السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

بعد تعليق دواء هيدروكسي كلوروكين والجدل المطوّل حوله... هل يستمر لبنان في هذا العلاج؟

المصدر: النهار
ليلي جرجس
ليلي جرجس
بعد تعليق دواء هيدروكسي كلوروكين والجدل المطوّل حوله... هل يستمر لبنان في هذا العلاج؟
بعد تعليق دواء هيدروكسي كلوروكين والجدل المطوّل حوله... هل يستمر لبنان في هذا العلاج؟
A+ A-

يعتبر دواء هيدروكسي كلوروكين من أكثر الأدوية المثيرة للجدل منذ بداية انتشار الوباء حتى اليوم. يعود هذا العلاج إلى الواجهة مجدداً، مع إثارة الشكوك حول مدى فعاليته في مواجهة مرض كوفيد_19. لكن جاءت الصفعة بعد تعليق منظمة الصحة العالمية التجارب السريرية لهذا العقار كعلاج لكوفيد-19، حتى إشعار آخر.

وجاء هذا القرار، وفق المدير العام للمنظمة تيدروس أدهانوم غيبرييسوس، "بعد نشر دراسة، في مجلة "ذي لانسيت" الطبية، اعتبرت أن اللجوء إلى الكلوروكين أو مشتقاته مثل هيدروكسي كلوروكين للتصدي لكوفيد-19، ليس فاعلاً وقد يكون ضاراً". وكانت دراسة موسعة نشرتها دورية "لانسيت" الطبية كشفت أن عقار الملاريا يرتبط بزيادة خطر الوفاة لمرضى فيروس كورونا، الذين تستدعي حالتهم العلاج في المستشفيات.

وفي الدراسة التي تناولت بالبحث أكثر من 96 ألف حالة إصابة بفيروس كورونا المستجد في المستشفيات، تبين أن الذين عولجوا بعقار هيدروكسي كلوروكين، أو كلوروكين، كانوا عرضة للوفاة بصورة أكبر من المرضى الذين لم يتم علاجهم بالعقارين.

هذه الدراسة أعادت الجدل القائم والمطوّل حول هذا العقار، في حين اعتبر البروفيسور ديدييه راوول أن دراسة ذي لانسيت "لا قيمة لها". كما عبّر بعض الباحثين المشككين في فعالية العقار ضد كوفيد-19،  عن شكوكهم بدراسة "ذي لانسيت"، وطلبوا التأكد من صحة البيانات والتناقضات في الجرعات المعطاة في بعض الدول". 

وأمام هذا الواقع الضبابي، تتجه الأنظار اليوم إلى لبنان الذي يُعدّ من الدول التي تلجأ إلى هذا العلاج التجريبي مع الحالات الحرجة والتي تتطلب رعاية طبية. فهل يستمر لبنان في استخدام هذا العلاج أم أنه سيعلّقه إلى حين صدور نتائج ومعطيات مغايرة؟

يشرح الاختصاصي في الأمراض الصدرية والتنفس الدكتور بيار إده لـ"النهار" :"إننا كأطباء نلجأ إلى استخدام دواء نعرف كيفية عمله وتفاعله ونتيجته. عندما بدأ علاج الكلوروكين، كان من ضمن نظريات، وإن الذين عولجوا بهذا العقار شُفيوا أكثر من الذين لم يتناولوا هذا العلاج. وفي ظل غياب البدائل، شهدنا تهافتاً كبيراً على هذا الدواء. ولكن القاعدة الأساسية التي نشدد عليها خلال تعليمنا لطلاب الطب تتمثل بـ"لا تكونوا من بين الأشخاص الأوائل الذين يستخدمون دواء جديداً كتجربة على المريض، ولا تكونوا من أواخر الأشخاص الذين يوقفون استخدام دواء يُحكى أو تنشر عنه أخبار سيئة.

في عزّ الموجة، وفي ظل غياب البديل، وعندما يكون المريض معلقاً بخيط الأمل، شهدنا تهافتاً كبيراً على هذا العلاج، وكان لبنان من بين الدول التي لجأت إليه لمعالجة الحالات المتقدمة. ولكن بعد صدور دراسات عديدة ومنها دراسة solidarity التي تضم ٥٠٠٠ مريض، يتوجب علينا التوقف عندها وأخذها بعين الاعتبار. وقد أظهرت هذه الدراسة أن الذي لم يتناول أياً من هذا المزيج العقاري (الهيدروكسي كلوروكين أو الكلوروكين او الكلوروكين مع دواء آخر) عاش أكثر وبمضاعفات أقل. 

لذلك أقول: بما أن وزارة الصحة لم تمنع استخدامه، يعود لكل طبيب اتخاذ قرار في إبقاء هذا العلاج أو تعليقه، ولكن شخصياً لن أستخدم هذا العلاج بعد اليوم إلى حين صدور نتائج مغايرة تُثبت فعاليته من جديد. في لبنان ليس لدينا الأعداد الهائلة من الإصابات التي تُمكّننا من إجراء دراسات حول فعاليته أو  عدم جدواه على المرضى". 

ما هي العوامل المؤثرة سلبياً على صحة القلب؟ 

يشير إده إلى أننا "نعرف جيداً أن هناك بعض الاشخاص والعوامل التي تؤثر سلبياً على صحة القلب ومنها:

-التدخين

-الضغط والسكري

-الكولسترول

-شخص فوق الخمسين

-أمراض وراثية في القلب (تاريخ عائلي) 

وبناء عليه، نعلم أن الشخص الشاب عند إصابته بالفيروس، من دون أن يعاني من مشاكل صحية، سيُشفى دون مساعدة طبية، أما المريض الذي يعاني من أمراض مزمنة لا يمكن إعطاؤه دواءً قد يؤثر سلباً على دقات قلبه. لذلك لا يمكن المخاطرة مع هؤلاء المرضى، وفي حال ساءت حالة المريض نضعه على جهاز التنفس أو الـecmo"، أو نعطيه الكورتيزون الذي قيل عن مضاعفاته في بداية الوباء قبل أن يُثبت فعاليته على الحالات المتقدمة. كذلك نلجأ إلى المضادات الحيوية بالإضافة إلى دواء الاكتيرما. كما هناك دواء remdesvir إلا أنه غير متوافر في لبنان".

يختم إده قائلاً: "التوصيات اليوم تشدد على عدم استخدام علاج هيدروكسي كلوروكين حتى إشعار آخر. لذلك لن نستخدمه في الوقت الحالي وسنعتمد على العلاجات الأخرى".

ماذا عن مستشفى رفيق الحريري الجامعي؟ 

قناعات الاختصاصي إده هي نفسها قناعات الاختصاصي في الأمراض الجرثومية والمعدية في مستشفى رفيق الحريري الجامعي. هما يواكبان المرضى ويعرفان جيداً كيف تتفاعل الأدوية التي ما زالت جميعها قيد التجربة على مريض الكورونا. 

برأي الاختصاصي الدكتور بيار أبي حنا لـ" النهار" أن "الدراسات في البداية أظهرت فعالية هذا العلاج قبل أن تصدر دراسات أخرى تكشف عدم فعاليته، ولكن هذه الدراسات جميعها لا يمكن اعتبارها من الدراسات الجيدة، وتفتقر إلى المعايير العلمية، وتطرح أسئلة كثيرة حولها. لذلك حتى الساعة لا نعرف حقيقة ما إذا كان هذا العقار فعالاً أو ضاراً، وكل دراسة تعطي جواباً متناقضاً عن دراسة أخرى".

مشدداً على أن "لبنان مشارك في ٥ دراسات (مستشفى الحريري يدخل في هذه الدراسات) تقودها منظمة الصحة العالمية، ومن بينها دراسة علاج هيدروكسي كلوروكين. وعليه قررت منظمة الصحة العالمية توقيف هذا العلاج موقتاً لمراجعة المعطيات والبيانات لكل الدراسات التي تناولت هذا العلاج للوصول إلى قرار نهائي حول المتابعة به أو توقيفه".

لذلك، "برأيي الشخصي، لا يجوز إعطاء هذا الدواء خارج دراسة معينة، ولن نعطيه إلا بعد إعلان منظمة الصحة أن هذا الدواء فعال وآمن".

ماذا سيكون البديل؟ يجيب أبي حنا أن هناك دواء remdesvir الذي أظهر فعاليته، (وهو مدرج أيضاً ضمن الدراسات التي تقودها المنظمة) إلا أنه غير موجود في لبنان لأن الشركة المصنعة أميركية ويُمنع إخراجه إلا إلى بعض الدول المحددة. 

ومع ذلك لدينا مجموعة أخرى من الأدوية التي تدخل في التجارب السريرية بإشراف المنظمة وموافقة المريض". 

مشيراً إلى أن "أعداد الحالات الحرجة ليست كبيرة، وأن معظم الحالات في لبنان شُفيت من دون الدخول إلى المستشفى. أما الحالات المتوسطة قد نعطيها أدوية للحساسية أو مضادات حيوية حسب كل حالة، وبالنسبة إلى الحالات المتقدمة، هناك علاج أصبحنا جاهزين لإعطائه هو علاج بلازما، وقد أجراه أحد المستشفيات في لبنان لأول مرة". 






الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم