الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

"ليالينا 80": اغتيال بقايا الرومانسية وبداية المد الأصولي المتطرّف

رحاب ضاهر
"ليالينا 80": اغتيال بقايا الرومانسية وبداية المد الأصولي المتطرّف
"ليالينا 80": اغتيال بقايا الرومانسية وبداية المد الأصولي المتطرّف
A+ A-

ربما طال مسلسل "ليالينا 80" بعض الانتقادات لناحية إفلات الحبكة الدرامية وعدم تماسك الخط الدرامي بشكل متين، إلّا أن المسلسل استطاع أن يوصل الرسالة أو الهدف منه، وهو التغيرات التي طرأت على المجتمع المصري في الثمانينات والتي امتدت آثارها لأربعة عقود متتالية.

المسلسل نقل أيضاً خبيات الأجيال السابقة، وتحطّم الأحلام عبر ثلاثة أجيال، فجلال أرسطو الذي قدّمه خالد الصاوي يمثل الجيل الأقدم الذي عاش زمن الرومانسية وظل يحلم بزوجته المتوفاة ويحدثها ويحتفل بعيد ميلادها، برغم وفاتها ويتعامل مع الناس بمنطق الحب والتسامح ويستعيد ذكرياته مع صديقه الذي قدّم دوره سناء الشافعي، فيما هشام وزوجته مريم وهما الجيل الثاني، يمثلان ضياع أحلامهما وحبهما، وحالة التشتت في الثمانينات وبداية السفر للعمل في الخليج، أما جميلة وراضي ومجدي فهم في ذلك الوقت كانوا جيل المستقبل القادم والذي ضاع في الطريق.


وجسّد المسلسل ذلك في الحلقة الحلقة الأخيرة عبر ثلاثة مشاهد؛ المشهد الأول الذي يجمع هشام وزوجته مريم بعدما تجاوزا مشاكهما واستعادا حبهما وهما في السيارة يحاولان استحضار ماضيهما الرومانسي عبر الاستماع الى أغاني الفنانة وردة الجزائرية "ليالينا"، و"العيون السود"، وفي اللحظة عينها، يتم اغتيال هشام من تاجر المخدرات الذي وشى به هشام للشرطة.

فيما جاء المشهد الذي جمع جميلة وراضي، وهما على الرصيف امام مطعم "ومبي"، وهو المكان عينه الذي وقع به الحادث في الحلقة الأولى وفقد فيه راضي ساقه، وجميلة فقدت بصرها، في اشارة أو رمزية الى أنّ هذا الجيل خرج في تلك الحقبة "مبتوراً" وفاقد البصيرة، وأحلامه مصادرة منه، ويحاول رغم ذلك الوصول إلى بر أمان. ويتجلى ذلك عندما قال راضي لجميلة أنّ صديقاتها قلن إنها "تاهت"، ولكن هي في الواقع "هربت" ويطلب منها أن تعطيه يدها ليساندا بعضمها البعض: "هاتي إيدك نتعكز عليها إحنا الاتنين عشان نوصل"، وقاما بغناء أغنية "شبابيك" لمحمد منير والتي صدرت ضمن ألبوم حمل الاسم عينه في العام 1981.

أما المشهد الأخير، فجسد حقيقة ما حصل نواة التغير في المجتمع المصري الذي كان متسامحاً وبسيطاً حيث يتم الاحتفال بعيد ميلاد رقية وخطبتها للجلال أرسطو مع انطلاق صياحات التكبير من مجدي الذي قام بدوره الممثل الشاب حسني شتا، والذي تحول تدريجاً من محامٍ شاب طموح، إلى متطرف أصولي يكسر المحلات التي تبيع أشرطة الفيديو ويطلب بتطبيق أمور الدين بالقوة.

ويحسب لحسني شتا اجتهاده بتقديم هذا الدور من شاب رومانسي ويواظب على الصلاة ومتدين من دون تشدد او تزمت، إلى بداية حضوره دروس الدين في المسجد، وتغلل الفكر الأصولي الإرهابي بين الشباب، وصولاً الى الهيئة التي ظهر بها في الحلقة الأخيرة، حيث ظهر ملتحياً ويرتدي الثوب الأبيض ويهدد لمعاقبة من لا يلتزم بتطبيق قواعد الدين.

وتعتبر نهاية المسلسل منطقية وواقعية، سواء أكان هناك جزء ثانٍ منه أو لا، كما تُحسب للعمل جرعة الحنين والذكريات الجميلة والدافئة التي قدمها سواء عبر المقدمة التي اختاروا لها موسيقى أغنية "ليالينا" لوردة، والاستعانة بكل ذكريات تلك الحقبة سواء الفنية او الثقافية او الاجتماعية.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم