الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

"بلومبرغ" فجّرت خطّة "نيسان" لإقصاء غصن و"النهار" اطّلعت على مراسلات

المصدر: "النهار"
موناليزا فريحة
موناليزا فريحة
A+ A-

وفي المقابل، أصرت الشركة اليابانية على أن قرار خلع رئيس مجلس الإدارة القوي ومقاضاته جاءا نتيجة لعدم إفصاحه عن تعويضات مستقبلية لم يتقاضاها بعد وعن تجاوزات مالية أخرى وجهها له الادعاء العام في طوكيو.

ولكن سلسلة مراسلات تحدثت عنها  وكالة "بلومبرغ" وأكدها أشخاص اطلعوا عليها وتعود الى عام 2018، جاءت لتعزز وجهة نظر غصن وتلقي الضوء على حملة  مدبرة بين مسؤولين كبار في الشركة اليابانية لإطاحته.

الواضح أن تعهد غصن مطلع 2018 تعزيز التحالف بين الشركتين اليابانية والفرنسية أثار قلقاً كبيراً لدى المسؤولين الكبار في "نيسان"، وخصوصاً هاري نادا، نائب رئيس الشركة ومستشارها القانوني العام سابقاً الذي انضم إلى الحملة للإيقاع بغصن.

وبدا قلق نادا واضحاً في رسالة وجهها في منتصف 2018 الى هيتوشي كاواغوشي، المسؤول البارز لدى "نيسان"، قال له فيها إن على "نيسان" التحرك "لتحييد مبادرة غصن قبل فوات الأوان". 

وفي مذكرة  مؤرخة في 18 تشرين الثاني 2018، إلى الرئيس التنفيذي في حينه هيروتو سايكاوا، دعا نادا إلى إنهاء اتفاق الشراكة بين "نيسان" و"رينو"، واستعادة حق الشركة اليابانية في شراء أسهم في الشركة الفرنسية، أو حتى الاستحواذ عليها، إضافة إلى إلغاء حق الأخيرة  في تعيين كبير المدراء التشغيليين أو مسؤولين بارزين آخرين.

وينقل مطلعون على الوثيقة أن نادا قال إن إزاحة غصن  ستحدث تغييراً جوهرياً في أكبر تحالف للسيارات.

 عموماً، أظهرت  المراسلات من نادا الى سيكاوا ومسؤولين تنفيذيين كبار آخرين قلقاً كبيراً من خطط غصن لمزيد من الاندماج داخل التحالف يوفر للشركة الفرنسية نفوذاً أكبر على "نيسان" من خلال حصة يبلغ حجمها 43 في المئة.

وكانت "رينو" أنقذت "نيسان" من الافلاس  بضخ أموال طارئة عام 1999. وفي حينه، أرسلت شركة صناعة السيارات الفرنسية غصن إلى شركة "نيسان"  ليحقق  إحدى أكثر عمليات الإنقاذ إثارة في تاريخ صناعة السيارات.

ومع ذلك، أبلغ نادا إلى سيكاوا في "نيسان" 2018 أن غصن يزداد قلقاً من أداء "نيسان" وتصريحات خلفه بأنه لا يرى "جدوى" من اندماج  "رينو" و"نيسان". وكتب نادا الى سيكاوا: "يمكنه أن يشكل إزعاجاً كبيراً وقد تكون ضحيته".

 وفي الشهر التالي، أصدرت نيسان توقعات للأرباح  كانت أقل بكثير من تقديرات المحللين.

 واعتقل المدير التنفيذي السابق وعضو مجلس الادارة غريغ كيلي في اليوم نفسه مع غصن، وهو لا يزال في اليابان حيث أطلق سراحه بكفالة، وينتظر المحاكمة في تهم بمساعدة غصن على إخفاء دخله.

ولا يزال موقف "نيسان" منذ الاعتقالات ثابتاً، وتصر الشركة على "سوء أداء غصن وكيلي"،  وتقول إنها وجدت "أدلة جوهرية ومقنعة" على ذلك بعد التحقيق في تقرير المخبرين. ولكن كلاً من غصن وكيلي نفى هذه المزاعم مراراً 

وقاد نادا، وهو محام مولود في ماليزيا أشرف على العديد من شؤون غصن في "نيسان" وانضم إلى شركة السيارات في التسعينات، التحقيق الداخلي وتورط في بعض من التصرفات التي يحقق فيها المدعي العام في طوكيو. في الوقت نفسه، تُظهر رسائل البريد الإلكتروني كيف عمل نادا على جمع المعلومات والسفر إلى البرازيل ولبنان للتحقيق في استخدام غصن للمنازل التي توفرها الشركة.

وقبل أيام من اعتقال غصن، سعى نادا إلى توسيع الادعاءات ضده، قائلاً لسيكاوا إن على "نيسان"  أن تضغط من أجل المزيد من التهم الأكثر خطورة بخرق الأمانة، وفقًا لمراسلات في ذلك الوقت وأشخاص  مطلعين على النقاشات.

ويبدو أن نادا سعى إلى ذلك بعدما شعر بصعوبة في تبرير المزاعم الأولية بعدم الإفصاح عن تعويضات مستقبلية لم تسدد بعد.

وكتب نادا، مستخدماً الأحرف الأولى من اسم غصن كما فعل  مرات عدة في المداولات الداخلية التي امتدت لسنوات طويلة، أن هذا الجهد يجب أن يكون "مدعوماً بحملة إعلامية لضمان تدمير سمعة كارلوس غصن بشكل كافٍ".

وتنحى سيكاوا من منصبه رئيساً تنفيذياً في أيلول بعدما خلص تحقيق لشركة "نيسان" إلى أنه حصل على تعويض مفرط ولم يصرح عنه. وأفاد أشخاص مطلعون أن تحقيقاً داخلياً خلص العام الماضي أن نادا وكذلك مديرين تنفيذيين آخرين كانوا يتلقون رواتب مفرطة لم يصرحوا عنها.

ومع اقتراب الموعد المحدد لاعتقال غصن وكيلي، تكثفت الاستعدادات لتقويم رد فعل  مجلس إدارة "رينو"  وإعداد رد، تحسباً لتمسك الشركة الفرنسية بموقفها.

 وقال نادا، وفقاً لأشخاص مطلعين على المذكرة، إن على "نيسان" أن توضح لشركة "رينو" أنه لا يحق للشركة الفرنسية إقحام نفسها  في عمليات شريكها في التحالف، وأن "نيسان" ليست ملزمة تقديم وظائف للمرشحين الذين تختارهم "رينو".

"راما"

إلى ذلك، أكد  نادا وجوب إلغاء إتفاق التحالف والمسمى "راما" إضافة إلى كيان مقره هولندا ويسمى "رينو-نيسان-بي في" وأنشى للإشراف عليه، نتيجة لاعتقال غصن. وأضاف في المذكرة أن هذا الإجراء يمنح "نيسان" الحق في الاستحواذ على  "رينو" والسيطرة عليها.

وتقول بلومبرغ إن "راما"  كان دائماً مصدر خلاف بين "نيسان" و"رينو". إذ يمكن لـ"رينو" ممارسة حقوق التصويت الكاملة مع حصتها في "نيسان"، بينما تفتقر الشركة اليابانية مع حصة 15 في المئة فقط في "رينو" إلى القدرة على التصويت على أسهمها.

وقيد الاتفاق  سلطة "رينو" على "نيسان"، مما عزز دور غصن في الحفاظ على الشراكة. إلى ذلك، تملك الدولة الفرنسية 15 في المئة من رينو مع حق تصويت مزدوج، مما يمنحها نفوذاً غير مباشر على الشركة.

اعتقال كيلي

إلى ذلك، تكشف المراسلات أيضاً  تفاصيل هي الاولى من نوعها في شأن كيفية قيام "نيسان" بتنسيق عملية اعتقال كيلي عن طريق ترغيبه في الانتقال إلى اليابان من الولايات المتحدة لحضور اجتماع مجلس الإدارة.

ومن أجل إقناع  كيلي  بالحضور إلى اليابان، قام نادا بإيهامه بأن الشركة ستعد له إحتفالاً خاصاً به لشكره على جهوده، كما سترسل  له طائرة خاصة لنقله من الولايات المتحدة إلى اليابان.

وكتب نادا لسيكاوا: "يريد كيلي تمضية عيد الشكر قبل المجيء إلى اليابان". ولكن نادا أبلغ الى كيلي أن حضوره  ضروري، وأنه سيتمكن من العودة قريباً.وكتب أيضاً لسيكاوا: "إذا لم يأت فلن يعود أبداً....أقوم بجدولة طائرة لنقله".

حملة إعلامية

ولم تنكر شركة نيسان ما جاء في تقرير "بلومبرغ"، بل إكتفت بالقول بأن عدداً من المراسلات المنشورة من قبل بلومبرغ غير صحيح.

وتمكنت "النهار" من الإستحصال على عدد من المراسلات، منها مراسلة من نادا إلى سيكاوا يعلمه فيها "أن المحققين ينوون توقيف غصن لعدم إفصاحه عن كامل تعويضاته". وقال: " أفضل دفع المحققين إلى إتمام عملية التوقيف بتهمة إساءة الأمانة وتعزيزها بحملة إعلامية للتأكيد على تدمير سمعة غصن بطريقة فعالة"، مضيفاً أنه "يجب أيضاً إعطاء أهمية للشقّ الفرنسي من الحملة".

وقال وكيل كيلي، المحامي جيمس ويرهام، إن القضية المرفوعة ضد موكله لم تكن قط تتعلق بنشاط إجرامي، موضحاً أنه "تم القبض على غريغ كيلي لمحاولة إزاحة غصن وإخراج رينو من موقع القيادة...ولاستكمال المخطط، أرادوا أن يكون الشاهد تحت سيطرتهم، وبعد ذلك ذهبوا إلى حد انتهاك القانون الدولي  للاسترداد".

واتهم غصن في اليابان بعدم الإفصاح عن حوالي 80 مليون دولار من تعويضات مستقبلية محتملة غير مسددة له وتحويل أموال من نيسان دون معرفة شركة السيارات، إلى كيانات يسيطر عليها.

وانتقد قطب صناعة السيارات النظام القضائي في اليابان، وهرب في أواخر العام الماضي  متخفياً على متن طائرة خاصة داخل صندوق معدات صوتية  متوجههاً إلى لبنان عبر تركيا.

وأُلقي القبض على أميركيين زُعم أنهما ساعدا في تهريبه خارج مطار كانساي الدولي، وهما العنصر السابق في القوات الاميركية الخاصة مايكل تايلور وابنه بيتر تايلور، خارج بوسطن الشهر الماضي بناء على طلب السلطات اليابانية. وتتخذ الحكومة اليابانية إجراءات لطلب استردادهما مع نفي الاثنين ارتكاب أي جرائم.

[email protected]

@monalisaf

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم