"في ضوء الانتفاضة"... فيلم شبابي يوّثق الثورة ”الجميلة والتاريخيّة"

مع الانتفاضة، بَزَغَ فجر جديد، بعد سنين من الانقسامات والمعاناة، جَمَعَ حول مفهومي الهويّة والانتماء. أثناء الاعتصامات، تجلّت الراية اللبنانية بأبهى حللها مرفوعة فوق أكتاف شعب يعشق الحياة والحريّة ولا يقبل بانتماءات خارج حدود الوطن. شبّان وشابّات، نساء ورجال من مختلف الأعمار والمجالات أَمّوا الساحات مطالبين بدولة قانون ترعى حقوق المواطن وتضمن مستقبل الإنسان فيه.

في الشوارع وأماكن التجمّعات، جال الشابّ جو زخيا الدويهي وزميلته البريطانية-الفرنسية ايفلينا لليوللين Evelina Llewellyn؛ والتَقَطا أصوات الثورة ومَشاهدها ليُعِدّا معاً، فيلماً قصيراً ناطقاً بثلاث لغّات عَنوناه "في ضوء الانتفاضة".

أنتَجَ الفيلم رجل الأعمال اللبناني باسكال أبشي الذي دعم المشروع وأراد إعطاء فرصة لشبّان لبنانيّين موهوبين في بداية مسيرتهم المهنيّة؛ فألّف الموسيقى دايفد نصرالله ونسّقها ووزّعها هادي فرنجيّة. ساعد في التصوير فابيو مكاري وجوزف معربس. وقاد الـdrone جاد اسماعيل. أمّا التسجيل الصوتي أو الـvoice over فهو بصوتي ريم معوّض وريم خوري.

فكرة الفيلم

تُصرِّحُ ايفلينا لليوللين لـ"النهار" أنها أتت إلى لبنان منذ سنتين بغية إتمام رسالتها الجامعيّة في مجال المرئي والمسموع: "وقعتُ في حبّ هذا البلد وناسه... أنا لست لبنانيّة... لكنّ الانتفاضة الإنسانيّة على كافّة أراضي لبنان، من جميع الطوائف ودون تمييز أبهرتني ووَلَّدَت لديّ شعوراً قويّاً". تشرحُ أنّ الفكرة نشأت في بداية الثورة حين اتّفقت مع زخيا على بلورة عمل مشترك. تخبر أنّهما أجريا مقابلات مع متخصّصين ومؤثّرين ومشاركين عاديّين في التحرّكات ليأتي الفيلم، ومدّته عشر دقائق، شاملاً ناقلاً جميع الآراء. اعتمد فريق العمل مبدأ المساواة في انتقاء الأشخاص وأعطى الحريّة للناس ليتحدّثوا باللغة التي يريدونها خصوصاً أنّ اللبنانيّين يتقنون عدّة لغّات. برزت في الفيديو وجوه معروفة مثل الممثّلتين أندريه ناكوزي وبرناديت حديب والدكتورة حليمة قعقور والمحامي نديم سعيد... تمحورت الأسئلة حول دوافع المشاركة في الاحتجاجات وأهداف المطالب وخطوطها العريضة.

أبدى مُخرِجا الفيلم اهتماماً بالنساء اللواتي تواجدن بكثافة في ساحات الثورة. وركّزا على دور الشباب؛ تعبّر الشابة: "أؤمن أنّهم قاموا بالانتفاضة وهم الذين سيصنعون مستقبل وطنهم ويرسمونه". وتضيف "هذا البلد الرائع جعلني أيضاً حزينة: فيه الكثير من القدرات غير أنّ عدداً كبيراً من شبابه يريد مغادرته لشعوره بأنّ لا مستقبل له فيه". ثمّ تعبّر عن مفاجأتها بأنّ الذين كانوا يردّدون أنّهم فقدوا الأمل بوطنهم، هم أنفسهم رَقصوا وصَرخوا في الطرقات، وقرّروا أن يبقوا، فخورين بلبنانيّتهم. عَكَسَت الصور لقطات ستبقى راسخة في الوجدان كأمسية النساء والأمّهات في وسط بيروت التي أقيمت خلالها الصلاة على ضوء الشموع.

الثورة ”الجميلة والتاريخيّة" بعثت أملاً كبيراً، وحمّست زخيا وللوللين لإعداد فيديو شبابي عن 63 يوماً من الانتفاضة. جاء في نصّه "صوت لبناني واحد يطالب بالحريّة والعدالة الاجتماعيّة للجميع، صوت شعب يتمرّد على الفساد المستشري".