أكثر من 10 آلاف إصابة بكورونا وتراجع اقتصادي... الهند تمدّد تدابير الإغلاق الأكبر في العالم

أعلن رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي اليوم الثلثاء عن تمديد الإغلاق العام الذي يطال 1,3 مليار شخص بهدف الحد من تفشي فيروس كورونا المستجد، حتى الثالث من أيار على أقل تقدير. ويأتي القرار على الرغم من شكاوى ملايين الفقراء الذي باتوا بشكل تام تقريبا من دون أي دعم بعد خسارة أعمالهم وتوقف مصادر الدخل. وكان من المفترض أن يتم رفع تدابير الإغلاق العام التي فرضت في 25 آذار لثلاثة أسابيع ليل الثلاثاء.

وقال مودي في كلمة للأمة اليوم أنه "من الناحية الاقتصادية، دفعنا ثمناً باهظاً"، معتبراً أنّ "أرواح الناس في الهند أغلى بكثير". وأضاف: "يبدو واضحا من تجارب الأيام القليلة الماضية أن المسار الذي اخترناه صائب". ويأتي الإعلان في ظل نقاش عالمي بشأن كيفية رفع القيود للتخفيف من التداعيات الاقتصادية للوباء دون التسبب بارتفاع جديد في عدد الإصابات. وتحدث مودي عن "تخفيف محدود" للإجراءات اعتبارا من 20 نيسان في المناطق التي لا تسجل إصابات، كما سيتم الإعلان عن توجيهات جديدة لقطاعات الصناعة والزراعة الاربعاء.

وتشير البيانات الرسمية إلى أن دول جنوب آسيا لا تزال بمنأى عن الوباء إلى حد ما، بينما سجّلت الهند نحو 10 آلاف و800 حالة و353 وفاة. في حين يعتقد بعض الخبراء أن الهند لم تقم بما يكفي من الفحوص وأن العدد الفعلي للإصابات أعلى بكثير من ذاك المعلن. ونظراً للكثافة السكانية العالية في بعض مدنها، تسري مخاوف من أن يرتفع عدد الإصابات بشكل كبير ما قد يؤدي إلى انهيار منظومتها الصحية.

كذلك أعلنت بعض الولايات مثل ماهاراشترا، التي تضم مدينة بومباي المكتظة، وحيث يسجل أكبر عدد من الإصابات، وتاميل نادو وأوديشا تمديد الإغلاق. وأشادت منظمة الصحة العالمية اليوم بقرار الهند تمديد الإغلاق وقالت إنه "سيقطع شوطا طويلا في وقف تفشي الفيروس".

فقراء الهند

ألحق الإغلاق الذي يفرض قيوداً صارمة على التحرك ضرراً كبيراً بالاقتصاد وأثر خصوصاً على الفقراء في الهند. وخسر ملايين العمال المياومين وظائفهم بشكل مفاجئ ما أجبر مئات الآلاف منهم على السفر مئات الكيلومترات للعودة إلى قراهم، غالبا سيرا. وقضى عدد منهم في طريق العودة، فيما قوبل من تمكنوا من الوصول إلى قراهم بازدراء من الاهالي. وانتشر تسجيل على وسائل التواصل الاجتماعي يظهر مسؤولين محليين وهم يقومون برش مواد كيميائية على مجموعة من القادمين. في حين علق آخرون في مناطق مكتظة وسط ظروف غير صحية قد تعزز انتشار المرض. في وقت توفّر نيودلهي وحدها مئات آلاف الوجبات المجانية.

وفي العاصمة المالية مومباي، تجمّع نحو 800 عامل قدموا من خارج المدينة قرب محطة القطارات الثلثاء مطالبين بالسماح لهم بالعودة إلى بلداتهم قبل أن تفرّقهم الشرطة.

آلاف الشاحنات العالقة على الطرق

اشتكى المزارعون من عدم توفر اليد العاملة اللازمة لجمع المحاصيل فيما تحول آلاف الشاحنات المتوقفة على الطرق بسبب الإغلاق دون نقل المواد الغذائية. وقال مودي في خطابه الذي استمر 24 دقيقة "حاولنا أن نأخذ في الاعتبار الحفاظ على مصالح الفقراء والعمال المياومين عند اتخاذ هذه التوجيهات الجديدة". وأضاف أن "الحكومة المركزية وحكومات الولايات تعمل سويا لضمان ألا يواجه المزارعون أي مشكلات". ووصف حاكم المصرف الاحتياطي الهندي شاكتيكانتا داس فيروس كورونا المستجد بـ"القاتل الخفي" القادر على تدمير الاقتصاد. كما حذّرت نقابة المطاعم الوطنية، التي قالت إن أعضاءها يوظفون سبعة ملايين شخص في ارجاء البلاد، الاثنين من احتمال وقوع "اضطرابات اجتماعية" ما لم تتلق حزمة مساعدات مالية. في وقت حضت وزارة التجارة الحكومة، وفق تقارير، على التفكير في فتح مزيد من الأنشطة "مع تدابير سلامة منطقية" حتى وإن تم تمديد الإغلاق.

وعلى احدى طرق نيودلهي، قال رجل الأعمال مانوج إن من شأن الإغلاق أن يتسبب بتدهور الاقتصاد بشكل إضافي. وشرح لفرانس برس أن "الناس سيخسرون وظائفهم وستغلق الأعمال التجارية وستزداد البطالة وسيموت الجوعى". يذكر أن اقتصاد الهند يواجه، حتى قبل تفشي الوباء، صعوبات مع تسجيل أعلى نسبة بطالة في عقود. وتراجعت نسبة النمو إلى نحو خمسة بالمئة قبل الوباء وقال بعض المحللين إن النمو قد يشهد مزيدا من التراجع وصولا إلى ما بين 1,5 و2 بالمئة هذا العام، وهي نسبة أدنى بكثير من المطلوب لتوفير وظائف لملايين الهنود الذين يدخلون سوق العمل كل شهر.

وتوقّع صندوق النقد الدولي في تقريره الثلثاء أن تحقق الصين نموا بنسبة 1,9 بالمئة هذا العام قبل أن ترتفع النسبة إلى 7,4 بالمئة العام المقبل.