الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

... لكنّنا عائدون لا محالة!

عقل العويط
عقل العويط
... لكنّنا عائدون لا محالة!
... لكنّنا عائدون لا محالة!
A+ A-

كلمتان مختصرتان على الواقف:

1- الحياة تختنق. تحشرج. تطلع روحها. أمّا السلطة، من رأسها إلى كعب قدميها، فمشغولٌ بالها على خيم الثورة. ذهب رجالها تحت جنح الليل، ليل الظروف المأسويّة، وظلام منع التجوّل، إلى حيث الخيم، وأزالوها من الوجود. ظنًّا منهم أنّهم، بذلك، يغتالون الثورة. وينتهون منها.

السلطة، هذه السلطة التافهة، مشغولٌ بالها على المحاصصات، وعلى التعيينات. مَن يشفط أكثر. ومَن يسجّل نقاطًا أكثر في ملعب الثاني. ومَن من هؤلاء المطلوب تعيينهم، يؤيّد جبران وتيّاره، ومَن منهم يؤيّد السيّد وحزبه الإلهيّ، ومَن منهم يؤيّد برّي وحركة "أمل"، ومَن منهم يؤيّد فرنجيّة وإرسلان، أو يؤيّد المجموعات الطائفيّة والحزبيّة المعارضة لهؤلاء الأطراف، وإلى آخره.

هذه السلطة، فلنفهم جيّدًا، لن تستعيد قرشًا واحدًا من الأموال المسروقة والمنهوبة أو المهرّبة.

لن. فلنفهم هذه الـ"لن" جيّدًا.

هذه السلطة، "ستقتصّ" فقط من ودائع المودعين، ولا سيّما الصغار منهم.

هذه السلطة، مستعدّة كلّ الاستعداد، للتنازل عن جزءٍ من سلطتها، فقط من أجل ضمان استمرار حروب الطوائف والمذاهب، وحروب أحزاب الطوائف والمذاهب. وليس لتأمين لامركزيّة الإدارة في الدولة.

من المؤلم والمفجع أنْ تنحدر بنا الحياة إلى الدرجة صفر، ليس بسبب اجتياح الوباء، ولا بسبب الانهيار الاقتصاديّ والماليّ والمعيشيّ فحسب، وإنّما بسبب عجز السلطة خصوصًا عن النهوض بمسؤوليّاتها البديهيّة والأوّليّة حيال المواطنين.

ثمّة مواطنون لبنانيّون متروكون في المجاهل، في الأصقاع التي لا عناوين لها، ولا أسماء، يئنّون تحت السماء القاسية، في أفريقيا، في آسيا، في أميركا، في روسيا، في أوروبا، في حين أنّ مشاغل السلطة الجوهريّة، فوق الطاولة وتحتها، تتمحور حول كيفيّة إدارة الحروب التافهة والصغيرة والدنيئة، من أجل انتزاع الصفقات، وتحقيق التمريرات، وملء مراكز ومناصب شاغرة، تنتظر من يملأها – هيهات - بموجب الحقّ والقانون.

"بقرة حلوب" جديدة وقعتْ في مسلخ أهل النهب والسرقة والفساد: المساعدات الماليّة أو الغذائيّة أو الصحّيّة الموهوبة للمواطنين المقيمين تحت درجة الذلّ.




تأمّلوا هذا العهر: لا هَمّ عند جماعة السلطة، إلّا كيف يتمكّن أطراف هذه السلطة، وأزلامها، وأبواقها، وإعلاميّوها، من بلع هذه المساعدات، بعض هذه المساعدات في الأقلّ، أو من تمنين المواطنين الأحرار الرازحين والمقهورين بهذه "الحسنة"، وتربيحهم ألف "جميلة" بأنّ العهد مثلًا – والحكومة – وأبطال العهد والحكم والحكومة – والحاكم بأمره – والأبواق – والفرّيسيّين - يفكّرون فيهم.

هذه "المساعدات" هي حقٌّ بديهيٌّ للمواطن على الدولة، يا جماعة العهر. وليست شفقة أو "حسنة".

هذه المساعدات، ليست سوى الضرائب التي يدفعها المواطنون، وهي ليست هبةً مستلّةً من جيبة أيّ سارقٍ من السرّاق والقوّادين الكبار أو أنصاف الكبار.

2- كلمة على الهامش، لكنْ أساسيّة: المواطنون الأحرار، واجبهم الأوّل – الآن – أنْ يكونوا سليمين محصّنين منيعين وأقوياء، جسدًا وروحًا ومعنويّات. واجبهم الثاني – المتزامن مع الأوّل – أنْ يخصّبوا عزلتهم بكيفيّات المواجهة السياسيّة – الوطنيّة الحتميّة مع السلطة، كلّ السلطة، أكان أطرافها مشاركين في جنّة الحكم والحكومة أم خارج هذه الجنّة.

إنّنا عائدون عاجلًا أو آجلًا. عائدون لا مفرّ.

[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم