"النصرة" تتفوّق في صفقة تبادل تضمن لها تمويل القتال

عباس صباغ

مرة جديدة تنجح المعارضة السورية المسلحة في استثمار احتجاز الابرياء لابتزاز دمشق وفرض شروطها في صفقات التبادل. وبالامس استعادت "جبهة النصرة " المدرجة في لوائح الارهاب عدداً من المعتقلات، اضافة الى مبالغ مالية تضاربت المعلومات حول قيمتها،الا ان ذلك شكل مورداً اضافياً لهذه الجماعة للاستمرار في قتال الجيش السوري وحلفائه في منطقة القلمون التي تشهد معارك قاسية.


مجدداً يتكرر مسلسل الخطف والتفاوض وتحرير المخطوفين بعد تنفيذ الشروط. وبعد "لواء عاصفة الشمال" جاء دور "جبهة النصرة"، وربما تليهما "داعش" وغيرها في قضية المطرانين وغيرهما من المخطوفين، وبينهم حسان المقداد. حكاية خطف راهبات معلولا مطلع كانون الاول الفائت تشبه الى حد كبير "استضافة" لواء عاصفة الشمال في اعزاز على الحدود السورية – التركية 11 زائراً لبنانياً لـ515 يوماً تخللتها مفاوضات شاقة افضت الى تحريرهم في 19 تشرين الاول الفائت.


راهبات في مقابل معتقلات



بعد ستة اسابيع على تحرير الزوار اللبنانيين، ارتأت "جبهة النصرة " في القلمون تكرار تجربة "ابو ابرهيم" (قائد لواء عاصفة الشمال)، فأقدمت على احتجاز 13 راهبة ومعهن 3 من مساعداتهن بعد نقلهن من معلولا، وبقين لـ100 يوم قيد الاعتقال مع تأمين الظهور الاعلامي لهن مرتين بالتزامن مع بدء المفاوضات لإطلاقهن.
خلال فترة الاحتجاز كان ناشطون من "النصرة" يعملون على جمع اسماء المعتقلات المعارضات في سوريا، اضافة الى موقوفين اسلاميين في السجون اللبنانية.
استمرت المفاوضات وسط تجاذب وتعقيدات مماثلة لتلك التي رافقت المفاوضات لاطلاق مخطوفي اعزاز والامر انسحب على الوسطاء ايضاً .
قطر تلقفت اللحظة المناسبة وسط تعقيدات في المشهدين السوري والمصري انسحبت توتراً بين الدوحة وبعض دول مجلس التعاون الخليجي، فأوفدت مدير مخابراتها غانم الكبيسي الذي اكتسب تجربة جيدة في التفاوض مع المعارضين السوريين، وتعهدت الدوحة تأمين المطالب المالية للخاطفين، فيما حصل المدير العام للامن العام اللواء عباس ابرهيم على تسهيلات غير مسبوقة من القيادة السورية لإتمام صفقة التبادل.
واللافت في المفاوضات لاطلاق الراهبات انها ظلت بعيدة من الاعلام، مما اكسبها جدية، على خلاف ما رافق مفاوضات اطلاق الزوار اللبنانيين في اعزاز، الأمر الذي تسبب بإفقاد عملية التبادل بعض صدقيتها نظراً الى تحديد مواعيد كثيرة لإطلاقهم تبين لاحقاً انها غير صحيحة. اما على الضفة الاخرى فكان الخاطفون يجهدون لتحقيق المزيد من المكاسب مع حرصهم على تسمية الراهبات بـ"الضيفات".
مطالب الخاطفين خضعت لأخذ ورد حتى الساعات الاخيرة من اتمام صفقة التبادل وكادت تطيح المفاوضات لولا اصرار الجانب القطري على اتمامها ورفض الجانب اللبناني ومعه السوري تجزئة الملف وعدم قبول الشروط الجديدة.
أما العقدة التي لم تتم إثارتها فتكمن في اصرار الجهة الخاطفة على عدم اعطاء دمشق نصراً معنوياً بفعل عملية التبادل ورفضها ان تنقل الراهبات الى الداخل السوري، واقتراح ان تبقى الراهبات في لبنان ولاحقاً تقررن البقاء في بيروت، أو تذهبن الى سوريا، لكن هذا الاقتراح لم يصمد.


abbas.sabbagh@annahar.com.lb