الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

الخصم القسري Hair Cut والحالة اللبنانية

المصدر: النهار
د. خلدون عبد الصمد
الخصم القسري Hair Cut والحالة اللبنانية
الخصم القسري Hair Cut والحالة اللبنانية
A+ A-

لا شك أن مصطلح الـHairCut أو الخصم القسري، هو ما يثير هلع الشعب اللبناني بكل فئاته. وبالتعريف العلمي الصرف، فإن هذا المصطلح هو حسم جزء من قيمة الأصول المالية، وعادة ما يستعمل خلال أو بعد الأزمات المالية التي تضرب الدول، وتكون الحل الأخير للنهوض بالاقتصاد الوطني، وقد استعمل هذا الإجراء مؤخراً في أزمة اليونان حيث بلغت قيمته ٥٠% في بعض الأوقات كما في عدة دول أخرى تأثرت من الأزمة كقبرص مثلاً، ناهيك عن استعماله بعد ازمة ٢٠٠٨ المالية العالمية بمسميات أخرى، أدت مع الوقت إلى الحد من تدهور الاوضاع نحو الأسوأ.

هذا بالمنطق الاقتصادي العام، أما على أرض الواقع، وفي دول تعاني من صعوبات سياسية، إضافة إلى الانهيار الاقتصادي كلبنان، فالوضع يختلف تماماً، إذ إنه وفعلياً ومن دون الإعلان عنه، بدأ سريان "الهيركات" منذ فترة، فعندما يخسر المواطن اللبناني ما يقارب النصف من مدخوله جراء تشريع سعرين للصرف أحدهما رسمي ومصرفي والآخر تجاري، وعندما لا يحق للمودع بالعملة الأجنبية سحب إيداعاته إلا وفق سقف يحدد من قبل المصارف، وتحويله إلى العملة الوطنية بالسعر الرسمي، في حين أن سعر الصرف في الأسواق ضعفا السعر الرسمي، نكون أمام عملية "هير كات" غير معلنة.

لن يعلن لبنان هذا الإجراء لسببين رئيسيين، أولهما أنه وكما ذكرنا، أن مفعوله يجري حالياً من دون الإعلان عنه، وثانيهما لعدم ضرب سمعة لبنان الدولية أكثر وخاصة بعد إعلانه عدم سداد ديونه الخارجية، فلبنان الآن يسابق الوقت بالنسبة للديون الداخلية من خلال عدة محاولات بائسة وخجولة اقتصادياً لن تجدي نفعاً مع نظام يعاني فساداً ومحاصصة هائلتين. وخارجياً لبنان وبعد ثورة ١٧ تشرين التي غيرت قواعد اللعبة وفتحت عيون الناس ووضعت المسؤولين تحت المجهر لأول مرة في تاريخ لبنان، وفي ظل الحكومة الحالية التي لا تحظى بثقة معظم الشعب اللبناني والمجتمع الدولي، اصبح يصارع بانتظار القرارات الدولية الاقتصادية، أما لجدولة الدين أو لأي إجراءات أخرى قد تطال اقتصاده ككل.

ومن هنا، لا يمكن للسلطات اللبنانية الدخول حالياً في دوامة أخرى تثير نقمة الشعب ككل، وخاصة إن كانت ستطال الشرفاء منهم وتترك من دون حساب من هرب أمواله إلى الخارج واستفاد من سوء المحاسبة والمراقبة وفساد الأنظمة، فلبنان حالياً يعيش أسوأ أوقاته الاقتصادية منذ الاستقلال، ولا يمكن لأي مسؤول تحمل تبعات اتخاذ قرارات تأخذ الجميع إلى المجهول.


الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم