الجيش الأبيض التونسي في مرمى كورونا... والحجر الصحي "مضر"

مليكة الجباري

مع كل يوم يزداد عدد المصابين بفيروس الكورونا في مختلف المحافظات التونسية من شمالها إلى جنوبها بسبب تنقل المواطنين بين مختلف الأماكن والمدن التونسية وعدم اكتراث البعض بأهمية الوباء وخطورته، فقد تجاوز عدد المصابين، اليوم 31 مارس آذار، الأربعمئة مصاب بهذا الفيروس بسبب عودة بعض العمال في قطاع السياحة من جزيرة جربة السياحية التي أُعلنت منطقة بؤرة لفيروس الكورونا، إلى مدنهم وقراهم الأصلية، وتغافلت غالبيتهم عن وضع أنفسهم في حجر صحي ذاتي، ما ساهم في انتشار العدوى الأفقية في صفوف المواطنين، من دون أن نغفل كثرة التواصل بين التونسيين سواء في المحلات التجارية أو من يواصلون حفلات الأعراس والأفراح العائلية التي عادة تكثر في شهر آذار وفي فصل الربيع عموماً. وضع صحي آخذ في التأزم مع إعلان تسع وفيات لمصابين بالكورونا وشفاء ثلاثة مرضى فقط بحسب وزارة الصحة التونسية لـ"النهار"، وهو ما جعل السلطات الصحية التونسية تدعو إلى ضرورة التقيد التام بالحجر الصحي العام بكل صرامة، وتطبيق حظر الجولان بكل جدية بداية من الساعة السادسة مساء حتى الساعة السادسة صباحاً، الذي أعلنه الرئيس التونسي قيس سعيد يوم 20 آذار الجاري، ودخل حيز التطبيق يوم 22 من الشهر ذاته.

اصابة الجسم الطبي

اللافت في الأمر أن عدوى فيروس كورونا طالت الإطار الطبي وشبه الطبي والممرضين وبعض العاملين في المجال الصحي، لعل أبرزها غلق مصحة طبية خاصة بالكامل خلال الأيام الماضية في ضاحية تونس العاصمة، بعد أن تبين أن مريضاً فرنسياً أقام بالمصحة المذكورة خمسة أيام وأجريت له عملية جراحية دقيقة، تأكد فيما بعد أن هذا المريض مصاب بفيروس كورونا، ما جعل وزارة الصحة التونسية تأمر بغلق المصحة ووضع حوالي 100 شخص يعملون فيها ومن بينهم أطباء في عديد الاختصاصات ومختصين في التبنيج وممرضين وحتى موظفين يعملون في الإدارة التابعة لها، في الحجر الصحي الطبي التام.

وضعٌ لا يحسد عليه بحسب مصدر طبي لـ"النهار" في اتصال هاتفي خاص. مسؤولة طبية أكدت أن المصحة فتحت أبوابها من جديد وظهور غالبية التحاليل التي تنفي إصابة هؤلاء بالكورونا في انتظار إتمام التحاليل على بقية المحجورين، مشيرة إلى أن ذلك خلق أجواء من التوتر والقلق لدى الممرضين والسلك الطبي عموماً.

خطر العدوى أيضاً طال أطباء المشافي العمومية التابعة للدولة حيث تم وضع طاقم طبي وشبه طبي وممرضين لقسم أمراض الكلى بالكامل بمشفى "شارل نيكول" أكبر مستشفيات العاصمة التونسية تحت الحجر الصحي التام. مصدر طبي أكد لـ"النهار" أن تحاليل الطاقم الطبي المذكور التي أجريت لهم أمس الأول نتائجها سلبية، وأنهم غير مصابين بالكورونا، موضحاً أن وضعهم في الحجر الصحي كان نتيجة شك في إصابة أحد أطباء القسم بالفيروس.

محمد أمين عصيدي طبيب، مختص في التبنيج يعمل بمشفى الأمراض الصدرية بضاحية أريانة، أكد لـ"لنهار" اليوم بصفة خاصة، وضع حوالي 90 شخصاً من الإطار الطبي وشبه الطبي بالمشفى المذكور في حجر صحي بسبب إصابة إحدى الممرضات بالكورونا.

أوضح مصدرنا أن حالة من القلق والرعب، حسب وصفه، تعمّ المشفى والعاملين فيه، مشيراً إلى أن نتائج التحاليل تظهر مساء اليوم أو يوم غد.

الحجر الصحي يضرّ بالأكل الصحي

مع تواصل مضاعفات أزمة فيروس كورونا على الحياة الصحية للتونسيين، فإن للجانب الآخر من الحياة مطباته أيضاً زمن هذه الجائحة، لعل أبرزها فقدان بعض المواد الغذائية من السوق والمحلات التجارية والفضاءات العامة والسوبرماركات الكبرى رغم تأكيدات مسؤولة بوزارة التجارة التونسية ليلى القصوري لـ"النهار" أن كل المواد الاستهلاكية متوافرة بالقدر الكافي وبالكميات المعهودة خلال هذه الفترة من كل سنة. 

من جهته، أوضح المختص في الطب النفسي الدكتور عطيل بسينوس، في اتصال خاص مع "النهار"، أن أي سلوك بشري يتسم بالقلق والذي يسيطر على التونسي خلال هذه الفترة يدفعه إلى تناول كميات غذائية مضاعفة وكنز أخرى خوفا من فقدانها يوماً ما من السوق إذا تواصلت أزمة الكورونا.

وهذا قد يفسر فقدان الكميات المعروضة والسلع المتاحة بصفة سريعة وهو ما يتعارض مع ما تشتهيه سفن الوزارة المعنية والحكومة التونسية، خاصة وأن تونس مقبلة على شهر رمضان الكريم خلال الأيام المقبلة، وهو شهر يرتفع فيه الاستهلاك ويصل إلى ذروته في تونس.