الكورونا المتسربة من المعابر غير الشرعية

سعد نسيب عطاالله

لا أظن أن الشعب الصيني قد التزم بالحجر المنزلي للوقاية من وباء جرثومة الكورونا والحد من انتشاره، أكثر مما فعل الشعب اللبناني، ولا يزال!

كما لا أظن أن أحداً من المسؤولين، مع استثناء وزير الصحة العامة، قد قام بواجباته الوطنية، كما فعل الجسم الطبي في مستشفى رفيق الحريري الجامعي، منذ بداية المأساة الطبية ولتاريخه!

ولا أظن أن عدم طرح احتمالات تفشي الوباء الخطير من منافذ حدودية غير المطار، ليس أمراً خاطئاً سها، أو تساهى عنه، كثيرون!

ولا أظن أن اللوم يقع على عاتق الشعب اللبناني الحضاري الذي لا يحتاج إلى إعلان حالات تعبئة عامة، أو إقفال عام، للحد من انتشار الوباء.

لقد اقتصرت إصابات العدوى على قلة قليلة من الوافدين الذين اعتمدت السلطات الأمنية على تعهداتهم الكاذبة، وهي المسؤولة عن هذا التراخي والتقصير في استمرار متابعة مراقبتهم!

ولا أظن أن كل اللبنانيين المغتربين المصابين بالوباء سوف يصلون إلى لبنان عن طريق المطار فقط.

إن مئات آلاف اللبنانيين القاطنين في أفريقيا وأوروبا والدول العربية يريدون العودة إلى لبنان على وجه السرعة لأسباب عديدة، ولا تتوفر لهم رحلات طيران كافية لعودتهم.

إن عشرات آلاف العاملين في دول الخليج سوف يصرفون من أعمالهم بسبب الركود الاقتصادي العالمي، ولا ملاذ لهم غير وطنهم!

كذلك الأمر مع العاملين في الدول الأفريقية، الذين تساورهم مخاوف وشكوك حول قدرة وكفاءة الجسم الطبي فيها، ويتأهبون للعودة إلى لبنان مع عائلاتهم!

أما الآلاف الذين يقطنون أو يدرسون أو يعملون في الدول الأوروبية الموبوءة بالجرثومة الخبيثة، فإنهم الأكثر إلحاحاً للعودة إلى الوطن مخافة أن تنتقل العدوى إليهم.

ولا أظن أن جميع المغتربين لم يصابوا بالعدوى، وقدوم هؤلاء المصابين سوف يشكل خطراً كبيراً على الداخل اللبناني إذا عادوا إليه بطرق ملتوية عن طريق التهريب على المعابر غير الشرعية، براً أو بحراً.

يجري الحديث حالياً عن ولوج معابر برية غير شرعية حيث يجري تهريب السلع من سوريا وإليها، فهل يمكن إستبعاد عودة أعداد لا بأس بها من المصابين اللبنانيين على هذه المعابر، وانتشارهم في المجتمع اللبناني دون رقيب أو حسيب!

كما يمكن أن يقوم هؤلاء المصابون بالوباء، بالسفر إلى قبرص، ومن ثم يهربون بالقوارب الصغيرة، واليخوت الخاصة، إلى المرافئ اللبنانية غير الشرعية!


سوف يجد مغتربون كثيرون سبلاً بديلة، لا يمكن حصرها، للعودة إلى لبنان، عوضاً عن رحلات الطيران المباشرة إلى مطار بيروت، ولن تتمكن أجهزة الرقابة الصحية من إخضاعهم للحجر المنزلي الإلزامي.

هل خطر ذلك على بال رؤساء الأجهزة الأمنية الموكل إليها حماية الحدود "الفلتانة" على التهريب؟

إن كل التدابير الإحترازية الصورية، وكل الإجراءات الزجرية التي تتخذها الأجهزة الأمنية، تسبب ضرراً فادحاً للباحثين عن لقمة العيش، لن تكون فعالة، ويمكن إستبدالها ببلاغات لمخافر الدرك صادرة عن المخاتير، ورؤساء البلديات، عن أسماء الذين يعودون إلى لبنان من الخارج، كل في محلته، وقريته، وبلدته.

وعليه، يجب أن ترفع حالات التعبئة العام، والإقفال العام، عن كاهل اللبناني الطيب الذي يخشى على حياته وحياة الذين حوله، في هذه الأيام الصعبة.

إن وعي الشعب اللبناني، الذي يعتمد على الروية، والحيطة، والحذر، لا يمكن مقارنته مع تقصير وضياع المسؤولين، الغارقين في دهاليز الفساد، والمحاصصات المذهبية، والطائفية، البغيضة الرخيصة!