الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

في علم النفس... مَن هم المخرّبون؟

المصدر: النهار
كارين اليان
كارين اليان
في علم النفس... مَن هم المخرّبون؟
في علم النفس... مَن هم المخرّبون؟
A+ A-
  1. أثارت أعمال التخريب والتكسير والحرق التي شهدناها في اليومين الأخيرين وطاولت العديد من الممتلكات العامة، ردود فعل مستنكرة رافضة لهذا العنف غير المبرر من مختلف الأطراف والمواطنين. هذه ليست المرة الأولى التي تشهد فيها بيروت هذا النوع من الاعتداءات، وفي كل مرة تبدأ التحليلات والتوقعات لكن كلّها تصل إلى طريق مسدود يسيطر عليه الغموض. بعيداً من خلفيات هذه الأعمال التخريبية والاعتداءات والجهات التي تقف خلفها، استهجن الكل ما حصل وطُرحت الأسئلة حول هؤلاء الاشخاص الذين أقدموا على أعمال مماثلة بعدوانية مخيفة وكأن أعمالهم وسلوكياتهم خارجة عن سيطرتهم.

متى تتجه التظاهرات إلى العنف والتخريب؟

بحسب الاختصاصية النفسية ميا عطوي، تؤكد الأبحاث أنه ظاهرياً لا تبدو التظاهرات العنيفة مفيدة لمن ينظر إليها من الخارج. أما الواقع فيُظهر أن وجهة النظر هذه قد تتغيّر والتقويم أيضاً بحسب الوضع، بعد أن ينظر المتظاهرون إلى السلطة على اعتبارها غير أخلاقية في التعامل. "من يتظاهر بشكل عنفي مختلف عمن يتخذ قراراً بالتظاهر السلمي. فهؤلاء الأشخاص مهيأون أكثر للعنف لوجود الشعور بالغضب الكامن في داخلهم تجاه مؤسسات يعتبرونها مسؤولة عن الألم أو عن وضعهم".

من يتجه إلى الأعمال التخريبية أثناء التظاهر، يشعر ربما أن صوته لن يكون مسموعاً إلا بهذه الطريقة وليس لديه شيء يخسره فيتصرف على هذا الأساس. ففي نظرة علم النفس، لا يمكن تفسير هذا السلوك دائماً كردة فعل، وتعتبر عطوي أنه في داخل  هؤلاء  الأشخاص الذين يقدمون على الأعمال التخريبية ربما حقداً وكرهاً لا يمكن التغاضي عنه، وهم يرمون غضبهم الذي حملوه لفترات طويلة ما إن تتاح لهم المساحة الممكنة لتحقيق ذلك. بهذه الطريقة يتحولون إلى العنف غير الصحي الذي يترجم من خلال التكسير والتدمير والعصيان. علماً أن هذا السلوك أو العصيان موجه إلى السلطة بسبب الغضب الكامن في داخل المتظاهرين تجاهها واعتبار أن العنف هو الطريقة الوحيدة للعصيان.

أضف الى ذلك، فان التربية "تساهم في تحديد السلوكيات في الحياة أيضاً إلى جانب عوامل أخرى. فنحن نتربّى على مبدأ الطاعة لا على الرفض. هذه المجموعات تعبّر عن غضبها بهذه الطريقة لتظهر أنها موجودة لاعتبارها الوسيلة الوحيدة ليكون صوتها مسموعاً وكأن الفوضى بالنسبة لها هي الوسيلة الوحيدة للتعبير عن الغضب فيما يعتبر التكسير بالنسبة لها والتخريب تعبيراً عن القوة".

كيف نصف الأفراد الذي يقدمون على أعمال التخريب في التظاهرات؟

من جهتها، تصف الاختصاصية في علم النفس جيزال نادر من يقدم على هذه الأعمال العدوانية التخريبية، فتحدد أنه يحمل عامةً صفات معادية للمجتمع.في علم النفس، لا يحمل كل من يتصرف بغضب أو عدائية الصفات المعادية للمجتمع ولا يعاني حكماً الاضطرابات النفسية التي تشير إليها نادر التي تتناول حصراً هنا الأشخاص الذين يقدمون على أعمال تخريبية كبيرة كتلك التي شهدناها في الأيام الأخيرة. وبعيداً من الأسباب السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تقف خلف سلوكياتهم هذه، تحمل شخصياتٌ أحدَ الاضطرابات النفسية التي تظهر بشكل خاص لدى من هم دون سن الـ 18 ولهم تاريخ حافل بالاعتداءات والمشاكل. هؤلاء تحديداً هم الذين تحمل تصرفاتهم طابعاً عدوانياً تجاه المجتمع عامةً ويكونون في مرحلة المراهقة من الأشخاص المندفعين الذين لا يسيطرون على تصرفاتهم وسلوكياتهم. فيلاحظ وكأن تصرفاتهم تبدو خارجة عن إرادتهم.

وفي رأي نادر، "ليس لدى هؤلاء أي اعتبار للصواب والخطأ وكأن كل شيء مباح بالنسبة لهم ويتصرفون على هذا الأساس من دون رادع. يضاف إلى ذلك أنهم يتجاهلون حقوق الآخرين ومشاكلهم ولا يظهر لديهم حسّ أخلاقي أو ضمير. فلا اعتبار لديهم لشعور غيرهم ويستخفون أيضاً بسلامة الآخرين، خصوصاً أنهم لا يملكون الحسّ بالمسؤولية ولا يظهرون أبداً أي إحساس بالذنب أو الندم بل يلقون باللائمة على الآخرين في ما يقدمون عليه. ولعلّ هذا ما يفسر فشلهم في إقامة علاقات دائمة أو طويلة المدى مع الأشخاص".

ما خلفيات هؤلاء الأشخاص؟

في رأي الاختصاصية في علم النفس، "أنه لدى من يقدم على هذا النوع من الأعمال التخريبية الكبيرة تاريخ من الأعمال الإجرامية وسوابق جنائية، وله مشاكل قانونية سابقة نظراً لهذا الاندفاع الذي يتصرف به عادةً. فأي شخص يتصرف بهذا الشكل لا يفكر قبل إقدامه على عمل عدواني، فيتصرف على إحساسه ورغبته لا على أساس الصواب والخطأ لاعتبار أن هذا المفهوم ليس موجوداً أصلاً لديه. قد يصعب البحث عن الأسباب الحقيقية التي تدفع هذه المجموعات إلى أعمال عدوانية وتخريبية مماثلة".

تفترض أبي نادر أن "هؤلاء يعانون فشلاً في حياتهم وقد يعبّرون بهذه الطريقة عن مشاعرهم حيال الفشل. فهذه وسيلتهم الطبيعية في التعبير. وتردف: "أودّ الاشارة أيضاً إلى أن هؤلاء الأشخاص هم عادةً من المخادعين القادرين على خداع كل من حولهم، إضافةً طبعاً إلى عدوانيتهم الواضحة وطباعهم الحادة والعدائية والانفعالية. هم يعتدون على من حولهم ويتسببون بالعديد من المشاكل ويعتدون على أشخاص موجودين في محيطهم. فتبدو هذه المشاكل من ضمن روتين حياتهم".أي أسباب أوصلتهم إلى هنا؟

قد تكون الأسباب وراء الشخصية العدوانية التي تظهر هذا الاضطراب الذي يحمل السمات المعادية للمجتمع عديدة. فقد تكون:

-بيولوجية بسبب مشكلة عضوية.

-بسبب أدوية يتناولونها تؤدي إلى هذه السلوكيات لديهم.

-لأسباب ثقافية اجتماعية مرتبطة بالبيئة التي ترعرعوا فيها وبمحيطهم وتربيتهم أو من الأصدقاء الذين يعاشرونهم أو نتيجة أذى كبير أو ظلم تعرضوا له في طفولتهم فأدى إلى ردة فعل رسمت شخصيتهم المضطربة بهذا الشكل.




الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم