كيف يكون القانون الانتخابي مدخلاً للإصلاح السياسي؟

معهد عصام فارس للسياسات

نظّم معهد عصام فارس للسياسات العامّة والشؤون الدولية في الجامعة الأميركيّة في بيروت جلسة نقاش عبر الويب تحت عنوان "كيف يكون القانون الانتخابي مدخلًا للإصلاح السياسي؟" وذلك يوم الأربعاء، 24 حزيران 2020. شارك في الجلسة كل من صالح المشنوق، محاضر وباحث في العلوم السياسية في جامعة كامبريدج، وزينة الحلو، باحثة وناشطة سياسية، وميشال دويهي، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأميركية في بيروت، وأدار الجلسة زياد الصائغ، زميل باحث في السياسات في معهد عصام فارس.

بدأت الجلسة بكلمة لزياد الصائغ أشار من خلالها إلى أنه لطالما خضع قانون الانتخابات النيابيّة في لبنان خلال الثلاثين عامًا الماضية لمشيئة السلطة السياسيّة، ما متَّن قدرتها على الإمساك بمفاصل السُلطة التشريعيّة، وبالتالي السُلطة التنفيذيّة. ورأى الصائغ أن انتفاضة 17 تشرين الأول 2019 طرحت مطلبًا ثانيًا بعد إسقاط الحكومة، وافتراض تشكيل حكومة مختصين مستقلّين، يتمثّل بإنجاز انتخابات نيابيّة مبكرة تعيد تشكيل السُلطة مدخلاً الى الإصلاح السياسيّ بدايةً، ما يمهّد لإصلاحات بنيويّة في كلّ القطاعات.

وطُرحت خلال الجلسة أسئلة متعددة حول: إمكانية إجراء انتخابات نيابيّة مبكرة/أو في موعدها؟ ما هي العوائق والمحفِّزات؟ أيّ معايير لقانون انتخابي يؤمِّن صحّة التمثيل وعدالته؟ وأيّ مآلات مرتقبة لخوض الانتفاضة الانتخابات النيابيّة بخيارات موحّدة رؤية وبرنامجًا ومرشّحات/مرشّحين؟

بدورها، قالت زينة الحلو في مداخلتها إننا لا نستطيع تحميل المسؤولية أو إنساب مصدر كلّ مشاكل النظام اللبناني إلى القانون الانتخابي. مشيرةً إلى أن القانون هو أداة لإنتاج سلطة تعمل لصالح الشعب خلال فترة معيّنة من الزمن. وأضافت أن السؤال الذي يُطرَح اليوم هو كيف سيترجم القانون أصوات الأفراد بالطريقة الأفضل؟

وأوضحت أنه علينا أخذ ثلاثة عناصر بعين الاعتبار: النظام وتقسيم الدوائر، إدارة العملية الانتخابية التي تفوق بأهميتها أهمية تقسيم الدوائر، والإطار العام حيث تحصل هذه الانتخابات. هذه العناصر الثلاثة تؤثر كلّها على تكوين الصوت، وذهابه إلى الصندوق، وتحوّله إلى المجلس النيابي.

وأضافت الحلو إنه يجب أن نراعي إرادة الناخب في التصويت من خلال التفكير بالسلوك الانتخابي وليس فقط بالقانون الانتخابي، وخير دليل على ذلك هو عدم تصويت البعض في الانتخابات النيابية عام 2018 بسبب رفضهم التصويت للائحة بكاملها، بل كانوا يُفضّلون انتخاب أفراد.

لا نستطيع انتاج قانون انتخابي في ظلّ انعدام الاستقرار السياسي.

من جهته، قال صالح المشنوق إنه ما من دولة تشهد إجماعًا على قانونها الانتخابي، وذلك لأن الهدف الأساسي لأي قانون انتخاب هو سياسي. وأوضح أنه لا يوجد قانون مثالي أو لا يُختلف عليه، إلّا أن قانون الانتخاب يبقى أحد أهم الأعمدة السياسية لتشكيل النظام. وأضاف إنه في ظل الانقسامات الاجتماعية الموجودة في لبنان، نستطيع التعلّم من دول أخرى فيها تنوّع طائفي، ذلك أن سيادة فكرة عدم الاعتراف بالقواسم الطائفية أصبحت من الماضي ويكمن صلب المسألة اليوم في الاعتراف بوجود الخصوصيات والهويات المختلفة وذالك للعمل على تذليل مفاعيلها السلبية في العملية الانتخابية و السياسية بشكل عام.

وأشار المشنوق إلى وجود توجّه عند الذين يعملون في الشأن العام والأكاديميين في لبنان، يجزم بأن التوجه الانتخابي يكون ليبراليًا في ظلّ قانون ليبرالي، إلا أن هذا المفهوم خاطئٌ. ولفت إلى أنه من واجبنا أن نوّحد طاقاتنا لنفكّر بالأهداف التي نسعى إليها، محققين توازنًا بين الحقيقة على الأرض، والقيم والروح التصويتية ذات الطابع المدني. وختم قائلاً: "نحن في لحظة مصيرية لأننا في منتصف الطريق بين انطلاق الثورة وقرب الانتخابات النيابية "، محذرًا من سيناريو تأجيل الانتخابات النيابية من خمس إلى سبع سنوات، وذلك لأسباب سياسية جمّة.

أشار ميشال الدويهي إلى المزاج التشاؤمي العام في البلد وإلى خطورة غياب قانون الانتخاب عن النقاش السياسي الحقيقي بين مجموعات الثورة وإلى أنها المرة الأولى اليوم منذ بداية الثورة التي نفتح فيها حلقة نقاش حول قانون الانتخاب. ولفت إلى أن القانون الحالي لا يمكنه بشكله الحالي أن ينتج للثورة أكثر من أربعة أو خمسة نواب في المجلس النيابي. منوهًا أن السلطة السياسية تضع القانون الانتخابي الذي تريده لإعادة إنتاج نفسها لذلك تحتاج مقاربة القانون الانتخابي إلى مراعاة المشهد السياسي القائم. وأضاف أنه لا يزال مزاج الطوائف مهيمنًا في لبنان وأن الوقت حان لنتعلّم كيفية الانتقال من "الانتماء إلى جماعة" إلى "الانتماء إلى المواطنة".

وقال الدويهي إن الانتخابات هي عملية طويلة المدى تحتاج إلى وقت طويل للتحضير وأنه في ظل التخوف من تأجيل الانتخابات النيابية بسبب أهداف سياسية تتعلق بالانتخابات الرئاسية يجب أن يتمّ التركيز والتحضير الجد للانتخابات البلدية التي قد تشكّل المدخل الأساسي للتغيير السياسي الذي نتطلع إليه في ثورة 17 تشرين. وختم بالقول نريد قانون انتخابي أوسع يسمح لخطاب مدني سياسي نابع من الثورة ويفيد ويهدئ البلد سياسيًا من الغليان.