الثلاثاء - 23 نيسان 2024

إعلان

مقترح أميركيّ لحلّ أزمة أس-400 مع تركيا... هل ينجح؟

المصدر: "النهار"
جورج عيسى
مقترح أميركيّ لحلّ أزمة أس-400 مع تركيا... هل ينجح؟
مقترح أميركيّ لحلّ أزمة أس-400 مع تركيا... هل ينجح؟
A+ A-


"طريقة ذكيّة"

في وقت دخل مسار هذه الصفقة طريقاً مسدوداً، اقترح عضو مجلس الشيوخ الجمهوريّ جون ثون تعديلاً على قانون تفويض الدفاع الوطني لسنة 2021 للسماح بشراء المنظومة الروسيّة من تركيا. واشترط عدم استخدام الأموال في إعادة شراء أسلحة أو تجهيزات عسكريّة مصنّفة على أنّها غير متطابقة مع أنظمة حلف شمال الأطلسيّ (ناتو).

لكنّ رئيس لجنة الشؤون الخارجيّة السيناتور الجمهوريّ جيم ريش أدخل تعديلاً أقسى مفوّضاً الإدارة تنفيذ "قانون مواجهة أعداء أميركا من خلال العقوبات" (كاتسا) خلال ثلاثين يوماً على إقرار قانون تفويض الدفاع. غير أنّ المسؤولين الأميركيّين، بمن فيهم الرئيس الأميركيّ دونالد ترامب، أجّلوا مراراً تطبيق عقوبات "كاتسا"، بانتظار إيجاد تسوية.

نقل موقع "ديفنس نيوز" عن المسؤول السابق في وزارة الدفاع جيم تاونسند اعتقاده بأنّ شراء الولايات المتحدة منظومة أس-400 من تركيا هو "طريقة ذكيّة لإخراج (الرئيس التركيّ رجب طيّب) إردوغان من المأزق الذي وضع نفسه فيه." وأضاف أنّ الأميركيّون يريدون "إخراج المنظومة من تركيا... وإذا مكّن ذلك الأتراك من الانخراط في (مشروع بناء) أف-35 فسيكون ذلك أفضل."


لماذا سترفضه موسكو؟

ذكر الموقع أنّ ثون وريش سيناتوران مؤثّران، ومع ذلك، ليس هنالك من ضمانات بأن تمرّ مقترحاتهما في مجلسي الشيوخ والنوّاب. نادراً ما يتّفق الجمهوريّون والديموقراطيّون في ملفّ، كما يتّفقون حول ضرورة ألّا تحصل تركيا على "أس-400". يعدّ شراء واشنطن المنظومة الدفاعيّة الروسيّة خطوة تمكّن الأميركيّين من الاطّلاع على آليّة عمل تلك الصواريخ وهو ما لن تقبل به موسكو أغلب الظنّ. وسرعان ما أعلنت الناطقة باسم الخدمة الفيديراليّة الروسيّة للتعاون العسكريّ-التقنيّ ماريا فوروبيوفا أنّه ليس بإمكان تركيا إعادة تصدير منظومة "أس-400" من دون موافقة روسيّة.

تخوّف الغربيّون من إمكانيّة اختراق المنظومة الروسيّة للأنظمة الإلكترونيّة التي تتمتّع بها مقاتلات حلف شمال الأطلسيّ من بينها "أف-35". انطلاقاً من هنا، سيقلب شراء الأميركيّين منظومة "أس-400" هذه المعادلة بشكل جذريّ، ممّا يعني أنّ روسيا ستخسر الكثير في حال تمّت الصفقة المفترضة.

وقال النائب الأوّل لرئيس لجنة الشؤون الخارجيّة في مجلس الاتّحاد الروسيّ فلاديمير دزاباروف إنّ الجانب الأميركيّ لا يملك منظومة تضاهي "أس-400" لذلك هم يريدون "تفكيك" المنظومة الروسيّة وخلق أخرى خاصّة بهم. وأضاف أنّه من غير المتوقّع اتّخاذ تركيا خطوة كهذه لأنّها "ستفقد صفة الشريك الموثوق به إلى الأبد". ورجّح أيضاً أن يكون العقد الذي وقّعت عليه تركيا وروسيا يمنع إعادة بيع هذه المنظومة إلى طرف ثالث.


"سيهتمّ بالأمور"

أمّا بالنسبة إلى اعتقاد تاونسند بأنّ عمليّة الشراء تخلّص إردوغان من "المأزق الذي وضع نفسه فيه" فقد يكون اعتقاداً متسرّعاً. وفقاً للخطوات السابقة التي اتّخذتها تركيا والإدارة الأميركيّة الحاليّة، من المستبعد أن ينظر الرئيس التركيّ إلى هذه القضيّة على أنّها "مأزق". فهو يدرك أنّ نظيره الأميركيّ دونالد ترامب يكنّ الودّ له. لم تصطدم العلاقة بين الرجلين بمطبّ فعليّ إلّا في ما خصّ احتجاز تركيا القسّ الأميركيّ أندرو برانسون ورفضها الإفراج عنه إلّا بعد فرض عقوبات أميركيّة قاسية.

بحسب المعطيات، يبدو أنّ شراء أنقرة المنظومة الصاروخيّة الروسيّة لا يحتلّ أولويّة بارزة لدى ترامب الذي اتّهم إدارة سلفه باراك أوباما بإيصال الأمور إلى هذه المرحلة. وتسبّب قرار ترامب بالانسحاب من شمال شرق سوريا وإفساحه المجال أمام إردوغان لشنّ توغّل محدود ضدّ المقاتلين الأكراد بردّة فعل كبيرة بين مسؤولي الإدارة والكونغرس والحلفاء الغربيّين.

ومن بين ما يمكن أن يسهّل علاقة الرجلين وجود مصالح لترامب في تركيا اعترف بها شخصيّاً، قبل انتخابات 2016. يضاف إلى كلّ ذلك أنّ ترامب، ووفقاً لكتاب جون بولتون الصادر حديثاً "من قاعة الحدث"، وعدَ إردوغان بأنّه سيتدخّل في القضاء لمصلحة تبرئة مصرف "خلق" التركيّ المتّهم بتورّطه في مساعدة إيران على الالتفاف حول العقوبات الأميركيّة. وكتب بولتون أنّ الرئيس الأميركيّ قال لنظيره التركيّ إنّه "سيهتمّ بالأمور" مضيفاً أنّ المدّعين العامّين في منطقة نيويورك الجنوبيّة "لم يكونوا من جماعته، بل من جماعة أوباما، وهي مشكلة ستُحلّ حين يُستبدلون بأشخاص من جماعته."


"خدمة"؟

تظهر هذه المؤشّرات أنّ إردوغان قد يكون مراهناً فعلاً على ترامب كي يتفادى غضب واشنطن بسبب صفقة "أس-400". لهذا السبب، قد لا يكون مضطرّاً لبيع المنظومة إلى الأميركيّين لو اقترحوا ذلك. بطبيعة الحال، يمكن أن يضطرّ إردوغان إلى جراء حسابات أخرى إذا فاز جو بايدن بالرئاسة.

كان من المقرّر أن تشغّل تركيا المنظومة الروسيّة في نيسان الماضي، لكنّ تفشّي فيروس "كورونا" حال دون ذلك. وبات أمام إردوغان اليوم حجّة أخرى أمام تأجيل هذا التشغيل وفقاً لما يذكره المستشار السياسيّ-العسكريّ السابق في السفارة الأميركيّة في أنقرة إدوارد ستافورد. ففي حديث إلى موقع "أحوال"، قال الأخير إنّه إذا رغب إردوغان بالمساهمة بطريقة إيجابيّة في جهود إكساب ترامب ولاية ثانية فعليه الانتظار إلى ما بعد انتخابات تشرين الثاني لفعل ذلك.

ربّما يدرك إردوغان هذه المعادلة، ولهذا السبب، يفضّل تجنّب إثارة "استفزازات" ستضرّ على الأرجح بموقع ترامب الذي لا يمرّ حاليّاً في أفضل أيّامه مع تراجع شعبيّته. لكن بالنظر إلى المسار الطويل لسلوكه، قد يكون ذلك أقصى "خدمة" يمكن أن يؤمّنها إردوغان لترامب في هذه القضيّة، قبل أو حتى بعد فوزه المحتمل في تشرين الثاني... إلّا إذا قرّر ترامب تغيير سياسته التركيّة.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم