السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

قد أقبّلُكِ في المرّة المقبلة

المصدر: "النهار"
عقل العويط
عقل العويط
قد أقبّلُكِ في المرّة المقبلة
قد أقبّلُكِ في المرّة المقبلة
A+ A-

- أنتَ جبان. خجول. تستحي. تتوارى خلف الكلمات. خلف الشعر. تجتاحني، حيالكَ، مشاعرُ متناقضة، رقيقةٌ حينًا، وأحيانًا مستفزّة. تجلس وراء شاشة كومبيوتر، كمَن يتلطّى بزجاجٍ معشّق لمشاهدة الكون المتهاوي. أحاول أنْ أكتم اللؤم، لكنّي أضحك. نظريّتُكَ مستحيلة التطبيق، حول كيفيّات التغيير. أمّا في شأن المرأة، فأسلوبُكَ قديمٌ تقريبًا. بين بين.

- يكفيني أنّكِ، قبل أسبوعَين، ثلاثة، قَطَعْتِ عليَّ الطريق، لتطرحي سؤالًا يمكن تفاديه. كنتِ تمشين في شارعٍ معاكس، وفجأةً، قرّرْتِ السير في اتّجاهي. المسألة السياسيّة محسومةٌ عندي. هذه الطبقة السياسيّة يجب أن تذهب إلى الجحيم. في المسألة الشخصيّة، تقولين إنّي جبان. ماشي. يكفيني في الوقت الحاضر أنّكِ تلاقينني يوميًّا، إلى حيث أتسكّع مساءً وليلًا. نتمشّى من مسافة، على سبيل الوقاية. لن أدعس دعسةً ناقصة. لن أطرح عليكِ أسئلةً مقلقة، من مثل: هل أنتِ هاربةٌ من مكانٍ ما. من رجلٍ ما؟

- قرأتُ دواوينكَ. وأعرف أنّكَ تُواصل كتابة الشعر، لكنّكَ لا تنشر، مكتفيًا بالمقالات. معك حقّ. لا أحد يهمّه الشعر. ولا أنا أيضًا. سألتُ عنكَ أصحابي، فقيل لي إنّكَ شخصٌ معطوب.

- نعم، أنا معطوب. وعلى رأس السطح. كنتيجةٍ طبيعيّة، لِما نحن فيه. مَن ليس معطوبًا، قد يكون شخصًا بلا دماغ. بلا شرف. وقد يكون مبرمَجًا، أو من أهل التسلّق والسلطة والسرقة. لستُ من هؤلاء. لكنّي، لعلمكِ، لن أيأس، ولن أستسلم. هذه الطبقة السياسيّة يجب أنْ تذهب إلى الجحيم. وفي المسألة الشخصيّة، أنا متهوّرٌ ولستُ جبانًا...

- فهمنا. خلص. أحببْتُ أنْ أستفزّكَ. لكنّكَ قد تكون ربّما متشاوفًا. هذا، ما يُقال عنكَ في "الأوساط المتخصّصة".

- قد. ظاهرًا. في الجوهر، لا.

- لن أقرأ شعركَ.

- صوتُكِ مُريب. كآبتُكِ تشبه حزن المؤذّن، وربّما شجرة زيتون. يقظتُكِ مسنونة. وأنا متحفّظ. أحببتُ، يومذاك، سؤالكِ المصطنع عن الكلب الذي يمشي في صحبتي. لا تتذرّعي بالمصادفات على طريقة الشعراء السورياليّين.

- أنتَ جِدّيٌّ ومأسويّ للغاية. وأنتَ لا تساوم. ولا تهادن. ما بدها هالقدّ!

- لن أسألكِ لماذا أنتِ هي هذه الشخص؟ ولماذا أنتِ هنا، ولستِ في مكانٍ آخر؟ عبورُكِ يشتّت.

- قيل لي إنّكَ قاتلٌ متسلسل، فمررتُ لأسجّل اسمي. ما رأيُكَ بمقابلةٍ لتلفزيون، أو لجريدة. ربّما أُحرِز سبقًا صحافيًّا. مَن يدري، فقد أحظى بوسامٍ يُعلَّق على صدري، إذا فكّكتُ أحد ألغازكَ المقبلة، أو رتّبتُ الفوضى حيث تنام. ربّما قد تنجح، بسبب ذلك، في كتابة قصيدةٍ غير مسبوقة، قبل أنْ تُمنى بجنون.

- معطوبٌ، ومقيمٌ في هاوية. هل تريدين وضوحًا واعترافًا أكثر من هذين الوضوح والاعتراف؟!

- أنتَ تؤلم الكلمات.

- وأنتِ، الآن، ماذا تفعلين، سوى أنّكِ تؤلمين كلماتي المتألّمة؟ قد أقبّلُكِ في المرّة المقبلة.

[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم