مفهوم جديد للاحتفال بأعياد الميلاد في زمن كورونا
تمر اليوم في حياتنا مناسبات كثيرة من دون أن نتمكن من الاحتفال بها، ومنها أعياد الميلاد التي تعني الكثير للأطفال بشكل خاص. أيام تمر اليوم في الحجر المنزلي في وحدة قسرية فرضتها ظروف انتشار فيروس كورونا على الجميع. لكن أياً كانت هذه الظروف يحق للطفل أن يحتفل بعيد ميلاده. فكيف يفعل ذلك إذا كان المحبون والأصدقاء كافة بعيدين، ويستحيل عليهم مشاركته فرحته بعيد ميلاده؟ وسائل التواصل الاجتماعي طرحت الحل هذه المرة أيضاً في هذه الظروف التي فرضت التباعد بين الناس ومنعت التجمعات واللقاءات.
من الواضح جداً أن الظروف في هذه المرحلة تفرض على كل من يصادف عيد ميلاده فيها أن يلغيه أو يؤجله. إن الاحتفال بهذه المناسبة بالنسبة لطفل يعني له الكثير، ولا يتحمل فكرة مرورها من دون احتفال واجتماع مع المحبين لإطفاء شمعة العيد. ومع انتشار فيروس كورونا المستجد وفرض ظروف العزل المنزلي على الجميع، برزت وسائل التواصل الاجتماعي كحل أمثل يمكن اللجوء إليه للحد من آثار التباعد إلى الحد الأقصى الممكن على الصحة النفسية للأفراد بشكل أساسي. ولكي يتمكن الطفل أو حتى الراشد من الاحتفال بعيد ميلاده وتخطي الكآبة الناتجة عن الوحدة التي فرضتها الظروف، بدا تطبيق Zoom حلاً لكثيرين يسمح لهم بالاحتفال بعيد الميلاد ولو افتراضياً. هناك كثر احتفلوا واستتمتعوا بأعياد ميلادهم وتمكنوا من نسيان ظروف العزل لبعض الوقت، ولم يعد البعد عائقاً. كباراً وصغاراً استمتعوا بهذه التجربة التي فرضتها الظروف الحالية والتأقلم معها. ومن الطبيعي أن يكون للأطفال الحصة الأكبر في تجربة مماثلة تفسح لهم في المجال للخروج من أجواء الوحدة والملل. لكن لا يخفى على أحد أن تجربة مماثلة للاحتفال بعيد الميلاد أونلاين قد يتخللها بعض الفوضى مع الأطفال ما لم تكن منظمة إلى حد ما.
بحسب سارة، يمكن أن يشارك في عيد الميلاد عدد كبير من الأشخاص يصل إلى 100، لكن إذا كان العدد أقل يمكن ضبط الأمور بشكل أفضل. في إطار التحضير لعيد الميلاد تقوم سارة بإرسال الدعوات أونلاين إلى المدعوين للمشاركة في العيد في الوقت المحدد. كما تحرص على التواصل مع الطفل صاحب العيد مسبقاً ليعتاد عليها وليشعر بالاندماج في عيده. أما في اليوم المحدد فيدخل المشاركون تباعاً، وتكون قد زينت في خلفية مميزة للعيد ليشعر الطفل بأجواء العيد وتبدأ اللعب معهم وطرح الأسئلة والحزازير المسلية، وقد يشاركها في العيد ساحر يقوم بأعمال خفة مسلية للأطفال إلى حين موعد قطع قالب الحلوى وإطفاء الشموع .
"في كل الحالات بالنسبة لي قد لا يحل العيد الافتراضي أونلاين محل الاحتفال الذي اعتدنا عليه لأهمية التواصل المباشر مع الموجودين. لكن لا يمكن أن ننكر أنه الحل الأنسب في هذه المرحلة ليستمتع الطفل بعيد ميلاده، ولكي لا تمر هذه المناسبة حزينة ويكون الطفل فيها وحيداً ومن دون القيام بأي احتفال، يمكن أن يحتفل الطفل مع المحبين، وإن كانوا في منازلهم، في أجواء من الفرح".
أما بالنسبة لإلسا لمع التي احتفلت بعيد ميلاد ابنها نوا بهذه الطريقة فبدت تجربة ممتعة في هذه الظروف تسمح بالاحتفال بعيد الميلاد فيفرح الأطفال بهذه التجربة. وتشير إلى أن الاحتفال تميز بحضور الاصدقاء من مختلف أنحاء العالم من باريس وكندا وغيرهما فاستمتع الأطفال وغنوا معاً ورقصوا وتجاوبوا مع الألعاب الترفيهية.
الاحتفال الافتراضي بعيد الميلاد سيف ذو حدين
بالنسبة إلى المحللة النفسية في مستشفى ومركز بلفو الطبي ريما بجاني يبدو الاحتفال بعيد الميلاد بهذه الطريقة أشبه بسيف ذي حدين. فمن ناحية إيجابية هي تسمح بالتواصل مع الآخرين بطريقة افتراضية لاعتبار أن الظروف تمنع التواصل المباشر، لكن من جهة ثانية لا يمكن أن يحل شيء محل التواصل المباشر بين الناس، وهذا شيء مؤكد من الناحية النفسية. "تبدو الأمور في مثل هذه الحالات أكثر صعوبة مقارنة بالاجتماعات التي تتم عبر تطبيق Zoom نظراً لأن الأشخاص الذين يشعرون بخجل قد لا يشاركون أبداً بهذه الطريقة. وبالنظر إلى الناحية السلبية لهذه المشاركة، لا يمكن أن ننكر أنها قد تعرّض البعض إلى المزيد من الأسى والحزن والكآبة، لاعتبار أنها تتم بطريقة افتراضية بعيداً عن كل المحبين. لكن في كل الحالات لا بد من الأخذ بالاعتبار طبيعة الشخص وما إذا كان يتاقلم بسهولة مع التغيير، وإلى أي حد يعني له عيد الميلاد".
لكن بجاني لا تنكر أن لهذه الطريقة إيجابيات في هذه المرحلة، كونها تسمح بالاستمتاع بهذا اليوم كوسيلة للتعويض في ظل عدم توافر الظروف الطبيعية. وأياً كانت الظروف، لا يمكن أن تحل هذه الوسيلة محل الاحتفال العادي بالأعياد بحضور المحبين، ولا تحل محل التواصل المباشر، لكن تنصح بجاني بالتركيز على فكرة أن هذه المرحلة موقتة ولا بد لها من الانقضاء، ويمكن بعدها متابعة الحياة بكل ما فيها من مناسبات واحتفالات بطريقة طبيعية كما اعتدنا دوماً.