كيف تحافظ الشركات والمعامل على سلامة العاملين لديها مع انتشار فيروس كورونا؟

بدأت حالياً العودة إلى الحياة الطبيعية تدريجاً بدرجات متفاوتة في مختلف القطاعات. أما بعض المصانع والمعامل التي تعنى بإنتاج المواد الطبية ومواد التعقيم فلم تتوقف عن العمل حتى في فترة التعبئة العامة، فيما اتخذت إجراءات وقائية متشددة لحماية موظفيها والعاملين لديها حفاظاً على سلامتهم. لكلّ من هذه المعامل والشركات تجربتها الخاصة والإجراءات الوقائية الخاصة بها إن كانت لوزارة العمل توصيات عامة لا بد للكل من التقيد بها.

في ظل انتشار فيروس كورونا وظهور المزيد من الحالات في البلاد ورفع حالة التعبئة العام بشكل جزئي وتدريجي، تبرز ضرورة اتخاذ كل شركة أو مؤسسة أو مصنع الإجراءات الوقائية المتشددة لسلامة كافة العاملين فيها. فأي تهاون لا يهدد هؤلاء فحسب، إنما يساهم في زيادة عدد الإصابات بمعدلات كبيرة على نطاق البلد ككل. وحتى إذا كانت كل من هذه الشركات تعتمد خطوات تتناسب مع طبيعة عملها، ثمة إجراءات عامة لا بد للكل من التقيد بها انطلاقاً من التعميم رقم 26/1 الصادر عن وزارة العمل والذي دعا إلى تعيين منسق في كل مؤسسة أو شركة يتولى متابعة المعطيات كافة الخاصة بالموظفين وأية أعراض قد تظهر لديهم وغيرها من الأمور التي يمكن ان تكون لها علاقة بالإصابة بالفيروس. وقد تضمن التعميم مجموعة من النقاط على الكل الالتزام بها، منها التبليغ عن اية حالة يمكن الاشتباه فيها وتقسيم دوامات العمل للحد من تجمع عدد كبير من العاملين والحرص على التعقيم مع ضرورة ذكر المواد المستخدمة وتحديد الأشخاص الأكثر عرضة للمضاعفات وتوعية الموظفين حول أعراض الفيروس وتأمين كافة المواد المعقمة ومعدات الوقاية الشخصية للعاملين وغيرها من الإرشادات الاساسية في هذه المرحلة.

بعض المصانع ألزمت باعتماد هذه الإجراءات بطريقة مشددة طوال الفترة الماضية لاعتبار أنها لم تتوقف عن العمل طالما أنها كانت من الفئات المستثناة في حالة التعبئة العامة. ومن الطبيعي أن يكون التشدد ضرورياً عندها بما أننا كنا في مرحلة انتشار الوباء ولم نبلغ بعد مرحلة الاحتواء.ما الإجراءات التي اتخذتها شركة Cosmaline؟

كانت الشركة من تلك التي لم تتوقف يوماً عن العمل لاعتبار أن مصانعها تنتج المواد المعقمة. فاتخذت إجراءات وقائية مشددة تحدث عنها مدير المصنع شربل الحداد مشيراً إلى كافة الخطوات التي اتُخذت:

-وضع المواد المعقمة على مدخل المصنع وكافة المداخل والمكاتب

-تعميم التوصيات الخاصة بضرورة التعقيم والإجراءات التي وافقت عليها طبيبة الشركة والتي تعنى بمختلف الأقسام.

-أوكل أحد الموظفين مهمة متابعة العاملين وحالاتهم واحتمال ظهور أية أعراض لديهم وغيرها من التفاصيل

-وضع إشارات عند المداخل والابواب حتى تفتح بالكوع لا باليد

-وضع علامات تحدد المسافات احتراماً لقاعدة التباعد الإجتماعي

-قياس حرارة كافة العاملين الذين يحضرون بباص الشركة قبيل صعودهم إليه مع الحرص على تعقيمهم اليدين ووضع الكمامات. أيضاً حدّد عدد القادمين في الباص وخصّص لكل منطقة باصين بدلاً من واحد.

-التعميم للعاملين بضرورة الامتناع عن الحضور إلى الشركة في حال شعورهم بأية أعراض أو في حال ظهور أية أعراض للمرض لدى فرد من عائلاتهم.

-قياس حرارة كافة العاملين في المصنع عند الباب قبيل دخولهم

-تحديد عدد الموجودين في المطبخ في موعد الغداء فيتناول العاملون طعامهم على مراحل عدة أو في الحديقة لمن يرغب بذلك

-تحويل الاجتماعات إلى الأونلاين نظراً لكثرتها وتجنباً لاختلاط الموظفين.

-تعقيم المصنع مرتين في الأسبوع

-توعية العاملين حول الفيروس وأعراضه وأهمية اتخاذ الإجراءات الوقائية من خلال طبيبة الشركة.

-التقيد بوضع الكمامة طوال الوقت أثناء الوجود في مكان العمل.

ونظراً إلى أن ثمة تباعداً أصلاً في المصنع الذي تعتبر مساحته كبيرة لم تكن هناك حاجة إلى تقسيم دوامات العمل بما ان مبدأ التباعد متوافر أصلاً، بحسب الحداد.إجراءات مشددة أيضاً لشركة Pandaplast

كما في مختلف المعامل تبدو قاعدة التباعد الإجتماعي موجودة حكماً، كما توضح المديرة العامة لشركة Pandaplast السيدة رندلى قاسم وتشير إلى أن للشركة معمل وصالة عرض وقد تختللف بعض الإجراءات بين كل منهما. ففي المعمل تحديداً تبعد كل آلة عن الأخرى بما لا يقل عن 7 أمتار فما من احتمال لاختلاط العاملين ومبدأ التباعد الإجتماعي مطبق أصلاً. في المقابل، تشير إلى أنه قد يحصل اختلاط في المستودعات فاتخذت إجراءات مشددة للوقاية من كمامات وقفازات وغيرها من الإجراءات الوقائية. "عند الدخول إلى الشركة تقاس حرارة كل عامل ويضع الكل الكمامات فيما يمكن ان يستبدلها من لا يحتملها بالواقي البلاستيك. يضاف إلى ذلك أن كل من يدخل إلى المعمل يخضع للتعقيم لحماية الكل وتتوافر مواد التعقيم الموزعة في كل أنحاء المعمل لاستخدامها".

وتوضح قاسم أن المعمل كان مقفلاً في معظمه في المرحلة الأولى وحدد عندها عدد العاملين بالثلث. أما اليوم فثمة حاجة إلى العمل بطاقة كاملة لازدياد الطلب على منتجاته من كراس وطاولات بلاستيكية وغيرها. رغم ذلك يستمر الحرص حالياً على تحديد دوامات العمل وتقسيمها بين العاملين. وتحرص الشركة على دفع بدل نقل إضافي للعاملين الذين يضطرون إلى الحضور لأن حضورهم أساسي في غير الايام المخصصة لهم بحسب أرقام سيارات. وبشكل عام توضح قاسم أنه في مجال العمل هذا تبدو الإجراءات الوقائية سهلة ولا تعتبر مستجدة إلا في القليل منها.

شركة Sanita Persona تلتزم بالإجراءات دون توقف عن العمل

لم تتوقف الشركة التابعة لشركة Indevco عن العمل ولو ليوم واحد لاعتبارها تنتج المواد المعقمة والمنظفة فتعتبر من الفئات المستثناة أيضاً في فترة التعبئة العامة. وبحسب مدير عام الشركة السيد فادي فياض "فمن الأيام الأولى لانتشار فيروس كورونا شعرت الشركة أنه ستكون هناك حاجة إلى تكثيف الجهود لازدياد الطلب المتوقع على منتجاتها من سائل تعقيم ومواد تنظيف. فكان ضرورياً العمل على تأمين طلبات السوق. "نظراً لزيادة الطلب ومتطلبات السوق، كان ضرورياً العمل بكامل طاقتنا. حضر العاملون كافة من الأيام الأولى حتى أننا أمننا بيوتاً لقسم من العاملين في المنطقة نفسها حتى لا يضطروا إلى التنقل بشكل يومي وتعريض أنفسهم للخطر بمخالطة آخرين".


وكما بالنسبة إلى كافة الشركات والمعامل التي اتخذت الإجراءات الوقائية اللازمة في مرحلة انتشار كورونا، اتخذت الشركة هذه الإجراءات لحماية العاملين فيها ومنع انتشار الفيروس. وأوضح فياض أن كافة العاملين في المعمل كانوا يرتدون الملابس الواقية من الفيروس كاملة مع الكمامات والقفازات بعد قياس حرارة الكل. وقد قسمت دوامات العمل لتوزيع المهام منعاً للمخالطة بمعدلات كبيرة بين العاملين في الوقت نفسه، وفقاً لتعليمات الوزارة. أما الإداريون فيكتفون بالكمامات مع احترام الكل لقاعدة التباعد الاجتماعي. كما عملت الشركة على الجانب التوعوي للعاملين حول كافة السبل لاتخاذ الإجراءات الوقائية. ويعتبر فياض أن الشركة قد ساهمت في حماية الناس من الفيروس من خلال تكثيف جهودها لتأمين وسائل الوقاية لهم ولم تكتف بالحفاظ على سلامة العاملين فيها.

مصانع وشركات ومؤسسات في مختلف القطاعات تحرص على الالتزام بالإجراءات الوقائية للحد من انتشار الفيروس وحفاظاً على سلامة العاملين لديها، خصوصاً أن أي خطأ يكلّفه غالياً. وفي هذه المرحلة بدأت في معظمها تعود إلى العمل ولو بتحديد دوامات العمل لموظفيها منعاً لارتفاع العدد فيها في الوقت نفسه. كما ان نظام المفرد والمزدوج لأرقام السيارات لا يزال يشكل عائقاً لمعظم الشركات حتى تتمكن أصلاً من العودة بدوام كامل. على الرغم من ان بعضها واجه هذا التحدي متحملاً تكاليف نقل إضافية للموظفين الأساسيين ليحضروا في كافة الأيام. تتشابه الإجراءات المتخذة في مختلف المؤسسات وقد تتشابه الأوضاع إلى حد كبير وفق ما جاء في توجيهات الوزارات المعنية. ويبدو واضحاً أن ثمة حداً  أدنى من الوعي في هذه المؤسسات والشركات، لكن ما يدعو إلى القلق هو نقص الوعي خارج هذا الإطار وتحديداً في مجتمعات معينة لا تزال تتعامل مع الفيروس وكأنه وهم وفكرة اختلقتها جهات معينة لأهداف لديها او أنها تعتبره دون أهمية وأنه أضعف من أن يطالها رغم الأعداد الهائلة من الأرواح التي حصدها حول العالم وقد بلغ عددها إلى اليوم أكثر من 410 آلاف حالة وفاة في مقابل أكثر من 7 ملايين و300 ألف إصابة.