أنا أهتزُّ بينما العالم كلّه ثابت في داخلي

نادر القاسم

لمعانٌ حادّ

أسمعُ حركاتٍ خفيفة قرب الباب

أقولُ من يذكرني في عزلتي

أذهبُ مسرعاً وأنظرُ من العينِ الساحرة

إنّها العاملة التي تنظفُ درج البناء ومدخله

أعودُ للكرسي الهزّاز

أعودُ محبطاً وسعيداً

حركاتها السريعة هي من تمسحُ وهمي

في ذلكِ الفضاء الذي يقعُ يين باب بيتي وباب جارتي

السعادةُ ربما تأتي من الحركة

من شيءٍ يصعبُ أحياناً شرحه

وبأن هناك يداً ماهرة كيد فنان وهي تضربُ صدرَ لوحة

أليس ذلك إنجازاً غير عادي؟

أن يكون هناك شخصٌ يزيلُ الغبارَ عن وجه هذا العالم

وفي هذا الوقت بالذات

أليست النظافة والأناقة هما لوحة تتحركُ كيفما تنقّلت عيناك

وأنا أهتزُ بينما العالم كلّه ثابت في داخلي.

أسقطُ في بئرِ الذاكرةِ العميقة

وهي ما زالت تنزلُ الدرج بحركة موسيقية صامتة

وهي تمسح آثار خطواتي من الأمس

وكأنّي لم أمرّ ولم أنزل.

أتصوّر كم هو سهلٌ بعدما أغادر هذا العالم

أن تأتي نفس العاملة

وتمسحُ تلك الآثار من أمام بيتي وحتى المدخل؛

تمسح بحركة خفية وذكية انعكاس صورتي فوق بلور الباب الخارجي

الأمر أبسط بكثير مما تخيلته

إذاً لهذا الكائن مهمة وجودية

تمارسُ عملها بشغف معطر

هذا السائل الذي تمسحه

هو ما يلطف إعدام حلمي

ولحظة أنتهي من كتابة هذه القصيدة في مخيلتي

يتوقفُ الكرسي الهزاز

ويبدأ العالمُ بالحركة

أسمعُ إغلاق الباب الزجاجي الخارجي

يسودُ صمتٌ لم يحدث مثله من قبل

لم يبقَ مني الآن أي أثر يُذكر

أذهبُ سريعاً وأنظرُ من العين الساحرة

لا يوجد سوى لمعان حاد

في الأرضية الفاصلة بين بابي وباب جارتي.

لم يبقَ مني أي أثر يذكر

يتوقف الكرسي الهزاز

بينما العالم يبدأ بالحركة.