الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

شبكة جُسور جنبلاطيّة... وهكذا "طُبخ" عشاء "الصُّلحة"

المصدر: "النهار"
مجد بو مجاهد
مجد بو مجاهد
A+ A-

تصدّرت الحركة السياسيّة المكوكيّة التي نشطت على خطّ رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، المرتبة الأولى في قائمة الجولات على طريق المشاورات السريع، انطلاقاً من صافرة الزيارة الطارئة إلى عين التينة في السابع من حزيران المنصرم بُعَيد الأحداث التي عُرفت تحت مسمى 6/6، مروراً بالاوتوستراد الواسع من "بيت الوسط" إلى كليمنصو مع زيارة الرئيس سعد الحريري إلى دارة جنبلاط في السابع من حزيران نفسه، ووصولاً إلى ساحة "الصُّلحة" مع رئيس الحزب "الديموقراطي" النائب طلال أرسلان ليل الإثنين الفائت برعاية رئيس مجلس النواب نبيه بري، والموافِقة في التوقيت مع زيارة موفد جنبلاط إلى بعبدا، الوزير السابق غازي العريضي الذي تداول في مواضيع الساعة مع الرئيس ميشال عون. وتزامنت هذه الحركة مع شبكة طرق وجُسور عنوانها الزيارات التي قام بها مستشار جنبلاط رامي الريس إلى أكثر من بيت سياسي.

ترافق النشاط الجنبلاطيّ الذي بدا أقرب إلى نشاط "سياسي رياضي" مع توصيفات وتحليلات متعدّدة الألوان والأبعاد، منها من استقرّ على أن زعيم المختارة يتحضّر لتدشين "منعَطف" في تموضعه السياسيّ، لكن المعطيات التي استقتها "النهار" تُؤكّد ثبات جنبلاط على مواقفه وعدم صحة ما يُروّج البعض عن إعادة تموضع سياسي، في وقت يكمن الهدف من حركته الاخيرة في الحرص على خطوط التواصل المفتوحة مع الحُلفاء والقوى التي عمد إلى تنظيم خلافه السياسي معها على حدٍّ سواء. يُذكر أنه ليس من الضروري أن تتلازم محطات اللقاءات أو أن تصبّ في هدف واحد، إذ عُلم أن زيارة الحريري إلى كليمنصو كانت مقرّرة في وقت سَبق ما فرضته مستجدات 6/6، فيما حطّ جنبلاط في عين التينة في اليوم التالي للأحداث في زيارة عاجلة لبحث الظروف الطارئة، بما معناه أنه ليس من تلازم بين اللقاءين.

ماذا عن مشهد مصالحة جنبلاط - أرسلان، وما يَحمله هذا المشهد من دلالات ونتائج سياسية؟ لا بدّ من التأكيد بادئ ذي بدء، بأن هذا اللقاء لم يكن وليد لَحْظته، بل إن ملامحه كانت ظهرت قبل فترة مع تعبير أرسلان عن استعداده لعقد "صلحة" مع جنبلاط، إذ طُرحت الفكرة على الرئيس بري الذي عمل على تحضير "طبخة" العَشاء، لكن السبب الذي أجّل من حصول "الجَمْعة"، تمثّل في الملاحظات التي أبداها حلفاء أرسلان من شخصيات دُرزية تدور في فَلكه، إذ لم يكن هؤلاء على موجة واحدة من فكرة الّلقاء في البداية. أما الخلط بين "الصّلحة" والمشهد الإقليمي، فهو تَصوُّر عَارٍ من الصحة إذ إن فكرة اللقاء كانت سبقت أي تطورات حاصلة، وباعتبار أن جنبلاط ثابت في تموضعه الاستراتيجيّ. أما وقد حصل اللقاء فإن نتائجه تَتوخّى تبريد الاحتقان الحزبي في الجبل والحفاظ على السلم الأهلي، وقد شُكّلت لجنة لمناقشة القضايا الخلافية المتعلقة بشؤون الطائفة الدرزية والاتفاق على معالجة ذيول الأحداث التي مرّ بها الفريقان في مرحلة سابقة، كما بات معروفاً.

وترى أوساط مسؤولة في الحزب التقدمي أن الإشكال كان بين جنبلاط وأرسلان ولا يشمل الشخصيات الدرزية الأخرى، بما لم يستوجب عقد مصالحة موسّعة. وعن موضوع التعيينات الإدارية والمالية، تشير إلى أن التقدمي واضح في مناداته بضرورة اعتماد معايير موحدة في الاختيار ولا يمكن الكيل بمكيَاليْ الكفاية والمحاصصة في آن معاً، في وقت صدر فيه قانون في مجلس النواب حدّد بوضوح آلية التعيينات لكنّها ما لبثت أن ضُربت في عرض الحائط فيما كان لا بدّ من احترامها.

تجدر الإشارة إلى أن موضوع التعيينات الدرزية كان شكّل مادة دسمة للتداول في المرحلة السابقة، فيما بدأت الصورة تتوضّح بعد تعيين شخصية مقربة من أرسلان في منصب نائب حاكم مصرف لبنان الثاني، وشخصية مقربة من جنبلاط في عضوية الأسواق المالية. ويبقى بيت القصيد في ما سيرشح عن تعيين قائد الشرطة القضائية، في وقت يدعم الفريقان إسمين مختلفين.

يُذكر أن الجزء الأول من مصالحة جنبلاط - أرسلان، كان عُقد في بعبدا بعد أحداث البساتين - قبرشمون في الصيف الماضي، وها هو الجزء الثاني منها يعقد في عين التينة. وفيما تساءلت أوساط سياسية مطلعة عن موقف رئيس الجمهورية من خطوة أرسلان بطلب اللقاء مع جنبلاط مذكّرة أن المصالحة الأولى عقدت في بعبدا، ترددت أجواء عن أن هناك بعض "الزعل" والعتب من قبل رئيس الجمهورية على أرسلان، باعتبار أنه لم يوضع في صورة المُصالحة وأجوائها ولم يُسأل بها في وقت كانت بعبدا قد رَعَت اللقاء الأوّل.

أما السؤال: إلى أين يتجه المشهد السياسي في المرحلة المقبلة؟ فالإجابة عنه لطَالما ارتبطت بعبارة جنبلاط التَساؤلية الشهيرة. وإذا كانت قنوات المختارة وخطوط تواصلها وجسورها مفتوحة مع غالبية القوى السياسية، إلا أن ثمّة من يسأل عن حاضر علاقتها مع "القوات اللبنانية" التي وصلت إلى قمّتها في السنوات الأخيرة... وهنا تأكيد على عمق العلاقة بين المكونين فيما سيشهد الخط المباشر الذي يربط جنبلاط بمعراب حركة زيارة قريبة.

[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم