السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

نحن الموقِّعين أدناه "جورج فلويد اللبنانيّ"

المصدر: "النهار"
عقل العويط
عقل العويط
نحن الموقِّعين أدناه "جورج فلويد اللبنانيّ"
نحن الموقِّعين أدناه "جورج فلويد اللبنانيّ"
A+ A-

"نحن الموقّعين أدناه، الحاملين اسمًا واحدًا – "جورج فلويد اللبنانيّ" - وهوّيّةً واحدةً، ورقمَ سجلٍّ واحدًا، والمقيمين في نواحي جمهوريّة "دولة لبنان الكبير"، بمساحتها البالغة عشرة آلاف وأربعمئة واثنين وخمسين كيلومترًا مربّعًا، وبحدودها من النهر الكبير شمالًا إلى رأس الناقورة جنوبًا، ومن سلسلة الجبال شرقًا إلى البحر الأبيض المتوسّط غربًا، نعلن بالتزامن مع ذكرى إعلان مئويّة "الدولة"، أنّ هذه السلطة تنتهك الدستور، وتغتصب السلطة، وتستبيح السيادة، وتنشئ الدويلات، وتخون الأمانة، وتضع جزمتها الدمويّة والإستبداديّة والاستعلائيّة على أعناقنا، وتدوس كراماتنا، وتخنق الهواء في رئاتنا، وتسرق أرغفة خبزنا، وتغتال أحلامنا، وتنزع من أيدينا، عملانيًّا، كلّ سبيلٍ لوضع حدٍّ لجرائمها غير الموصوفة.

نحن "جورج فلويد اللبنانيّ"، أسرى هذه السلطة، نقيم في سجنها الكبير، متاريس بشريّة، ورهائن، وأكباش محرقة، في ظروفٍ أين منها ظروف المخفيّين والمعتقلين والسجناء والأسرى في دهاليز الأنظمة الديكتاتوريّة والتوتاليتاريّة.

نحن "جورج فلويد اللبنانيّ"، كم كنّا نتمنّى – لو أنّ أحوالنا تشبه أحوال الوعول الهاشلةً هلعًا ورعبًا في البراري والغابات، هربًا من أنياب الوحوش الكاسرة، لكنّا، في الأقلّ الأقلّ، اخترنا أنْ نكون هذه الحيوانات الطيّبة اللطيفة، الميتة ذعرًا، لكن "الحالمة" باحتمال الإفلات من أيدي هذه السلطة، ومن جشعها إلى البلع والقضم والالتهام والدمّ والقتل. لكنْ، من أين لنا أنْ نختار؟!

نحن الموقّعين أدناه، "جورج فلويد اللبنانيّ"، نعلن أنّنا، وبكامل وعينا وإرادتنا، ومتحرّرين من بشاعة رائحة فم طبقتنا السياسيّة والدينيّة، الطائفيّة والمذهبيّة، ومن إرهاب زعمائنا، وقادة ميليشياتنا، وأحزابنا، وتيّاراتنا، لن نقبل بعد الآن، بجزمة هذه السلطة على أعناقنا، وأرزاقنا، وأحلامنا، ومشاريعنا المتواضعة، ورغباتنا المشروعة والمستحقّة في الحياة الكريمة.

نحن، "جورج فلويد اللبنانيّ"، لم نعد نريد أنْ نشهد على موتنا اليوميّ الثقيل. لم نعد نريد أنْ نشهد زحفنا التراجيديّ في اتجاه مقبرتنا الجماعيّة. لقد طفح كيلنا. نريد فقط أنْ نحيا. نريد فقط أنْ نقف مرفوعي الرؤوس. نريد فقط أنْ نأكل خبزنا الوطنيّ الذي نجنيه بعرق جباهنا وتعبنا. نريد فقط أنْ ننام. فقط أنْ ننام.

نحن، "جورج فلويد اللبنانيّ"، نحذّركم ممّا آل إليه الوضع مع جورج فلويد الأميركي الأسمر. ونعلن في متن هذا التحذير، وفي صميمه، وجوهره، أنّنا لسنا دعاة عنف، وأمنٍ فالت. لا نريد حرائق. ولا نستسيغ الفوضى المدمِّرة. ولا مشاهد الرعب والكره والانتقام والثأر والدماء. ولا مشاهد الناس القياميّين، ولا قوافلهم المدجّجة بالرعب، حيث – آنذاك – ستكون الكارثة التراجيديّة في انتظار الجميع، الذين فوق، والذين تحت.

نحن الموقّعين أدناه، الحاملين اسمًا واحدًا - جورج فلويد اللبنانيّ - وهوّيّةً واحدةً، ورقمَ سجلٍّ واحدًا، والمقيمين في نواحي جمهوريّة "دولة لبنان الكبير"، لا نريد – نكرّر: لا نريد – أنْ يؤول الوضع هنا، والآن، في هذه الجمهوريّة المسروقة، على صورة ما آل إليه الوضع في بلاد جورج فلويد الأميركيّ الأسمر. والسلام".

نسخة طبق الأصل عن الرسالة الافتراضيّة التي وصلتني صباح هذا اليوم، الأوّل من حزيران 2020، وقد رأيتُ من واجبي أنْ أنشرها، استباقًا لمفاعيلها السلبيّة المحتملة، وللحؤول دون هذه المفاعيل، وتعميمًا للفائدة المرجوّة منها.

[email protected]

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم