الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

فصلُ النشاط التجاري للمصارف عن محفظتها السيادية مدخلٌ لإعادة إطلاق العمل المصرفي... خريطة طريق لأزمة الودائع ولإنقاذ القطاع المصرفي

المصدر: "النهار"
عادل افيوني
Bookmark
فصلُ النشاط التجاري للمصارف عن محفظتها السيادية مدخلٌ لإعادة إطلاق العمل المصرفي... <br>خريطة طريق لأزمة الودائع ولإنقاذ القطاع المصرفي
فصلُ النشاط التجاري للمصارف عن محفظتها السيادية مدخلٌ لإعادة إطلاق العمل المصرفي... <br>خريطة طريق لأزمة الودائع ولإنقاذ القطاع المصرفي
A+ A-
يستمر تدهور الوضع المالي والنقدي والاقتصادي على نحو غير مسبوق، والنتيجة أزمة معيشية خانقة لا تُحتمل يعاني منها كل الشعب اللبناني وإن بنسب متفاوتة وفقر يتربص بأكثر من نصف اللبنانيين. الثمن الاجتماعي والمعيشي والاقتصادي لتفاقم الفقر باهظ وأثره على السلم الأهلي خطير ويمكن ان يستمر عقوداً من الزمن. ومن أبرز مظاهر هذه الأزمة الخانقة ما أسميه ظاهرة "الفقراء الجدد"، وهؤلاء هم مئات الآلاف من المودعين في المصارف اللبنانية الذين انتقلوا بين ليلة وضحاها من اصحاب مدخرات إلى معوزين يحصلون على ودائعهم بالقطّارة ويؤمنون حاجاتهم أو سير مؤسساتهم بشقّ النفس.  ودائع الناس ومدخراتهم وجنى عمرهم ومستقبل اولادهم مسألة حساسة ومصيرية لمئات الآلاف من المواطنين وعائلاتهم. وهي مسألة مصيرية لمستقبل القطاع المصرفي وديمومته، اذ لا قطاع مصرفياً من دون مودعين ومن دون ثقة وصدقية.وديمومة القطاع المصرفي بدورها مسألة مصيرية لمستقبل الاقتصاد وإعادة نهوض البلد، اذ لا نمو اقتصادياً ولا إنقاذ من دون مصارف فعالة تلعب دورها في تمويل الاقتصاد وحركة الأعمال. إذاً الأزمة المصرفية الحادة لها أبعاد اجتماعية ومعيشية واقتصادية ومستقبلية خطيرة، ومن هنا ضرورة معالجة هذه الأزمة في أسرع وقت والوصول إلى حلول فعلية وعملية. ومسؤولية الحكومة في تحقيق ذلك جسيمة وإلا فستبقى المصارف مشلولة وفي وضع الميت الحيّ، او ما يسمى الـ Zombie banks أي مجرد صندوق يسحب منه المودعون أموالهم بالقطّارة، خسائرها مختلفٌ على تقييمها والبعض لا يعترف بها، وميزانياتها مشكوك في شفافيتها، وقدرتها على إعادة الرسملة وعلى تمويل الاقتصاد منعدمة.ما هي خريطة الطريق المثلى لمعالجة الأزمة المصرفية بفعالية؟اولاً: في الأهداف والمبادئ الاساسية التي يجب ان تتوخاها الخطةالمبدأ الأول هو حماية صغار المودعين مهما كلف الأمر، لان هذه مسألة عدل وقضية إنسانية ومسؤولية اجتماعية. وهذا لا يعني تسديد كل هذه الودائع غداً، بل يعني ضمان هذه الودائع وحقوق أصحابها بالوصول اليها متى استحقت. المبدأ الثاني هو احترام حقوق المودعين الآخرين بمن فيهم كبار المودعين قدر الممكن، وإن كانت الخسائر لا مفر منها ومن واجبنا مصارحتهم بها. غالبية المودعين الكبار أموالهم شرعية وكانوا خير دعم للبنان وهم مصدر تمويل للاقتصاد حاضرا ومستقبلا، لا غنى لنا عنه والدفاع عنهم واحترام حقوقهم واجب.المبدأ الثالث هو الاعتراف اليوم بان الخسائر في المصارف واقع لا يمكن نكرانه ولا حلّ فعلياً إذا تجاهلناه. طبعاً السبب الأول لهذه الخسائر هو عجز الدولة عن تسديد ديونها والفجوة الضخمة في ميزانية المصرف المركزي، إلا انها خسائر حصلت وتعويضها بكاملها مستحيل حتى إذا انتظرنا سنوات، وسياسة النكران والتجاهل أو تقاذف التهم لا تجدي ولن تحل الازمة.المبدأ الرابع هو انه صحيح ان القطاع المصرفي ارتكب اخطاء، والمصارف (معظمها وليس كلها) تتحمل مسؤولية ضخمة وقد سخّرت أكثر من سبعين بالمئة من أموال مودعيها لتمويل مدين واحد هو الدولة والمصرف المركزي مجتمعين مع علمها بالمخاطر العالية والوضع السيئ، ووزعت هذه المصارف ارباحا دفترية غير محققة على مساهميها وموظفيها بما يتنافى مع مبادئ الحذر البديهية في العمل المصرفي وإدارة المخاطر.لكن أكبر خطأ ترتكبه الدول التي تمر بأزمة مالية واقتصادية حادة، هو عندما تخلط بين معاقبة المصرفيين المسؤولين عن الأخطاء وبين معاقبة القطاع المصرفي كلاً.إنقاذ القطاع المصرفي ضرورة وطنية وحيوية ولا اقتصاد ولا نمو من دون قطاع مصرفي سليم يلعب دوره في تمويل القطاعات الإنتاجية وحركة الاعمال ودعمها. ان اعادة بناء القطاع المصرفي على أسس ورسملة متينة وبأسرع وقت، هي شرط أساسي لأي خطة إنقاذية شاملة، والمهمة لن تكون سهلة.كيف نحقق ذلك؟ثانياً: في المنهجية الضروريّ اتّباعها لإنقاذ القطاع المصرفيانا اقترحت ان تكون الخطوة الأولى في أي عملية إصلاح مصرفي، مهما كانت تفاصيلها، هي ان يتم فصل نشاط المصارف التجاري عن محفظتها السيادية ومعالجة كل جزء على حدة.لماذا هذا الفصل ضروري وبِمَ يساعد على تسريع إنقاذ القطاع المصرفي وتفعيله؟لقد تحوَّل القطاع المصرفي في السنوات الأخيرة عن دوره التقليدي والمفترض في تمويل الشركات والمؤسسات التجارية والأفراد، إلى التركيز على تمويل الدولة والمصرف المركزي بشكل أساسي. وما دفعه إلى ذلك كان حاجة الدولة والمصرف المركزي الماسّة إلى التمويل والفوائد المرتفعة والهندسات المالية المغرية والحوافز العالية التي وضعها المصرف المركزي أو قدمتها الدولة للحصول على هذا التمويل على حساب القطاع الخاص.وإذ بالقطاع المصرفي...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم