الثلاثاء - 23 نيسان 2024

إعلان

تفاوض إيران مع ترامب... لماذا قد لا يكون مستحيلاً؟

المصدر: "النهار"
جورج عيسى
A+ A-

لكن بالتوازي، برز خلاف إيرانيّ داخليّ حول عمليّة التبادل وآفاقها. أمين المجلس الأعلى للأمن القوميّ علي شمخاني نفى أن يكون تبادل الأسرى نتيجة للمفاوضات مع الأميركيّين قائلاً إنّ هذا الادّعاء يعود إلى كون ترامب مأزوماً في الداخل. وأضاف أن "لا محادثات ستحصل في المستقبل". وكان موسوي قد أكّد في الخامس من حزيران أنّ وزير الخارجيّة محمد جواد ظريف قد ناقش عمليّة التبادل مع السفير الأميركيّ السابق بيل ريتشاردسون.

خلاف أم تبادل أدوار؟

ربّما يكون هذا التضارب جزءاً من الخلاف بين جناحي الحكم إزاء "شرعيّة" التواصل مع الغربيّين تحت ضغط العقوبات. لكنّه قد يمثّل أيضاً مجرّد عمليّة تبادل أدوار بين المحافظين والإصلاحيّين لإظهار أنّ إيران تريد التفاوض مع الأميركيّين، لكن من دون أن تكون مستعجلة.

بالمقابل، وفي تصريح بارز السبت، ذكر ظريف أنّ فرص إعادة انتخاب ترامب رئيساً "لا تزال أكثر من 50%". واعترف في الوقت عينه بأنّ فرصة الرئيس الحاليّ "تراجعت بشكل خطير بالمقارنة مع كانت عليه الحال قبل ما بين أربعة وخمسة أشهر."

بطريقة من الطرق، يشبه كلام ظريف إحدى تغريدات ترامب التي كتب فيها لإيران ردّاً على تبادل السجناء: "لا تنتظري إلى ما بعد الانتخابات الأميركيّة لإنجاز الاتّفاق الكبير. سأفوز. سوف تصنعين اتّفاقاً أفضل الآن!"

بالفعل، إذا كانت إيران ترى أنّ حظوظ ترامب لا تزال كبيرة، إن لم تكن الكبرى، على طريق الفوز بولاية ثانية، فلماذا تنتظر حتى ما بعد تشرين الثاني للتفاوض على اتّفاق جديد؟

صراحة ترامب والنظرة التقليديّة

ما قاله ترامب يحاكي الواقع. ستنجز إيران في المستقبل القريب اتّفاقاً أو إطار اتّفاق أفضل ممّا يمكن أن تحقّقه بعد إعادة انتخاب ترامب المحتملة. وتراجعُه المطّرد في استطلاعات الرأي يجعله مضطرّاً لتحقيق أيّ خرق حتى ولو كان على الساحة الخارجيّة.

وهذا الذي يدفعه إلى تقديم تنازلات أكبر من تلك التي يمكن أن يقدّمها – إذا قدّمها أصلاً – لو فاز في تشرين الثاني. وبما أنّ الحظر الأمميّ على تصدير السلاح إلى إيران سينتهي في تشرين الأوّل، يمكن أن يحصد المفاوضون الإيرانيّون مكاسب متنوّعة من أيّ اتّفاق قريب مع الأميركيّين.

ثمّة مقابل هذا التحليل، نظرة سائدة أخرى ترى أنّه من الأفضل لإيران انتظار نتيجة الانتخابات خصوصاً أنّه بات يصعب أكثر فأكثر على ترامب الاحتفاظ بالرئاسة. فاستطلاعات الرأي تعطي منافسه الديموقراطيّ جو بايدن أفضليّة واضحة لا على المستوى الشعبيّ وحسب بل حتى على مستوى الولايات المرجّحة، وبما يفوق أحياناً هامش الخطأ.

بالتالي، إنّ واشنطن بقيادة بايدن، ستكون أقلّ تشدّداً من واشنطن الحاليّة، الأمر الذي لن يضطرّ طهران إلى تقديم تنازلات كبيرة أكان في الملفّ النوويّ أو الإقليميّ. لكنْ ثمّة تفصيلان مهمّان على الأقلّ لا تأخذهما هذه النظريّة بالاعتبار.

برنامج المرشّح ليس برنامج الرئيس

بداية، وكما بات واضحاً من الانتخابات الرئاسيّة السابقة في القرن الحاليّ، ليس مضموناً أن يلتزم الرؤساء "الحمائيّون" أو "الانعزاليّون" بمضمون وعودهم الانتخابيّة. فخلال حملته الانتخابيّة، لم يكن بوش الابن يعرب عن نزعة سياسيّة تدخّليّة. ومع ذلك، شنّ أكبر حربين في التاريخ الحديث. وكاد ترامب أن يجرّ بلاده إلى حربين مع كوريا الشماليّة ومع إيران بالرغم من انتقاده الشديد ل "الحروب الأميركيّة التي لا نهاية لها".

حتى أوباما الذي هادن إيران وأسقط خطّه الأحمر حول السلاح الكيميائيّ في سوريا، وجد طريقة كي يطيح بها الزعيم الليبيّ السابق معمّر القذافي عبر حلف شمال الأطلسيّ في أسلوب قيادة عُرف باسم "القيادة من الخلف". وشنّ أوباما العدد الأكبر من غارات الطائرات من دون طيّار حتى لُقّب ب "رئيس الدرونز". كان ذلك قبل أن يكسر ترامب الرقم القياسيّ السابق في هذا المجال.

من ناحية ثانية، لم يبدُ بايدن في تصريحاته الأخيرة مدافعاً بشدّة عن طهران. فهو لم يصل إلى المطالبة برفع العقوبات عنها لمواجهة "كورونا"، إضافة إلى أنّه وصفها بالقوّة "المزعزعة للاستقرار". علاوة على ذلك، يجد مراقبون أنّه يمكن، بالحدّ الأدنى، تصنيف بايدن ضمن خانة "التدخّليّة الليبيراليّة".

وبالحدّ الأقصى، يتوقّع هؤلاء أن تتمكّن "مؤسّسة" السياسة الخارجيّة من الاحتفاظ بقبضتها على الشؤون الخارجيّة خلال ولاية بايدن، هذا إن لم تتمكّن من "تعزيزها أكثر" تحت قيادته. وما يضاعف هذا الاحتمال أنّ ما يقوله المرشّح الديموقراطيّ عن سياسته الخارجيّة يبقى ضمن إطار العموميّات، وكأنّه لا يملك نظرة خاصّة به تجاه العالم، باستثناء أنّه يريد إعادة الاعتبار للقيادة الأميركيّة للنظام الدوليّ.

"الشرّ الذي تعلمه"

بإمكان إيران تفضيل الانفتاح على ترامب عوضاً عن بايدن على قاعدة أنّ "الشرّ الذي تعلمه أفضل من "الخير" الذي تجهله" خصوصاً أنّ الظروف الحاليّة شبه مؤاتية لذلك.

فهل يؤيّد محلّلو الشأن الإيرانيّ هذه الفرضيّة، أم يميلون إلى الفرضيّة الكلاسيكيّة التي تقول إنّ أيّ رئيس آخر غير ترامب، وفي هذه الحالة بايدن، هو الأكثر أهلاً لفتح إيران حواراً معه؟

الجواب غداً في "النهار" مع محلّلَين في الشؤون الإيرانيّة ضمن الجزء الثاني من التقرير.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم