الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

المراد في اليوم الدولي لمساندة ضحايا التعذيب: لماذا نُصرّ على إجراء التحقيقات وفقاً للوسائل التقليدية البشعة؟

المراد في اليوم الدولي لمساندة ضحايا التعذيب: لماذا نُصرّ على إجراء التحقيقات وفقاً للوسائل التقليدية البشعة؟
المراد في اليوم الدولي لمساندة ضحايا التعذيب: لماذا نُصرّ على إجراء التحقيقات وفقاً للوسائل التقليدية البشعة؟
A+ A-

بمناسبة اليوم الدولي لمساندة ضحايا التعذيب، وبرعاية وحضور نقيب المحامين الأستاذ محمد المراد، نظمت لجنة السجون في نقابة المحامين في #طرابلس مؤتمراً صحفياً لـ"تسليط الضوء على مواءمة القوانين اللبنانية مع إتفاقية مناهضة التعذيب"، وذلك في قاعة المحاضرات في دار النقابة.

وحضر المؤتمر: المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان ممثلاً بآمر فصيلة سجون طرابلس العقيد بهاء الصمد، عضوا مجلس نقابة المحامين في طرابلس الأستاذان: باسكال أيوب ومحمد نشأة فتال، مقرر لجنة السجون في النقابة الأستاذ محمد صبلوح وأعضاء اللجنة، مستشار المركز اللبناني لحقوق الإنسان الأستاذ عصام سباط، مديرة جمعية الإصلاح والتأهيل السيدة فاطمة بدرا ، ممثلون عن جمعيات حقوقية وإنسانية، الطبيب الشرعي د.فواز نابلسي، وعدد من الزميلات والزملاء المحامين ومحامين متدرجين وإعلاميين ومهتمين.

وتخلّل المؤتمر عرض فيديو مصوّر لأحد السجناء في لبنان، روى فيه قصّته مع التعذيب في أحد السجون اللبنانية.

ثم عرّف مقرر لجنة السجون الأستاذ محمد صبلوح عن اليوم الدولي لمساندة ضحايا التعذيب قائلاً:" يُصادف الـ26 من حزيران اليوم الدولي لمساندة ضحايا التعذيب، وهو يجسد الوقت الذي دخلت فيه اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة حيز النفاذ، وقد اعتمدت الجمعية العامة اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهنية في العام 1984، ودخلت حيّز التنفيذ في العام 1987 كما تتولى تنفيذها بين دول الأطراف لجنة من الخبراء المستقلين، تُسمى لجنة مناهضة التعذيب .

وعن وضع لبنان مع الإتفاقية قال صبلوح: "لقد وقع لبنان على اتفاقية مناهضة التعذيب في العام 2000 وأصبح بذلك ملزماً بتطبيق بنودها وهذا ما حمل المشرع اللبناني الى تعديل القوانين بما يتماشى مع اتفاقية مناهضة التعذيب كان اخرها القانون 65/2017 الذي وضع اليةً قانونيةً من شأنها ملاحقة مرتكبي جريمة التعذيب، لكننا وللأسف لم نلحظ عملياً تطبيقاتٍ لهذا القانون حتى تاريخه..".

ثم عرض تقريراً مصوراً عن التوصيات التي أطلقتها نقابة المحامين في طرابلس في 26 حزيران العام الماضي على الصُعد النقابية، القضائية، الأمنية، الحكومية، مجلس النواب، والجمعيات المعنية بحقوق الإنسان، حيث شرح الأستاذ صبلوح التوصيات التي نُفذت منها، والتي لم تُنفذ بعد.

وألقى النقيب المراد كلمةً قال فيها: "صبيحةٌ إرتضيناها لنوائم بين أنسنة الكلام ومقاربته مع الواقع الحالي، وهو عملٌ قامت به نقابة المحامين في طرابلس وآمنت به، وهذا من واجبها، لتُطل من خلاله، وتكون مدافعةً عن الإنسان وكرامته ووجوده وأنسنته، فالـ 26 من حزيران، لم يكن ليُحدد عالمياً أو دولياً لو لم يكن هناك معادةً للإنسانية مستفحلةً ومتجذرةً في إسقاط المفاهيم الإنسانية، فجاء هذا اليوم ليكون منبراً ومنصةً عالميةً نصرخ من خلالها: كفى تعذيباً، فلبنان قد وقع على هذه الإتفاقية كما تعلمون، ولكن يبقى السؤال يطرح نفسه هنا " هل نحن فعلاً في لبنان مؤمنون ومقتنعون بتنفيذ ماتعهدنا به وماوقعنا عليه؟"، فأنا بطبيعتي لست متشائماً ولكن التفاؤل يجب أن يصاحبه عملٌ مستمرٌ مستدامٌ وفق خطةٍ معينة، نصل من خلالها كنقابةٍ للمحامين بالتعاون مع جميع المعنيين بهذه القضية الى النتيجة المرجوة.

وتابع المراد قائلاً: "منذ سنةٍ حتى اليوم تمكنت نقابة المحامين وفق إمكانياتها وقدراتها ان تُحرز تقدماً معقولاً في ظلّ الأبواب المسدودة، فقد أعطت لكوكبةٍ من زميلاتنا وزملائنا مساحةً واسعةً من التدريب والتعلم والتمرين في جميع المجالات ذات الصلة بحقوق الإنسان وقضايا التعذيب وتوثيقه، ولا نزال نقول أننا نقارب الواقع بالعقل والمنطق، فهذه القضية مطروحةٌ دولياً كما لبنانياً، فليس لبنان الوحيد الذي يعاني من هذه المعضلة، لذلك علينا جميعاً ان نقارب هذه القضية بمسؤوليةٍ عاليةٍ وبجرأةٍ معقولة".

وأضاف: "هذا اليوم يعنينا كنقابةٍ ومحامين، ويعني كل إنسانٍ بطبيعته وفطرته، فالإنسان الذي كرّمه الله تعالى، علينا ان لا نُذله، ومن هنا أعددنا من خلال لجنة السجون تقريراً مُفصلاً علمياً تحت عنوان" التعذيب في لبنان جريمة بدون حساب"، عن 34 ضحيةٍ قد تعرضت للتعذيب في لبنان، معزز بالأدلة والوقائع المنسوبة الى منظماتٍ وتقارير معترفٌ بها دولياً، وهو ليس كلاماً وتشهيراً، فقد تناولنا جميع الجوانب بموضوعية وحرفية، ليكون دليلاً من أجل التحديث مناصرةً لهذا اليوم، ومن أجل الوقوف الى جانب الإنسان بكرامته وعزة نفسه، وليس أبداً لنكون في مكانٍ آخر، لأن نقابة المحامين في طرابلس حريصةٌ على مؤسسات الدولة جميعها، فلا وجود لنا كنقابة محامين ان لم تكن هذه المؤسسات الأقوى الفاعلة والمتفاعلة، ونحن لم نتردد في إصدار هذا الدليل، الذي لم يتضمن سوى الحقيقة مع مراعاة بعض الشكليات التي أردنا أن نبقيها مُشفرة، لأن هدفنا ليس الاّ التصويب ليرتفع لبنان من خلال توقيعه على إتفاقية مناهضة التعذيب على مصاف التعامل الإنساني في مجال التحقيقات، ونحن نقدم اليوم أولاً للمؤسسات المعنية، وللناس والرأي العام تقريراً علمياً متواضعاً حول هذه الإنتهاكات، علّنا نذهب من خلاله الى مكانٍ آخر نُجنب فيه لبنان مساءلةً معنويةً".

كما أعلن النقيب المراد عن الإنتهاء من إعداد الإستعراض الدوري الشامل قائلاً:" إنجازٌ جديدٌ بكلّ فخرٍ لنقابة المحامين في طرابلس من خلال مشاركتها للمرة الأولى كعضوٍ مراقب في المؤتمر العام الذي سيُعقد في مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، وقد إحتاج ذلك الى تدريبٍ وتحضير ومتابعة من ندوات وورشات تدريب وإجتماعاتٍ حتى خلصنا الى إعداد الإستعراض الدوري الشامل بحرفيةٍ عاليةٍ باللغتين العربية والإنكليزية، وقد تمّ تقديمه بإسم لبنان الى مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة".

وعن تطبيق بعض التوصيات على المستوى التشريعي أوضح النقيب المراد انّ لجنة الإدارة والعدل قد أقرّت خلال الأسبوع الحالي تعديلاً جوهرياً وجذرياً للمادة 47 من أصول المحاكمات الجزائية، والتي ستسمح من خلاله للمحامي بحضور التحقيقات الأولية قائلاً:" يحتاج هذا التعديل الى نضالٍ على مستوى النواب والمجلس النيابي، بالإضافة الى إجتماعات لجنة الإدارة والعدل الفرعية حول موضوع إستقلال السلطة القضائية، والتي نشارك كنقيبٍ للمحامين في إجتماعاتها بشكلٍ إسبوعي، فهناك توجهٌ مؤسسي جيد نحو هذا القانون، وقد بدأنا بمناقشة المواد المقترحة في أكثر من عشر جلسات للجنة، والمسار الذي نسير به سيوصلنا الى حدٍّ ما الى إستقلالٍ معقول للسلطة القضائية في لبنان.

ومن الناحية اللوجستية الأخرى للعمل النقابي قال النقيب المراد:" لقد كانت هذه السنة زاخرةً بتغيراتٍ على المستوى اللبناني، بدأت بإنتفاضة 17 تشرين، حيث قدمت نقابة المحامين نفسها من خلالها مواقفها وإجراءاتها ومن خلال معهد حقوق الإنسان، ومركز المعونة القضائية والمساعدة القانونية، ولجنة السجون في النقابة، ومجموعة من الزميلات والزملاء الذين نذروا أنفسهم للدفاع عن الإنسان وعن المتظاهرين، وقد كانت هذه المرحلة مضيئةً في التعبير عن وجع الناس، كما تحدّت نقابة المحامين في طرابلس الواقع خلال تعليق الجلسات في فترة التعبئة العامة بسبب الكورونا، حيث إستطاعت أن تُحدث وتُظهر أجمل صورةٍ لمفهوم التعاون بين المحاماة والقضاء من جهة، وبين المحاماة والأمن من جهةٍ أخرى عبر أكثر من محطة وفي أكثر من مناسبةٍ وتحدٍّ، فنحن في نقابة المحامين نتعاطى مع الواقع بالواقع، ولسنا من أصحاب النظريات، فالنظرية تبقى كذلك إن لم تقترن بالأفعال، فهذان تحديان كبيران كانا لنقابة المحامين في طرابلس إستطاعت خلالهما أن تقوم بواجبها الوطني والإنساني والقانوني والنقابي تجاه الإنسان وكرامته".

وتساءل النقيب المراد:" إننا اليوم نسأل والى متى سيبقى ضحايا السجون والنظارات والمخافر عُرضةً لأبشع أنواع التعذيب؟، والى متى سيبقى مرتكبو جرائم التعذيب الذين يُمعنون ببطشهم دون أيّ حسيبٍ أو رقيب، الى متى سيبقى القانون 65/2017 قانوناً نظرياً وحبراً على ورق، فحلم نقابة المحامين أن يُطبق هذا القانون، لا أن يبقى نظرياً ولا أن نسعى الى الإلتفاف على تطبيقه، فلا يجوز أن نتذاكى أكثر خاصةً في ظلّ تقدم التقنية العالية في التحقيق، والتي تُعتبر من أكثر الوسائل الناجحة للوصول الى الحقيقة، بدل إستعمال الوسائل القديمة العفنة من إذلالٍ وتعذيبٍ، فإنّ أكبر الجرائم تُكشف اليوم عبر الوسائل العلمية والتقنية، فلماذا التعذيب والبلانغو والضرب والكهرباء، وغيرها... لماذا؟ هل لأن الطاقم الذي يُحقق لايزال جاهلاً ولا يعرف إستخدام التكنولوجيا؟، أم أن هناك ثقافةً متجذرةً بأن الوسيلة الأفضل لإنتزاع الإعترافات هي عبر التعذيب؟، فلماذا نحن مُصرون على إجراء التحقيقات وفقاً للوسائل التقليدية القديمة البشعة؟ طالما هناك البديل الأفضل الذي يُؤمن الوصول الى الحقيقة بتقنيةٍ وحرفيةٍ.

وختم النقيب المراد قائلاً :" اليوم هو مناسبة للوقوف مع هؤلاء الضحايا والإعلان عن مظلوميتهم في مكانٍ ما، وهي مناسبةٍ لندعو جميع الوزارات المختصة والأجهزة الأمنية ومنظمات حقوق الإنسان والجمعيات للتعاون معاً على إنصاف هؤلاء المظلومين، فنحن وإياكم شركاء من أجل رفع الظلم، من أجل الإنصاف والعدالة، من أجل إعطاء الصورة الرائعة التي تعكس حقيقة لبنان نقول من خلالها أن لبنان خطا خطواتٍ في هذا المجال من أجل الإنسان وكرامة الإنسان، لذلك فإننا اليوم نُطلق الصرخة معكم مجدداً من نقابة المحامين في طرابلس للوصول الى بلدٍ خالٍ من التعذيب".

يُذكر انّ هناك جلسة عبر تطبيق zoom في الثاني من تموز لمناقشة ملف التعذيب وإساءة المعاملة في السجون ومراكز التوقيف اللبنانية ومخاطر الترحيل القسري على اللاجئين، ودور الدولة اللبنانية في تطبيق إتفاقية مناهضة التعذيب بالتعاون مع مركز وصول لحقوق الإنسان، سيتم نقلها على الصفحة الرسمية لنقيب المحامين في طرابلس والشمال محمد خالد المراد، ونقابة المحامين في طرابلس.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم