الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

بين الاحتلال الإسرائيلي وفراغ سياسي فلسطيني... كيف يواجه المقدسيّون كورونا؟

المصدر: "النهار"
القدس-مرال قطينة
بين الاحتلال الإسرائيلي وفراغ سياسي فلسطيني... كيف يواجه المقدسيّون كورونا؟
بين الاحتلال الإسرائيلي وفراغ سياسي فلسطيني... كيف يواجه المقدسيّون كورونا؟
A+ A-

ليس سهلاً أن تجد أي معطيات وأرقام للإصابات في المدينة المحتلة وتوزيعها حسب الأحياء، فنتائج هذه الجائحة أضافت عبئاً اجتماعياً وصحياً وسياسياً آخر على سكان المدينة.

آخر المعطيات من وزارة الصحة الاسرائيلية التي ظهرت اليوم بينت أعداد المصابين بالفيروس في المناطق الفلسطينية وشملت المعطيات القرى والمدن والتجمعات البدوية لكنها لم تتطرق نهائياً إلى أعداد المصابين في المدينة، وتحديداً الفلسطينيين. ولا تملك وزارة الصحة الفلسطينية أي صلاحيات تنفذيية داخل القدس الشرقية، ما يترك المعلومات عن الإصابات بالمدينة، حصرياً بيد وزارة الصحة الإسرائيلية.

منذ بداية تسجيل الإصابات تعمدت السلطات الاسرائيلية ووزارة الصحة اخفاء أعداد المقدسيين المصابين في المدينة، ما شكل تحديًا جديدًا للسكان وسلامتهم الصحية، حتى انها لم تبادر إفتح أي مراكز للفحص الا بعد مرور اكثر من شهر على إعلان حالة الطوارئ والإغلاق المحدود للمدينة، وعقب ضغوط سياسية من أعضاء عرب في الكنيست، فكانت النتيجة انتشار غير محصور للفيروس بين السكان وإصابات داخل العائلة الواحدة والممتدة وصل بعضها إلى مدن وقرى الضفة الغربية، بسبب زيارات عائلية وعدم التزام التباعد الاجتماعي والحجر الصحي الذي أوصت به منظمة الصحة العالمية.

الدكتورة أميرة شاهين أستاذة الوبائيات في كلية الطب وعلوم الصحة/ جامعة النجاح الوطنية أجابت عند سؤالها عن عدد الإصابات في مدينة القدس المحتلة بأن" لا ارقام دقيقة بسبب طبيعة التبليغ من قبل سلطات الاحتلال، حيث يتم في بعض الأحيان مباشرة للأشخاص المصابين من خلال رسالة على الهاتف المحمول. الأرقام المعروفة هي إما لأشخاص تم التبليغ عنهم مباشرة لصناديق المرضى التي يتعالجون بها، او أشخاص قالوا انهم استلموا رسالة تخبرهم أن نتيجة فحصهم إيجابية".

فؤاد أبو حامد، مدير مركز بيت صفافا الطبي في القدس تحدث عما يقارب 150 إصابة في مدينة القدس، وفقاً لتقديرات النشطاء الذين قاموا بجمع المعلومات في الميدان أو الأطباء أو العائلات التي تعلن عبر وسائل التواصل الاجتماعي عن إصابة أحد أفرادها".

وقال إن عائلة في منطقة سلوان مثلاً أعلنت عن 6 إصابات بين أفرادها بفيروس كورونا، وحجرت نفسها. وتوفيت سيدة من العائلة وصارت الوفاة الثانية في المدينة.

وفي ظل غياب الأرقام الدقيقة للمصابين، تلفت شاهين إلى أن ما يهم المواطنين "ليست الأرقام تحديداً، ولكن معرفة الخارطة الوبائية للمصابين، حتى يستطيع المخالطين عزل أنفسهم للحد من انتشار المرض، وإجراء الفحص في حال ظهرت عليهم الأعراض".

القدس  الأوبئة على امتداد التاريخ

وشكلت مدينة القدس بيئة خصبة لانتشار الأوبئة العالمية كونها مركزا للحج الديني والسياحي، إذ يزورها ما يقارب 3.5 ملايين سائح سنويًا وفقاً لآخر الإحصائيات، من مختلف المعتقدات والأديان. ويشكل اختلاطهم بالسكان في مختلف المرافق العامة مساحة سهلة لانتشار الفيروسات والأوبئة، كما أن قلة الاهتمام والتدقيق بالإجراءات الصحية يزيد من فرص الإصابة، وهو ما حدث مراراً على مر التاريخ، أثناء انتشار الطاعون و الجذام والانفلونزا الإسبانية ، وتكرر هذا العام عند بدء انتشار فيروس كورونا عالمياً.

فسلطات الاحتلال لم تتحرك مبكراً ولم توقف الأفواج السياحية ولا أغلقت حدودها البرية والبحرية والجوية في حينه. كما لم توقف وسائل النقل العام من حافلات وقطارات إلا بعد تسجيل بضعة آلاف الإصابات ووفيات عدة. أما إغلاق الأحياء المتدينة فلم يتم قبل عطلة الفصح اليهودي الذي صادف قبل أسبوعين حيث طاولت الإصابات ما يقارب الـ 60% من السكان اليهود داخلها.

وقسمت السلطات الإسرائيلية مدينة القدس إلى 17 حياً لكنها لم تهتم بالأحياء العربية بنفس الدرجة، الأمر الذي اعتبره الأطباء والمختصون إهمالاً متعمداً بحق الفلسطينيين، وسياسة ممنهجة لنشر المرض والوباء بين صفوفهم.

وضغطت منظمات محلية على الحكومة الاسرائيلية من خلال محكمة العدل العليا فقامت بفتح مركز فحص وحيد جنوب المدينة، ما يمنع سكان خارج الجدار من الوصول اليه نظرًا لانتشار الحواجز وصعوبة التنقل.

جغرافياً بين الأحياء العربية المعقدة في القدس

تعتبر مدينة القدس من المدن المكتظة، إذ يبلغ عدد سكانها 931,756 نسمة يشكل الفلسطينيون ما يقارب 40% منهم. وتمتد الأحياء العربية من شمال المدينة حتى أقصى جنوبها، مقسمة إلى اجزاء تفصل بينها الأحياء الاستيطانية وجدار الفصل العنصري منذ عام 2005، ما ساهم بانتقال العديد من السكان إلى مناطق خارج الجدار.

الإهمال هو السياسة المتبعة حيال المقدسيين، فهم خارج حسابات اسرائيل خوفاً من التهديد الديموغرافي وما قد يشكلونه من خطر على الدولة اليهودية. إسرائيل تنظر إليهم كمصدر مالي حيث هم مجبرون على دفع الضرائب وملزمون بدفع النفقات الصحية من أجل تثبيت وجودهم في المدينة، لكنهم أيضاً خارج حسابات السلطة الفلسطينية بعدما أرجئ الحديث عن وضعهم السياسي حتى المفاوضات النهائية التي استبقها ترمب بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، كما أن المؤسسات الفلسطينية العاملة في القدس تتعرض باستمرار لإغلاق وأفرادها للسجن والإبعاد.

بالنسبة إلى فؤاد ابو حامد، تعتبر القدس مدينة معقدة سياسياً وهذا ينعكس على مكافحة الفيروس من ناحية، إضافة إلى قلة الخدمات المتوفرة وكثافة السكان في الأحياء العربية من ناحية أخرى بسبب السياسات الاسرائيلية المتعاقبة ومشاكل الإقامة والهوية والجدار. ويقول إن هذه الأمور تؤثر في إمكانية الفحص وتقديم العلاج. ويلفت إلى أن عشرات الآلاف من السكان لا يملكون اوراقاً ثبوتية ولا الإقامة، وإذا حدثت الكارثة وانتشر الوباء فأين سيتلقى هؤلاء العلاج؟ المستشفيات الفلسطينية في القدس الشرقية تقدم الخدمات الطبية لمرضى الضفة الغربية وقطاع غزة، وهي غير مؤهلة لاستقبال أعداد كبيرة من مصابي كورونا، ووزارة الصحة والمستشفيات الاسرائيلية لا تتعامل مع المقدسيين كمواطنين، بالتالي فإنهم مغيبون كليًا عن تلقي العلاج الملائم في المستشفيات الاسرائيلية". ... كل هذه الظروف سببت ضغطاً للمقدسيين في وقت يحتاجون فيه إلى تمثيل سياسي وقانوني يساهم في استعادة حقوقهم المسلوبة وتحسين ظروف عيشهم، وسط التناقضات والظروف الاستثنائية التي يعيشونها ويواجهونها يومياً.

كذلك، منعت السلطات الإسرائيلية الطواقم الفلسطينية من تقديم المساعدة في الأحياء داخل الجدار مثل مناطق كفر عقب - سميراميس وقلنديا، لكنها لم تقدم البديل من طواقم طبية تقوم بالفحوصات والتوعية بإجراءات السلامة، وهي تركز اهتمامها في الأحياء داخل الجدار بيت حنينا وشعفاط على تسجيل المخالفات المالية المرتفعة ضد التجار والمارة. ومع بدء شهر رمضان أصدرت اوامرها بالإغلاق التام ومنع الحركة بين الساعة السادسة مساء والثالثة فجرًا في كافة الأحياء العربية، و اعتقلت متطوعين فلسطينيين ومنعتهم من المساهمة في تنظيف الأحياء وتعقيمها أو تقديم المساعدة للناس.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم