غيا متيرك... شمعة مضيئة في نفق الرياضة المظلم

عبدالناصر حرب

عندما نفتح ملف الإنجازات التي حققتها الرياضة اللبنانية، ولو كانت متواضعة جداً، نرى جلياً أن الألعاب الفردية فرضت نفسها بقوة على تلك الجماعية، رغم الشعبية الكبيرة والدعم المالي الكبير اللذين تحظى بهما الأخيرة.

ففي بلادنا، ننتظر كإعلاميين ومسؤولين أي مشاركة فردية للبنان في المحافل الدولية والقاريّة والعربية، من أجل رؤية لاعبينا ولاعباتنا يصعدون إلى منصات التتويج ورفع ميدالية، مهما كان لونها، لكنها تبقى نقطة أمل في بحر مليء بالفساد، فدموع الأهل وفرحة الزملاء المشاركين، كافية لأن تجعل من الألعاب الفردية قوة على الساحة اللبنانية.

من مكسيم شعيا، راي باسيل، ناصيف الياس، جويس عزام، ليتيسا عون، ريتا أبو جودة، تاني حنا إلى الرباعي الوحيد الذي أحرز ميداليات في الألعاب الأولمبية زكريا شهاب، خليل طه، محمد خير طرابلسي وحسن بشارة، وصولاً إلى لاعبين أو لاعبات يغيبون عن الأضواء، رغم أنهم يخطفون الأنظار في المشاركات الخارجية.

غيا متيرك (مواليد 9-1-2000)، ابنة صور الجنوبية، فرضت اسمها في "أمّ الألعاب"، ليس على الصعيد المحلي فحسب، وإنما حضورها خارجياً كان خير تمثيل للبنان أمام دول تتفوق علينا في الإمكانات المالية والتدريبية.

وفي حديث مع "النهار"، في ظل توقف الأنشطة الرياضية بسبب انتشار فيروس كورونا، أكدت العداءة اللبنانية أنها وضعت برنامجاً خاصاً لها للتدريب في المنزل: "أنا من النوع الذي لا يستسلم، فأحاول دائماً أن أنظر إلى الأمور بإيجابية. ويومياً أتدرب لتنمية قدراتي البدنية، وفق البرنامج، بانتظار أن تعود الحياة الرياضية إلى طبيعتها، ونعود إلى المضمار مجدداً".

وبدأت متيرك الركض في عمر الـ9 سنوات، مع نادي فينيقيا صور، تحت إشراف المدرب صلاح فران، حيث "لم أكن أتوقع أن أشارك في هذه الرياضة، لكن بالمصادفة، خلال مشاركتي في ماراثون بيروت لسباق الـ5 كلم وأحرزت حينها المركز الأول، لفتُّ الأنظار، خصوصاً أنني لم أتمرن بالطريقة المطلوبة".

وأضافت: "حصل التوقيع سريعاً مع نادي فينيقيا صور، وبدأت مسيرتي التدريبية وباتت الأمور أصعب والمسؤولية أكبر، لكن مع التمارين والالتزام بالتعليمات تطورت كثيراً، وبدأت الإنجازات تتوالى مع كل استحقاق".

وشاركت متيرك في كل بطولات لبنان منذ 2009 حتى 2019، وكل عام كانت تتغير المسافة وفقاً لفئتها العمرية، والأهم أنها سيطرت على سباقات فئتها خلال هذه السنوات العشر.

وأبدت العداءة فخرها لحظة انضمامها إلى المنتخب اللبناني في عام 2016، حيث شاركت في بطولة غرب آسيا التي أقيمت في البحرين، وأحرزت المركز الرابع حينها في سباق 400 متر إناث.

وبعد عامين، مثلت متيرك فينيقيا صور في ماراثون ليماسول القبرصي، محرزة الميدالية البرونزية في سباق الـ5 كلم إناث، مضيفة: "شاركت بعدها في ماراثون أوريدو الذي أقيم بقطر، فحصدت الميدالية الفضية في سباق 5 كلم أيضاً، علماً أن هذا السباق شهد مشاركة العديد من الدول القوية في الرياضة".

وفي 2018 أيضاً، شاركت في سباق مع الكبار في قبرص باسم الجامعة الإسلامية، وحلت في المركز الثاني.

وتدرك ابنة صور، التي تنسق وقتها بين الدراسة والرياضة، أنها لم تصل بعد إلى الهدف المرجو، فالطموح يصبح أكبر مع كل إنجاز ورقم تحققه، لذلك "أسعى دائماً لأن أكون أقوى وأتدرب أكثر وأتعلم المزيد، وهدفي الأول هو رفع اسم لبنان في بطولات أهم من تلك التي شاركت فيها، رغم الإمكانات الضئيلة جداً، وكذلك تحسين الأرقام التي حققتها".

إذا كنا نشكر الله على وجود المبادرات الفردية دائماً، إلا أننا نأمل ألا نصل إلى يوم يموت فيه الطموح لدى الرياضيين اللبنانيين المجلّين في مجالاتهم، خصوصاً إذا بقيت الدولة تهمل هذا القطاع المهم لأجيالنا، في بلد بات المستقبل فيه يبحث عن مستقبله.

Abed.harb@annahar.com.lb

Twitter: @abedharb2