها وخلفياتها وتستدعي جملة من الاسئلة لعل أبرزها: هل المطلوب ضرب الامن الاقتصادي- الاجتماعي خصوصا في ظل الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد؟ وهل المطلوب ضرب سمعة الشركات في الخارج لغاية في نفس يعقوب؟ ولماذا شن الحملات على قطاع له باع طويل من العمل في لبنان يصل الى 100 عام تقريبا وفيه، الى الشركات اللبنانية 100% أو يملك غالبية اسهمها، مستثمرون اجانب وشركات كويتية وسعودية وفرنسية وانكليزية، عدا عن أنه يوظف نحو 5 آلاف عامل وموظف بشكل مباشر و20 ألف شخص على نحو غير مباشر، ولماذا تزامنت هذه الهجمة على الشركات مع فتح ملف الفيول المغشوش؟ ولماذا الحديث عن التهريب الى سوريا بالتزامن مع بدء تطبيق قانون "قيصر"، والحديث عن "امكان فرض عقوبات" على هذه الشركات.

خيوط المؤامرة باتت واضحة بدءا من المصدر الذي تورط أخيرا بملفات نفطية استدعت تواريه عن الانظار وبات هدفه إغراق القطاع بكامله على قاعدة "هدم الهيكل على رؤوس الجميع" بغض النظر عما قد يسببه من هدم لبنية الوطن الاقتصادية والاجتماعية، الى "الأبواق المأجورة" التي تبث الشائعات لضرب سمعة الشركات ومؤسسة الجيش اللبناني في سبيل حفنة من الدولارات، علما أن صدقية هذه الحملات يؤكدها فقط المعنيون الرسميون وهي جاءت لمصلحة الشركات الخاصة ومنشآت النفط التابعة للدولة اللبنانيةإ إذ أصدر الجيش اللبناني بيانا أكد فيه أن الحدود ممسوكة، وكذلك أكد كل من وزير الطاقة وممثل مصرف لبنان في اجتماع لجنة الطاقة النيابية أن الشركات المستوردة والمالكة للمنشآت والخزانات على الشاطىء، ومنشآت النفط في الزهراني وطرابلس، كلها مؤسسات محترمة ولا تقوم بأعمال تهريب بدليل أنها خاضعة لمراقبة وزارة الطاقة والمديرية العامة للجمارك التي أكدت بدورها مرارا أن الشركات لا يمكنها تهريب المازوت الى سوريا، خصوصا اذا اخذنا في الاعتبار، بعد تحققنا منها، الآلية التي تعتمدها دائرة الجمارك للتأكد من وصول كميات المازوت الى الزبائن في لبنان. فمندوب الجمارك يدقق بالقسائم التي تصدرها الشركات مرفقة بكتاب مفصل عن كل زبون وعنوانه ورقم هاتفه، كما تحدد ساعة الخروج من الشركة وساعة الوصول الى الزبون وفي أي منطقة. وفي حال حصول عطل تتبلغ الجمارك رقم الصهريج وفي اي منطقة حصل العطل، علما أنه بعد الساعة الخامسة يحظر ارسال البضائع الى محافظتي عكار والبقاع، مع التشديد على كل الموزعين التعهد ببيع مادتي المازوت والبنزين الى زبائنهم من المحطات والمولدات والمصانع والمزارعين والافران والمستشفيات فقط.

وإذا كانت الشركات غير معنية أو متورطة بالتهريب، إلا أن ذلك لا يمنع السؤال عن مصير آلاف الاطنان من المازوت التي تُسحب من السوق بطريقة تستدعي الشكوك؟ إلا أن الجواب عن هذا السؤال نجد تفاصيله عند محال الحدادة التي تتلقى طلبات هائلة من المواطنين وغيرهم من اصحاب المهن الصناعية لشراء "خزانات" سعتها ما بين 25 الف ليتر و50 الفا، خوفا من انقطاع هذه المادة أو ارتفاع سعرها لاحقا. كما لا يمكن اغفال الكميات الزائدة التي تطلبها السوق بسبب ازدياد ساعات التقنين من قبل مؤسسة كهرباء لبنان. ولا يمكن غض النظر عن عمليات تهريب محدودة من أفراد بغية الافادة من ربح ما، وهو امر يمكن أن يحصل في كل دول العالم، وما عمليات التهريب التي تحصل بين كندا والولايات المتحدة وبين الاخيرة والمكسيك إلا دليل على ذلك.

ولكن ماذا في تفاصيل الحملة؟

بدأت الحملة بترويج فيديو لصهاريج تابعة لشركة "كورال" والادعاء زوراً انها متجهة الى سوريا، ثم توالت الاخبار والصور الزائفة والمقالات في المواقع الالكترونية المحلية والعربية، بعضها تحت أسماء وهمية وبعضها الآخر بأسماء معروفة، تتهم شركات "ميدكو"، "هيبكو"، "ليكويغاز"، "يونيترمينل"، "كورال"، و"توتال"، بالتهريب الى سوريا. واللافت أن الحملات لم تقتصر على الشركات الخاصة بل تعدتها الى منشآت النفط في طرابلس والزهراني التابعة للدولة اللبنانية ومؤسسة الجيش اللبناني التي تم اتهامهما بالفساد أيضاً.

الافتراءات تنوعت بين تداول فيديوات تظهر صهاريج تابعة لشركة "كورال" تسير على طريق منطقة النبي شيت في مشهد ليس بغريب في الأيام العادية، لكن بعض الجهات تعمدت من خلال أحد الاشخاص من أصحاب السوابق تشويه الحقائق والزعم ان هذه الصهاريج تنقل مادة الديزل والبنزين الى خارج لبنان ونشرها على شبكات التواصل الاجتماعي، ومن ثم عاد وتراجع عنها في اليوم التالي بعد تفشّيها. ومن ثم تم التجني على شركات هيبكو، ليكويغاز، ويونيترمينل بالتهريب الى سوريا. وتوسع ايضاً في الموضوع نفسه بحملة على شركة ميدكو، وانتهت الشائعات بالتجني على شركة توتال بالتهريب والجيش اللبناني بالفساد.

المفارقة انه بعد كل رأي او مقال كان ينشر، يتم سحبه من مصدره بعد التأكد من ترويجه على وسائل التواصل الاجتماعي.

أمام هذه الوقائع، بدل الترويج للافتراءات والشائعات وفبركة الأخبار السيئة والمضرة باقتصاد البلاد واستمرار الشركات في القطاعين العام والخاص التي تحتضن آلاف العائلات وتعتاش منها، المطلوب من المعنيين تكذيب هذه الشائعات وتبيان الحقيقة الضائعة بين بريء من تهم ترمى عليه بالجملة ومضلل يسخّر صلاته في مواقع النفوذ لتشويه الحقيقة وإبعاد سيف العدالة عن عنقه.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم