الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

لن ينال الروتين من عزيمتي

المصدر: النهار
سعد نسيب عطاالله
لن ينال الروتين من عزيمتي
لن ينال الروتين من عزيمتي
A+ A-

أبدأ مقالتي هذه وأنا في غاية من الغضب، والقرف، والقنوط، والملل، والسأم، والتوتر. أحاول، منذ أيام عديدة، الركون إلى الحاسوب حتى أفرغ ما يحتشد في ذهني من شعور ومشاعر ثورية، أريدها أن تتأجج لهباً وناراً، في واقع بركاني، خارج التفكير النظري والمجرد، يطغى فيها الحق على الباطل، والخير على الشر، والشفافية على الغش والفساد، والنظام على الفوضى، والاهتمام على الإهمال، وقوة الحاكم العادل على قوة وبطش الظالم المتسلط، والمحبة على الحسد، والجرأة على الجبن، والنور على الظلمة، والأمل على اليأس.

أعيش في بلد، لا حول ولا قوة فيه سوى للفاسدين، والجبناء، والفضوليين، والانتهازيين، والثرثارين، والظالمين، والجاهلين، والتابعين لأسوأ المخلوقات البشرية وأكثرها شراً، وشرهاً، ونهباً، وتسلطاً ووساخة.

أعيش في بلد، لا ضمان للشيخوخة فيه سوى لحفنة من كهول الكراسي والمقامات الدنيوية والدينية.

أعيش في بلد، حسبته خلال نشأتي، موطناً آمناً، أعمل وأجهد له حتى يعمل ويجهد لي في المقابل، لكنه خيّب آمالي وظنوني وجهودي.

أعيش في بلد، لا خير لك فيه من جارك الطامع، والحانوتي السارق، والمسؤول الطامح، والغلاء الجامح، والبطالة المتكاثرة، وشريكك في الإرث الجاهل والحاقد والجشع.

أعيش في بلد، يسطو فيه الجاهل على العارف، والضحالة على التعمق، ومظاهر الحياة الفارغة على ضروراتها الأساسية، والعاهرة على الطاهرة، وحديثو النعم المشتبهة على الناس الأصيلين.

أعيش في بلد إعلامه رخيص، واقتصاده منهوب، وأمنه مغيب، وغذاؤه ملوث، وثقافته موجهة، وبطالته متفشية، وشبابه تائه، وعجزته مهملون.

أعيش في بلد، أخلد فيه إلى غرفتي عند غياب الشمس، ولا أغادرها قبل ظهيرة اليوم التالي، لا أتخطى فيه روتين اليوم السابق، أو الأسبق، أو أسبق، أسبق، أسبق، الأيام، والشهور، والسنين السابقة.

أعيش في بلد، يحكمه الجهلة، والسوقة، والأوباش، واللصوص، ويحميهم زعرانهم ودهماؤهم.

أعيش في بلد، يراهن معظم شعبه على ثورة سلمية أبدية، ضد أربابهم الإقطاعيين، والطائفيين والمذهبيين.

أعيش في بلد، لن تنتشل شعبه من مآسيه الدائمة سوى ثورة دامية، غير سلمية، يضحي فيها نخبة من الشرفاء بأرواحهم من أجل توفير وطن للأجيال القادمة، يتساوى فيه الجميع بالحقوق والحريات والواجبات المدنية الخالصة، والتخلص من ظلم رجال الدين، والدنيويين، الذين يتساوون في ظلم الناس واستغلالهم.



الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم